قصيدة الفن.. لون تراثي متميز في السويداء ينتظر من يغوص في بحره ويكشف كنوزه

السويداء-سانا

قصيدة الفن نمط من الغناء الشعبي الذي نجده في أكثر من منطقة سورية كأحد ألوان التراث الذي تناقلته الأجيال لكن له خصوصية في محافظة السويداء كونه خضع لألوان شتى من عمليات التطوير وبات لسان حال يحكي عن الأحداث الجسام التي عاشتها المنطقة عبر أكثر من 100 سنة.

وقصيدة الفن وفق الباحث في التراث معين العماطوري شكلت مكانة مهمة في التراث المحلي بالسويداء وعبرت عن مكنون الشخصية وبرهنت على مدى العلاقة الترابطية الاجتماعية وتغنى بها الأهالي لقربها من واقعهم مبينا أنها تحمل جوانب من الإبداع وخاصة في الاستعراض الصوتي والألحان الشعبية المتعددة التي تمنح المؤدي والمؤلف إبداعا في أسلوب تقديمها كونها تحتاج إلى أصوات قوية وصافية وإيقاع موسيقي وقدرة على إيصال الكلمة المغناة الشعرية للمتلقي بحروفها الواضحة وكلماتها المعبرة.

ولقصيدة الفن كما ذكر العماطوري أوزان وبحور متعددة وغالبا ما تكون على أربعة بحور هي الرجز والرمل والمضارع ومجزوء المتدارك مشيرا إلى أن الخيال لدى الشاعر فيها يكون مفتوحا ولديه متسع للتعبير عن الأفكار ونقل الهموم ومعالجة المشاكل وفقا للهدف من القصيدة إذا كانت اجتماعية أو وطنية أو غزلية أو وجدانية أو حتى ساخرة.

وأوضح العماطوري أن قصيدة الفن سادت في نهاية القرن الـ 19 على أيدي الشعراء أمثال اسماعيل العبد الله وسلامة أبو عاصي وشبلي الاطرش وفي القرن الـ 20 نجم العباس وعيسى عصفور وجاد الله سلام وغيرهم مبينا أنها نمط غنائي مليء بالانفعالية والعاطفة والإحساس.

ويتباين استخدام المفردات التي كانت سائدة في قصيدة الفن سابقا عنها اليوم كما ذكر العماطوري وذلك لاعتبارات أهمها اختلاف الواقع وتقنية العصر بين الصورة البطيئة والسريعة وتعدد الموضوعات الملزمة للشاعر والتنوع في اختيار الوزن والإيقاع والألحان لافتا إلى أن قصيدة الفن تنتظر من يغوص في بحرها ويكتشف كنوزها.

ووفقا للباحث سلمان البدعيش فإن سكان جبل العرب لم يكتفوا بفنون بلاد الشام التي أحضروها معهم عند السكن في الجبل وكذلك الفن البدوي الذي اكتسبوه إنما أوجدوا فنا خاصا بهم كان أبرزه قصيدة الفن التي لا مثيل لها في بلاد الشام وكان لها نوعان من التأليف الوطنية التي تسجل الثورات ضد الاحتلال الأجنبي والنضال والغزلية.

وبين البدعيش أن مؤديي قصيدة الفن يقفون عادة على نسق واحد ليؤدي من يقف منهم على الرأس الأيمن مقاطع والباقون يرددون اللازمة ويسير هذا النسق بخطوات بطيئة تتناسب مع إيقاع اللحن لقصيدة الفن كما يتحركون بدوران بطيء نحو اليمين دورة كاملة ليشاهدهم جميع الحاضرين في المناسبة.

ويوضح البدعيش أنه يؤخذ على قصيدة الفن بطء أدائها وايقاعها متكرر اللحن الذي يستغرق من ربع ساعة إلى نصف ساعة كما لا يستخدم عادة مع قصيدة الفن أي آلة موسيقية أصولا لكن بات البعض يرفقها بالشبابة والمجوز مشيرا إلى وجود قصيدة فن مشهورة للشاعر سلمان نفاع بعنوان “محبوب قلبك بالهوا سميتني” انتشرت في كل أنحاء سورية والوطن العربي حيث غناها الكثيرون على آلات حديثة وإيقاع حديث وهذا ما يؤكد برأيه أن الوصول للعالمية يبدأ من الفن المحلي الخاص.

عمر الطويل

انظر ايضاً

استمرار عملية تسوية أوضاع عناصر وصف ‏الضباط والضباط والعاملين المدنيين التابعين لوزارة الداخلية من النظام البائد في أحد مراكز السويداء