الشريط الإخباري

رماد الحرائق ينتفض حياة وجمالاً بإرادة السوريين في مشتى الحلو

طرطوس-سانا

لم تنل النار من جمال أرض سورية بل بدت أجمل بأيادي أبنائها الذين جعلوا من إرادتهم سبيلاً للتكاتف والعمل لاستعادة الحياة عبر نماذج عديدة منها الملتقى الثقافي العائلي في مشتى الحلو بمبادراته المتنوعة والمتواصلة.

بعد كارثة الحرائق التي ألمت بقرى ومناطق سورية عديدة عمل الملتقى على تحويل الحطب إلى فن والرماد إلى حياة جديدة مجسدين بذلك إرادة السوريين ومحبتهم لأرضهم ووطنهم.

“كان لا بد من الاعتماد على الإرادة والمحبة والأمل لإعادة زراعة ما التهمته نيران الحرائق من أشجار حراجية وتحويل بعض هذه الأشجار من حطب إلى منحوتة وعمل فني رمزي” بهذا استهل رئيس الملتقى وائل الصباغ حديثه لـ سانا مضيفاً “إن التنسيق كان من خلال لقاء شجرنا الذي دعي له بعد الحرائق وتم خلاله التشبيك بين الفاعلين بالمجال البيئي لنكون يداً واحدة إضافة إلى التنسيق مع مديرية الحراج بالمنطقة للمساعدة في تأمين الغراس”.

وأشار إلى أن مبادرات الملتقى تقوم بشكل تطوعي وبجهود شخصية من أبناء المنطقة وبمساندة المغتربين لتأمين آليات ثقيلة للقيام بعمليات الحفر ضمن المساحات الكبيرة والأراضي الوعرة.

وأوضح صباغ أنه نتج عن لقاء شجرنا تعهد الملتقى بحملة تشجير تشمل أغلب القرى المتضررة بالتعاون مع مديرية حراج صافيتا حيث تمت زراعة أكثر من 6 مواقع و2000 شجرة حراجية لغاية الآن لافتاً إلى مواصلة العمل في باقي المواقع خلال الأسابيع المقبلة.

وغدت شجرة الزيتون المحروقة الواقعة في أرض كنيسة مار الياس ببيت زهرة معلماً فنياً شاهداً على قسوة الظروف التي مرت بهذه الأرض وعظمة إرادة وثقافة أهلها المنشدة للحياة والجمال فتزينت بأعمال فنية شكلتها أنامل مجموعة فنانات منهن لينا ديب ويسرى محمد وغادة حداد وبتول ماوردي وعلا هلال وأمل زيات إضافة إلى مساعدة أطفال القرية وفقاً لصباغ.

ولا يخلو إنجاز نشاطات الملتقى من صعوبات لفت إليها صباغ كالرعي الجائر وقطع الأشجار المستمر ورمي الردميات على جانبي الطرقات وفي الأحراش إضافة إلى شح الأمطار مؤكداً أنه رغم ذلك استطاع فريق الملتقى بالتنسيق مع البلدية ومديرية الحراج وحتى مع أصحاب المواشي البدء بتشجير المنطقة والحفاظ على أشجارها وخضرتها.

وعن رمزية عمل الملتقى ورسالته بين صباغ أنه فعل يتجسد بإعادة زراعة أحراشنا وغاباتنا لأنها جزء من حياتنا وتاريخنا وستكون مستقبل أبنائنا وفي ذلك رسالة لما نحمله من قيم إنسانية نبيلة من حب للطبيعة وتمسك بالأرض وقدرة على تحويل الأزمات إلى فرص جديدة للحياة.

يذكر أن الملتقى الثقافي العائلي في مشتى الحلو تجمع أهلي غير ربحي قائم على العمل التطوعي في المجال الثقافي والبيئي منذ 2013 بعد سقوط جذع كبير من شجرة الدلبة المعمرة وسط بلدة مشتى الحلو حيث قام الملتقى بتحويله إلى منحوتة خشبية سميت بالولادة ترمز إلى البقاء والاستمرار من خلال تجسيد امرأة واقفة بقوة ويد باتجاه السماء ويدها الأخرى إلى الأرض.

ويعمل الملتقى في المجال الثقافي والفني بكل أشكاله من المسرح والسينما والموسيقا والتصوير والمعرض والأمسيات إضافة إلى مهرجان دلبة مشتى الحلو السنوي والنشاط البيئي مسير التشجير.

مها الأطرش

انظر ايضاً

مشتى الحلو وحكاية 170 عاماً من ذكريات معمل حريرها

طرطوس-سانا على الطريق الطويل إلى معمل الحرير في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين …