الشريط الإخباري

إنهاء الوجود الأميركي- بقلم: أحمد ضوا

تتعمد وزارة الدفاع الأميركية بث معلومات متضاربة عن سحب قواتها القتالية من العراق ومستقبل وجودها غير الشرعي في الجزيرة السورية وقاعدة التنف شرق سورية في محاولة منها للبقاء أطول مدة ممكنة في هذا الامتداد الجيوسياسي.

فبعد إعلان الحكومة العراقية عن الاتفاق مع الجانب الأميركي لسحب القوات الأميركية القتالية في العراق والاحتفاظ فقط بقوات تدريبية حسب َما أفضت إليه مباحثات الحوار الاستراتيجي بين البلدين صرح الناطق باسم البنتاغون أن بلاده “متمسكة بمهمتنا في العراق لمحاربة داعش” الأمر الذي أثار مزيداً من الشكوك حول نيات واشنطن ومدى التزامها بالاتفاق مع بغداد.

وفي سورية تربط الولايات المتحدة َوجودها غير الشرعي بمحاربة “داعش” فيما على الأرض تقوم بإحياء فلول التنظيم لاستهداف الجيش السوري الذي يلاحقهم في المناطق الصحراوية المحيطة بقاعدة التنف والمتواصلة معها وصولاً إلى ريف حماة الشمالي الشرقي.

المباحثات العراقية الأميركية متواصلة لتجاوز مماطلة القوات الأميركية في تنفيذ نتائج “الحوار الاستراتيجي” وهو ما كان محور لقاء رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قبل فترة قريبة مع وفد أميركي يرأسه منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بريت ماكغورك.

إن التحركات العسكرية الأميركية في سورية والعراق تثير الكثير من التساؤلات عن أهداف واشنطن، وملاحظة إدخالها لمعدات وذخائر وزيادة تحركاتها في الجزيرة السورية دفع بوزارة الدفاع الروسية إلى التعبير عن القلق من هذه التصرفات وتذكير الولايات المتحدة بأن الوجود الأميركي في سورية غير قانوني ولا شرعي وأن الجيش السوري قادر على ملاحقة التنظيمات الإرهابية الدولية والقضاء عليها.

يروج الإعلام الأميركي بين الفينة والأخرى لخلاف بين القادة العسكريين والسياسيين في واشنطن حول انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق ولكن الحقيقة هناك اتفاق بين الجانبين على عدم مغادرة كل القوات للبلدين، الأمر الذي يبقي استدامة عدم الاستقرار قائمة وإمكانية التدخل في شؤون البلدين الداخلية مفتوحة على كل الاحتمالات.

إن تعزيز التعاون السوري-العراقي الذي لا يزال دون طموح شعبي البلدين بكثير على كل المستويات من شأنه انتزاع حجة البقاء الأميركي، والتعاون الفعال بين جيشي البلدين كفيل باستكمال القضاء على فلول “داعش” من خلال اتخاذ العديد من الإجراءات العسكرية والمدنية والحدودية التي ستفضي بالمطلق إلى الانهيار الكامل للتنظيم لوجستياً وعسكرياً.

من المعلوم أن القوات الأميركية تستغل الحدود البرية بين البلدين لإدخال المعدات ونقل الإرهابيين إلى الجبهات المختلفة وهذه العملية تتم من تجاه العراق حيث القواعد الجوية الأميركية بينما سرقة النفط والقمح السوري تتم بالاتجاه المعاكس وهذا الأمر يستدعي من الحكومة العراقية أن تعمل على تنظيم الدخول والخروج عبر الحدود وحصر ذلك بالمنافذ الشرعية بين البلدين.

لا تتوقف محاولات البلدين لدفع العلاقات الثنائية، والرسالة الأخيرة من الكاظمي إلى السيد الرئيس بشار الأسد والتي تمحورت حول العلاقات الثنائية والأوضاع السياسية في المنطقة والتعاون القائم بين البلدين للقضاء على البؤر الإرهابية المتبقية في المنطقة الحدودية تعكس الرغبة المتبادلة إلى إيصال هذه العلاقات لوضعها الطبيعي ولكن انعكاس هذه الرغبة على الأرض ليس بالحجم القادر على حل المشكلات القائمة لأسباب متعددة، منها الوجود والتدخل الأميركي في صياغة العلاقات بين دول المنطقة وليس بين سورية والعراق فحسب.

إن الولايات المتحدة تتعامل مع دول المنطقة على أساس مشروعها الشرق أوسطي وتربط جميع الملفات والقضايا والأحداث التي كانت سبباً في نشوئها ببعضها البعض كي تدفع المنطقة إلى مزيد من التشظي والخلخلة ويكون لها القرار في أي حل من عدمه ولذلك تمارس ضغوطاً كبيرة لمنع قيام تعاون عربي-عربي ينحي الجانب الأكبر من المشكلات التي تعاني منها الدول العربية.

في الأشهر الأخيرة عاد الحديث في وسائل الإعلام عن توجه العديد من الدول العربية لترميم العلاقات فيما بينها وهذا سيؤتي أكله إذا اجتمعت النيات الطيبة والقرار والإرادة في مواجهة الضغوط الأميركية والغربية.

إن الوجود الأميركي غير الشرعي والقانوني في العراق وسورية سيديم حالة عدم الاستقرار في كلا البلدين ولذلك يجب أن يبدأ أي تعاون ثنائي بالعمل على إنهاء هذا الوجود بكل الطرق والأساليب المتاحة.

انظر ايضاً

بغداد–دمشق المطلوب اقتران الإرادة بالعمل… بقلم: أحمد ضوا

حظيت مباحثات السيد الرئيس بشار الأسد مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني