الشريط الإخباري

أسرة الشهيد العميد الطيار غالب علي: الشهادة مجد ورفعة… والشهداء قبس من نور وضياء

دمشق-سانا

على الجدار المجاور لسريره يحتفظ ضياء ابن الشهيد العميد الطيار غالب علي بصورة لأبيه الشهيد لتكون آخر ما تراه عيناه قبل نومه وأول شعاع من نور وضياء تشاهده في الصباح.

ضياء يستعيد مع الصورة ذكريات خمسة عشر عاما من عمره قضاها برفقة والده قبل استشهاده عام 2012 ويقول لـ سانا وعيناه تختصران الحديث بمزيج من دموع وفخر… كان عمري خمسة عشر عاما عندما استشهد أبي وكنت أستعد وقتها لامتحان شهادة التعليم الأساسي.. عند تلك اللحظة شعرت بأن الزمن توقف ويضيف.. ألم فقدانه يرافقني حتى اليوم وشعوري بأني أصبحت يتيما ليس سهلا أبدا.

ويتابع ضياء: ما يعزيني حقا أن أبي العميد الطيار كان بطلا مقداما واجه الموت أكثر من مرة بحوامته التي تعرضت للضرر يوم الهجوم الذي شنه الارهابيون على مطار مرج السلطان العسكري بالغوطة الشرقية.. بهذا الهجوم استشهد والدي في الرابع والعشرين من تشرين الثاني عام 2012.

ضياء الذي يفخر بأن والده الشهيد امتطى صهوة المجد وسار في مواكب الخالدين إلى العلياء يجد في كلام رفاق والده الذين قاتلوا إلى جانبه دفاعا عن الوطن العزاء الكبير وهي كلمات لا يمكن أن تعبر عن الملحمة البطولية التي اجترحها أبطال مطار مرج السلطان حيث يقولون في كل مناسبة يلتقيهم فيها: “افتخر يا بني والدك كان بطلا استشهد بأرض المعركة وأخلص لبلده حتى آخر نقطة دم سالت من جسده الطاهر وروت تراب المطار”.

وهكذا كان.. استشهد والدي وهو مرابط في مطار مرج السلطان العسكري بعد أن تعرض قبلها لكمين غادر نصبه الإرهابيون له ولزملائه في منطقة عقربا بريف دمشق أثناء عودتهم من مطارها العسكري إلى منازلهم ليلتحق بعدها بأسبوع بمطار مرج السلطان في الغوطة الشرقية بعد ان قطع الطريق المؤدية إليه المحاطة بالإرهابيين ليلتحق حاملا دمه على كفه كما يقول ضياء.

كنت آخر من التقى وتحادث مع والدي من بين أفراد أسرتي يوم التحاقه بالمطار وقبل شهر من تاريخ استشهاده كلمات قالها ضياء وغص بين أحرفها بدمعة حرقت مقلة عينيه وقلب والدته هويدا أسعد التي كانت تجلس إلى جواره وهو يتحدث لتقاطعه بكلمات تنضح فخارا وعزة… ما أجمله من لقاء يا ولدي وتقوم من مكانها لتقبل عينيه التي رأت والده لآخر مرة.

وتتابع السيدة هويدا كلماتها مخاطبة ولدها.. اجعل هذا الفخر نبراسا يضيء دربك لتحقيق ما كان والدك الشهيد يتمناه بأن يراك “طبيب أسنان” وها أنت اليوم يا ولدي تسير في طريق تحقيق هذا الحلم وتقول.. ابني البكر نور رهنته لوطنه بعد استشهاد والده وهو اليوم في صفوف الجيش العربي السوري يكمل مسيرة والده ويدافع عن وطنه.

وتستذكر زوجة الشهيد آخر اتصال مع زوجها قبل استشهاده بيوم واحد وتقول بحزن.. “أخبرني أنهم يتعرضون لهجوم من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة وقال لي انت امرأة مؤمنة بقضاء الله وقدره وهذا واجبي تجاه وطني أن ادافع عنه بدمي وقد لا أعود.. أوصيكي بأبنائي خيرا فازرعي حب الوطن في عروقهم وقلوبهم البريئة”.

وبقناعة تامة وإيمان مطلق بالنصر تختم السيدة هويدا حديثها قائلة: “الحرب على سورية كبيرة ولا بد أن نقدم أغلى ما لدينا دفاعا عن بلدنا وسيكون النصر حليفنا بإذن الله لأننا أصحاب حق”.

 رحاب علي