دمشق-سانا
كالنار في الهشيم يواصل فيروس كورونا انتشاره في العالم بسلالته القديمة والمتحورة مخلفاً وراءه نتائج كارثية لم تقتصر فقط على ملايين الأرواح من البشر والخسائر الفادحة لكبرى اقتصاديات العالم وإنما وصلت تداعياته لكرة القدم العالمية حيث أصبح هو المتحكم في بعثرة أوراقها والمحدد لمواعيد وجداول مبارياتها والمتلاعب بمستقبل نجومها.
حال كرة القدم لم يختلف عن باقي القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والترفيهية في العالم ففي عام 2020 استطاع الفيروس التأثير عليها عبر حرمان كبرى الأندية من موارد مالية كانت تعول عليها من خلال ريع المباريات وعوائد البث التلفزيوني وذلك لإبرام صفقات وتحسين البنية التحتية للأندية إضافة إلى حرمان الجماهير الغفيرة للعبة من شغفها بمتابعة فرقها من على المدرجات وذلك نتيجة توقف الدوريات المحلية والمسابقات القارية وتأجيل أهم البطولات الدولية.
الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” وعبر موقعه الرسمي قدر هذه الخسائر بـ 11 مليار دولار وذلك بسبب إلغاء أو إرجاء المباريات والبطولات والملاعب الخالية من الجماهير ونقص عائدات حقوق البث التلفزيوني ما دفع أكثر من 150 اتحاداً محلياً إلى طلب مساعدة من صندوق الإغاثة الذي أنشأه الاتحاد الدولي والبالغة قيمته 1.5 مليار دولار.
وتشكل تلك الخسائر المالية العقبة الكبرى أمام النوادي حيث كشف الفنلندي أولي رين رئيس اللجنة التوجيهية لفيروس كورونا في الفيفا عن التأثير المالي الحقيقي للجائحة على كرة القدم قائلاً “إنه في حين كانت أوروبا الأكثر تضرراً من حيث التكلفة فإن الاتحادات خارج أوروبا هي التي عانت بشكل أكبر وتحديداً في أميركا الجنوبية بسبب مواردها النسبية والموسم الكروي الذي يمتد من الربيع إلى الخريف” وذلك حسب الموقع الرسمي للفيفا.
وفيما لفتت شركة “ديلويت” المختصة في مجال التدقيق المالي في بيان لها أوردته وكالة فرانس برس إلى أن الأندية الـ 20 الأعلى دخلاً في كرة القدم الأوروبية واجهت خسارة بأكثر من ملياري يورو بسبب تداعيات جائحة كورونا أظهر التقرير الأخير لشركة “فوتبول ماني ليغ” أن إيرادات الأندية العشرين تراجعت بمقدار 1.1 مليار يورو في موسم 2019-2020 بسبب إقامة المباريات خلف أبواب موصدة وتراجع الدخل من حقوق البث التلفزيوني.
وقدر تقرير الـ “فوتبول ماني ليغ” إجمالي الخسائر في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى “إنكلترا وإسبانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا” إضافة إلى مسابقتي دوري الأبطال والدوري الأوروبي “يوروبا ليغ” بنحو 1.2 مليار يورو.
ولم تقتصر خسائر الأندية على قلة الإيرادات المتعلقة بالجمهور وحقوق البث التلفزيوني وإنما طالت أيضاً سوق انتقالات اللاعبين حيث أثر كورونا بشكل كبير على القيمة المالية للاعبين الأمر الذي أوضحته دراسة لمرصد كرة القدم “سي اي اس” ونشرها موقع “فوربس” المختص بالمال والاقتصاد والتي كشفت انخفاض قيمة اللاعبين في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى بنسبة 28 بالمئة او ما يقدر بنحو 23.4 مليار يورو بسبب تعليق العديد من البطولات والمسابقات المحلية والدولية لعدة أشهر.
أما شبكة “كيه بي ام جي” الهولندية للدراسات المالية فأكدت في دراسة لها حول مدى تأثير فيروس كورونا على قيمة اللاعبين في سوق الانتقالات أجرتها على 4200 لاعب في الدوريات الأوروبية العشرة الكبرى حدوث انخفاض بلغ 6.6 مليارات يورو على قيمة اللاعبين وذلك بسبب الإجراءات الحكومية المتعلقة بالفيروس ولاسيما تعليق البطولات.
وأظهرت بيانات نشرها الاتحاد الدولي لكرة القدم على موقعه أن إجمالي الإنفاق في سوق الانتقالات عام 2020 وصل إلى 5.63 مليارات دولار مقابل 7.35 مليارات دولار في 2019 ما يعتبر أقل إجمالي في تاريخ سوق الانتقالات منذ عام 2016 عندما أنفقت الأندية حول العالم 4.6 مليارات دولار.
واستأنفت العديد من دول العالم نشاطاتها الكروية لكن مع تطبيق إجراءات مشددة للوقاية من الفيروس ولاسيما خوض المباريات من دون جمهور ما انعكس سلباً على مستوى أداء اللاعبين بشكل خاص وعلى جمالية المباريات بشكل عام.
فهمي الشعراوي