رسائل صمود بالخط العريض

لعلها ليست صدفة أن يختار السيد الرئيس بشار الأسد منطقة جوبر ليطوي سفر العام 2014، مجدداً إصرار سورية على النصر من مواقع أبطال الجيش العربي السوري المرابضين في مواجهة أخطر أشكال الإرهاب المتدفق إلينا من كل حدب وصوب.

فثمة استنتاجات عميقة، وصلت على شكل رسائل أجاد قراءتها المحللون السياسيون والمراقبون باهتمام لإحداثيات مستقبل المشهد في صراعنا نحن السوريين مع “مكنات صناعة الموت وتقويض كل الملامح الجميلة في هذه الحياة”.. استنتاجات كان الأكثر وضوحاً فيها على المستوى الإنساني، الإشارة الجديدة المتعلقة بمعادلة التلاحم بين القائد والجيش والشعب، ولغز صمود سورية، أما في البعد الاستراتيجي فمختصر القول عبارة من ثلاث كلمات: “نحن من يقرر”، وعدّتنا في ذلك صمود جيشنا البطل.. وننقل هنا فحوى تقاطعت عندها تحليلات ارتكزت على قراءات معمقة لمجمل تفاصيل آخر ما حُرّر بشأن “الملف السوري”.

الآن يطفو على السطح حديث عن الحل السياسي عبر طاولات الحوار بغض النظر عن مطارح تموضعها، واللافت والمثير للريبة معاً كثرة الأجندات المتداخلة والأوراق التي يلقي بها أطراف غير معنيين أساساً بشيء اسمه حوار، فثمة من رفض دون أن يدعوه أحد للموافقة، وآخرون دفعوا بشروطهم قبل أن يسألوا عن إمكانية السماح لهم بالجلوس على الطاولة، وصنف ثالث اختار العودة إلى المربع الأول والتهديد من موقع إفلاس شبه مُعلن، وسلسلة من المقاربات الكئيبة من النوع الذي لا يمكن وصفه إلّا بـ “اللغبصات الحمقاء” التي لا تترك سوى بصمات أصحابها السوداء ليسجلها التاريخ عليهم قرينة إدانة عصيّة على التمويه، وهذه مقدمات أفضت بمن تناولها بالتحليل للبوح بقناعة مفادها أن الحل الأكثر واقعية لن يكون إلّا ميدانياً–عسكرياً بتوقيع الجيش العربي السوري، وهي خلاصات ننقلها أيضاً من رؤى محللين استراتيجيين.

وإن اتفقنا على استخدام مصطلح “لغبصات” في توصيف تعاطي شراذم” المعارضة” مع مصير شعب يزعمون التحدث باسمه، فثمة لغبصات هي مبعث الصدى لشعوذات هؤلاء، أبطالها دول وحكومات لم تيأس بعد من ممارسة ضروب المكابرة والمناورة على الحقائق والوقائع التي باتت أشبه بالثوابت.. فأحدث شعوذات الأمريكي قادته للحديث عن “جيش بديل” يبسط سيطرته على كامل الجغرافيا السورية، ويفرض حلولاً على “الطريقة الهوليودية”، لكن لم توضح مصادر”رعاة البقر” عمّا إذا كانوا خائفين هذه المرة مِن تكرار هروب مَن دربوهم تحت عنوان “المعارضة المعتدلة” والانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي بعدتهم وعتادهم!!.

وفي الجوقة المقابلة، يُشعوذ التركي والقطري، ويتنطعون بإعلان عزمهما على فتح مخيمات جديدة لـ “اللاجئين السوريين” في وقتٍ يتابع العالم أخبار عودة هؤلاء “اللاجئين” وتدفقاتهم نحو الأراضي السورية!!.

لنتساءل نحن أمام هكذا “فانتازيا” عن أي وجهة نظر يمكن أن نخرج أو يخرج بها أي متابع ومحلل، غير ما يندرج تحت عبارة ترتقي إلى مستوى الحكمة تقول: إن “الجيش العربي السوري هو الفيصل”، فمهما استطالت الدراسات والنبوءات وتعددت، تقف خلاصاتها عند هكذا قناعة، التي تخرج من بعضهم على شكل اعتراف، وعلى شكل نصيحة من بعضهم الآخر.

بالفعل لا يملك حتى أصحاب الصدور التي تختزن حقداً دفيناً على سورية وكل ما هو سوري إلّا الاستسلام علناً لإيحاءات كل حيثية صغيرة في زيارة الرئيس الأسد لأبطال جيشنا “حراس الكرامة الوطنية”.

ونجزم بأن الزيارة تركت أمام كل جرعة طمأنينة لامست شغاف قلوب شرفاء هذا الوطن، جرعات قلق حتى الرعب تدفقت إلى نفوس المتربصين به والحاقدين عليه، ومن هذين الاتجاهين المتناقضين لرجع الصدى تأتي الإجابة الشافية عن سؤالٍ يتردد كثيراً في أروقة السياسة هذه الأيام عن مقومات الانتصار وسر الصمود، ونقول: قائد وجيش وشعب، وما تبقى تفاصيل يلهو بها هواة التسلية والتسويف.

بقلم: ناظم عيد