الشريط الإخباري

الأصالة والالتزام أهم إصدارات الشعر بالهيئة السورية للكتاب

دمشق-سانا

تمكنت الهيئة العامة السورية للكتاب واتحاد الكتاب العرب من إيجاد معادل موضوعي في باعة كتب الشعر التي أصدرتها في الآونة الأخيرة من خلال انتقاء اعتمد على أسس شعرية دقيقة من أسلوب شعر الشطرين إلى التفعيلة مع ترك نصيب للشعر الحديث الذي تميز بصوره وأفكاره الجديدة والمبتكر.

وانتقت الهيئة من شعر التفعيلة مجموعة رحيق احتضار للشاعر غسان كامل ونوس التي قدم فيها مجموعة من القصائد الانسانية والتي اهتمت بهموم الانسان عبر دلالات ورموز مليئة بالمفاجئات إلى حد الدهشة دون أن تهمل أي جانب فني معتمدة على الموسيقى بشكل منتظم ومتناغم وقريب من عاطفة المتلقي وذائقته حيث تمكنت من كسر احتكار التاريخ الشعري لمجموعات معينة وتلافي الوقوع في أي خلل بحجة الانفتاح كما جاء في قصيدة تراب..6

زمان تولى .. ووقتك جاء يقول التراب المقيم .. بظاهر عمر يراود أفق وماء .. ارتضيت القتام زمانا.

وفي منشورات الهيئة جاءت مجموعة شعرية بعنوان سوناتا تبعثر الكستناء للشاعر أوس أحمد سعد بشكل حداثوي جديد إلا أنه تمكن من الاعتماد على الايحاء والموسيقا المتداخلة مع اللواعج النفسية والداخلية للشاعر محاولا أن يبتعد عن الضبابية والسقوط في غياهب الرمز فذهب إلى الأزمة في سورية وما تعرض إليه السوريون خلالها من تفجيرات إرهابية افتعلها المتآمرون بتعليمات من الغرب والصهيونية فقال في قصيدة بعنوان الدويلعة..

قالت سوناتا. . دون أن .. ترفع رأسها .. عن الكتاب.. لا تخافوا .. مجرد انفجارات قريبة .. تحاول منعي من إكمال واجبي المدرس.4

أما اتحاد الكتاب العرب فنشر عددا من المجموعات الشعرية التي اهتمت بالقضايا الانسانية وبالتصدي للأزمة دون أن تهمل الأسس والمرتكزات الشعرية وكان منها نرجسة الحروف للشاعر اسماعيل ركاب التي أتت على شكل منمنمات شعرية تحاكي القضايا الانسانية بأسلوب يميل إلى الومضة والاستعارات المكنية والالتزام بالوزن والموسيقا والعاطفة كما جاء في نص عقوق الذي اعتمد صيغة متفاعل كنغمة موسيقية يرتكز عليها النص ومن..

خذني وبادر بالهطول .. ولنزرع الدنيا بذورا من إباء حين ذاب الثلج .. واتضحت مجاهيل الأمور .. وخيم الحقد الدفين ..على ابتهالات الطلول.

وعبر الشاعر الدكتور نزار بني المرجة في مجموعته نام الغزال الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب عن انحراف الإنسان ونهمه لسفك الدماء فانتفى البحر الكامل الخليلي ليبعث فيه قاربه الشعري ويسقط حادثة مقتل هابيل على يد أخيه قابيل ولتكون الجريمة الأولى في الحياة فتلتها جرائم أخرى معتبرا أن المجرم شخص أناني يقتات الحقد والكراهية ويكره العيش لغيره فكتب في قصيدة قال قابيل ..

قابيل قال .. وفي الحديث دماء .. والسامعون جميعهم أشلاء وحدي سأحياها الحياة ومتعتي .. للأخرين نهاية وفناء لا شيء غير الموت يا لبضاعة .. تنهي الحياة فتنتهي الأشياء.5

وفي سلسلة كتاب الجيب الشهرية التي تصدر مع مجلة الموقف الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب نبذة عن حياة الشاعر والثائر الشيخ صالح العلي والذي اعتمد الشعر الأصيل بأسلوب الشطرين رغم تفوق العاطفة الشعرية على المقومات الأخرى كالصور والايحاءات والدلالات والمناخ العام الذي استوحاه من ثورته ومقاومته للاستعمار الفرنسي كما جاء في قصيدته يا فرنسا.. حيث قال..

يا فرنسا لا ترومي شرقنا .. إنه الغيل وفي الغيل أسود فسريا انا إذا ما طلعت .. وتراءت تملأ الدنيا عتادا وجنود.

أما المجموعة الشعرية قبل الغروب بدمعتين للشاعر محمد حديفي والمنشورة في اتحاد الكتاب العرب فيها الكثير من الحزن والأسى التي شاءت روح الشاعر أن تتكون مع الفاظه في قصائد شعرية اعتمدت التفعيلة وشعر الشطرين حيث غلب عليها الطابع الانساني والحنان والشوق والغربة والامل كما جاء في نص ارتحال..

يبكيك مثلي يمام الدار والشفق .. وموكب الطير والأشجار والألق

والنجم في الليل يبكي فرط وحشته .. غاب الندين الذي من نبضه

الألق قد ينزل البدر مخمورا يسامره .. فيشعل القبر قنديلا ويرتفق.

ومن خلال المجموعات النثرية التي طبعتها هيئة الكتاب واتحاد الكتاب ظلت السوية الفنية مرتفعة فيها حافظت على نغمة موسيقية داخلية حتى ولو لم تلتزم تفعيلات الخليل كما جاء في مجموعة دعوا الحمام ينام لبديع صقور والصادرة عن هيئة الكتاب ومجموعة الأرض لعلي الحموي والصادرة عن اتحاد الكتاب العرب فضلا عن نشر نصوص أدبية ذات مستوى فني كمجموعة حالات لاعتدال رافع اضافة إلى شعر كتب بلغات متعددة مثل أنا من سلالة الصخور للشاعر حامد بدر خان الذي اشتهر بشعر كتب بعدة لغات كالتركية والفرنسية والكردية كما نشر اتحاد الكتاب رباعيات الخيام التي اختارها مالك صقور وقدمها حسين جمعة وكان قد عربها الشاعر العراقي الراحل أحمد الصافي النجفي.

وعن الشعر في الهيئة العامة واتحاد الكتاب قال الشاعر والناقد العراقي الدكتور علي العبيدي.. تجاوز الشعر في سورية كثيرا من المحافل الثقافية وما نشرته المؤسسات في سورية دليل على ذلك سواء أكان الهيئة أو اتحاد الكتاب فلم يهملا أي جانب من جوانب الشعر مع مراعاة الظروف الموازية للنقد والأشكال الشعرية بأنواعها كافة وهذا أيضا موجود في الدوريات التي تنشرها المؤسسات الثقافية.

في حين رأى الناقد والباحث طلال الحديثي أن سورية أثبتت عبر الأزمة انها موئل الحضارات ولم تتخل عن العراقة والأصالة واستمرت وواكبت المتطلبات النفسية والثقافية والاجتماعية للشعر فاهتمت بالأصيل وبالحديث دون أن تتخل عما ورثه الشعر والأدب من أسس تجعله خالدا في التاريخ إضافة إلى ما تنشره بعض دور النشر الخاصة كالشرق والعراب وغيرها.

محمد الخضر