دمشق-سانا
الثامن عشر من كانون الأول الذي يصادف اليوم اختارته منظمة الأمم المتحدة ليكون يوماً عالمياً للغة العربية إحدى اللغات الرئيسية المعتمدة فيها والتي ظلت طوال قرون لسان حال تنطق به مئات الملايين وحاضنة لإرث حضاري فريد تشارك به العديد من شعوب العالم.
وحول الاتجاه الدولي لتكريس الاحتفال بلغتنا العربية ترى الباحثة والدكتورة وجدان محمداه في حديث مع سانا الثقافية أن الواقع ولغة الأرقام هما من يؤكدان أهمية لغة الضاد فعدد متحدثيها وصل إلى 422 مليون نسمة وهناك توقعات تقول إنه في عام 2050 سيصلون إلى 637 مليون نسمة مبينة أنها لغة العالم الرابعة وتنتمي إلى قائمة اللغات العالمية الرسمية التي تضم ست لغات فقط لذلك كان من الطبيعي أن تحظى العربية بهذا الاهتمام.
ولكن احتفاء المؤسسات الدولية بلغتنا لا يشاركها به الكثير من المجتمعات العربية وفقا لمحمداه التي ترى أن هذه المجتمعات لا تنظر بعين التقدير إلى لغتنا حتى إن الأسرة العربية اليوم تتباهى بإتقان أبنائها للغات الأجنبية في المقام الأول ولا تتعاطى مع اللغة كأحد أهم مقومات الهوية وتستحضرها من باب الحنين لا من زاوية تفعيلها والإيمان بحيويتها الدائمة.
وترى محمداه أن العلاقة باللغة العربية اليوم يكتنفها الكثير من الذبول وخفوت الشغف بمكنوناتها وبسحرها الحضاري التاريخي مشيرة إلى أن العربية صارت تتغذى من تاريخها ومن موروثها الثقافي وتستثمر خاصياتها في البقاء وقدرتها على الصمود لأنها تعاني في الوقت الراهن من إهمال الناطقين بها.
وتنبه محمداه إلى أن الانفتاح على ثقافات العالم ولغاته ينبغي ألا يجعلنا نفرط بأهم مقوم من مقومات هويتنا وهي اللغة مع وجوب تلافي التقصير الناجم عن غيابنا في مجالات الإسهام العلمي بلغتنا الأم والتصدي لمحاولات إظهارها بأنها لا تواكب الزمن وبأنها خارج التاريخ وتعيش في زمن الماضي.
كما أن الانفتاح على اللغات الأجنبية وإتقانها واستعمالها لا يعني كما ترى محمداه التفريط في لغتنا لأن من يفرط في لغته سيهدد هويته وثقافته.
وتختم محمداه حديثها بالإشارة إلى ضرورة ألا نسمح للواقع العربي وما تمر به منطقتنا من أزمات بأن يوثر على ركائز ومقومات ثقافتنا وأن يؤدي بنا إلى الانصهار طواعية في ثقافة الآخر إلى حد الذوبان.
والدكتورة وجدان محمداه حاصلة على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة دمشق وهي ناقدة لها مجموعة من الأبحاث العلمية التي نشرت في مجلات محكمة منها الأدب المقارن في مؤلفات النقد الأدبي الحديث في سورية وصورة البلاد والشعوب الأخرى في مؤلفات الأدب المقارن والنقد الأدبي الحديث في سورية إضافة إلى مجموعة محاضرات قدمتها في المراكز الثقافية ومنها الدراسات الصورية في الأدب السردي العربي وحنا مينه ذاكرة وطن.
ميس العاني