الشريط الإخباري

ألعاب الأطفال تتحول إلى مسدسات بلاستيكية و بنادق خشبية في معارك وهمية طاحنة

اللاذقية-سانا
إذ تراقب من شرفة منزلك أيا من مجموعات الأطفال التي تلعب في الشارع تدرك مباشرة و دون كثير عناء أي الالعاب تحول اليها لهو الطفل و تسليته اليومية فقد باتت المسدسات و البنادق البلاستيكية و مثلها الطلقات الفلينية و قواذف الكاوتشوك مفردات اللعب الأساسية بين جموع الاطفال و في هذا ترجمة مباشرة لتأثيرات الحرب الكونية التي تتعرض لها سورية و انعكاساتها المباشرة على عقل الطفل و سلوكه.
هذا الواقع المستجد يتطلب كما يقول اختصاصيون دراسة متبصرة قبل الانطلاق دون كلل للحد من هذا التأثير السلبي المتزايد على اجيال من أطفال سورية أما سبل معالجة هذا الأمر او تطويق اثاره على أدنى تقدير فهو أمر مناط بالعديد من المؤسسات و الجهات ذات الصلة اذ ليس بالإمكان حتى الظن بأن طرفا لوحده يمكنه أن يحدث فرقا في هذا الجانب اذا لم يتم التنسيق بين مختلف الجهات المعنية بالامر انطلاقا من الأسرة وصولا الى المؤسسات الرسمية و الجمعيات الأهلية المشتغلة في حقل الطفولة مرورا بوسائل الاعلام و فرق العمل التطوعي العاملة على الأرض و سواها.
في هذا الإطار أكدت ميادة حسن نبيعة ماجستير في علم النفس أن الحرب هي واحدة من أخطر الصدمات التي يمكن للطفل أن يتعرض لها في حياته حيث لا تبرز آثارها إلا بعد مدة من الزمن و هو ما يوجب التعامل مع الطفل خلال الحروب بصورة مختلفة تماما عما هو الحال في زمن السلم و ذلك لمساعدته على تجاوز المشاهد الدموية المروعة التي قد يتعرض لها سواء تلك التي يشاهدها على مرأى عينيه أو ما يوازيها سلبية على القنوات التلفزيونية.
وأكدت نبيعة أن هذه التأثيرات تزداد خطورة في حال تكرار الاحداث و الصدمات القاسية خلال فترات متقاربة الامر الذي يؤثر على السلامة النفسية للطفل و التي قد تفرز الكثير من العقد و الأمراض و المشاكل النفسية العقيمة في حال عدم احتوائه من قبل المحيط القريب منه و هو ما يظهر لاحقا في سلوكيات تعكس ما يخزنه العقل من مفاهيم جرى تشويهها بفعل الأثر القاسي للحروب التي يعيشها الأطفال.
و أوضحت نبيعة أن الالعاب التي يلجأ اليها اطفالنا اليوم هي شكل من اشكال التعبير عما اختزنه الطفل في ذاكرته من مشاهد رآها او قصص سمع عنها او حتى اصوات رافقت الأحداث المؤلمة كأصوات التفجيرات و الاعتداءات الإرهابية و سيارات الإسعاف و الإطفاء و سواها و هو ما يستدعي العمل في وقت لاحق و عقب الانتهاء من الأزمة الراهنة لإيجاد مراكز رعاية نفسية تهتم بالاطفال المتضررين و تقدم لهم الدعم المعنوي و العلاج النفسي اللازم.
من ناحيتها ذكرت سلام حيدر و هي مشرفة تربوية في إحدى مدارس التعليم الأساسي ان ملاحظاتها خلال العامين الدراسيين المنصرمين تؤكد هذه الظاهرة حيث أن لعب التلاميذ عموما بات يركز على جملة من الألعاب تشابه الى حد بعيد الواقع المعاش من حولهم او صورته المنقولة عبر التلفاز فمختلف الالعاب تتمحور حول معارك وهمية بين طرفين يجري خلالها استخدام الكثير من الحركات العنيفة و الشجارات المؤذية تعويضا عن استخدام البنادق البلاستيكية التي تمنع ادارات المدارس التلاميذ من اصطحابها معهم الى المدرسة.
واضافت ان الشريحة العمرية من عمر الثامنة و حتى العاشرة من العمر هي الأكثر لجوءا الى هذه النوعية من الألعاب و التي غالبا ما تخلف أذيات جسدية بعضها على درجة من الخطورة و هي سلوكيات تتكرر في جميع المدارس تقريبا و تتطلب مراقبة حثيثة للتلاميذ و الطلبة على مدار الدوام الرسمي.
أما حبيب محمود علي “موظف و أب لطفلين فاشار الى خطورة ما يجري بين الأطفال في الشارع حيث أن الألعاب التي باتت تستهوي الطفل تترجم بوضوح جملة من المفاهيم السلبية التي تحتاج معالجة و تعاطيا فوريا معها من قبل الأسرة اولا و من ثم المدرسة و المؤسسات الاخرى ذات الصلة بالطفل والا فإننا سريعا ما سنفقد أطفالنا الذين صاروا يحلون أتفه مشاكلهم بكثير من العنف.
وقال” عندما أراقب أطفال الحي من شرفة منزلي ينتابني احساس متناقض بالبكاء و الضحك انه فعلا المضحك المبكي عندما ينتشر الاطفال في الشارع و كل منهم يتباهى بسلاح خشبي او بلاستيكي يحمله لتبدأ حرب من الضجيج و الجلبة و الركض و الاختباء و المطاردة تنتهي غالبا بجرح احدهم او كسر يد الاخر و من ثم يتشاجر أهالي الأولاد فيما بينهم على خلفية مشاجرات الأطفال.
بدوره لفت أبو جمال الراعي صاحب محل لبيع الالعاب في شارع هنانو إلى أن أكثر الأطفال من رواد المحل يطلبون البنادق و المسدسات و القنابل البلاستيكية و غيرها من الألعاب المتصلة بأجواء الحرب فهي اكثر الألعاب رواجا و تسويقا لكن الغريب في الامر ان هذه الالعاب التي طالما كانت حكرا على الصبية باتت اليوم تستهوي البنات ايضا فكثير منهن بتن اليوم أكثر إقبالا عليها و رغبة بها بعد أن كانت الدمى هي قبلتهن الأساسية.
من ناحيته تحدث علاء نصر صاحب محل إنترنت عما يحدث امام عينيه في المقهى موضحا ان العنف انتقل حتى الى ألعاب الأطفال الالكترونية و التي باتت الاكثر رواجا و انتشارا بين الأطفال حيث تحتل العاب الحروب رأس القائمة و معظمها ألعاب يجري فيها إطلاق النار بين طرفين و مطاردة عدو مفترض و إعداد الخطط للقضاء عليه و يرافق هذه النوعية من اللعب صراخ و قفز و حركات عنيفة يقوم بها الطفل لا إراديا.
و تابع “على مدى أشهر شعرت بخطورة هذا الامر فقررت عدم استبقاء هذه الألعاب و رفض استقبال الأطفال الراغبين باللعب بها مستبدلا اياها بألعاب تنمي مهارات التفكير و الذكاء و الاستنتاج و سواها من الملكات الفكرية فكانت النتيجة أن مردود المقهى الشهري انخفض الى الربع فما كان مني الا ان عدلت عن قراري لأن الطفل الذي لا يجد ضالته لدي سيجدها في مقهى انترنت اخر و هكذا ليس بمقدوري حل المشكلة بمفردي”.
و هو الأمر الذي أكدته هيام ديوب “مهندسة و ام لطفلة في التاسعة من العمر حيث ذكرت أن ابنتها “باتت تقتني هذه الالعاب كأخيها تماما و مثلها عدد من رفيقاتها في الحي و المبنى الذي تقطنه و جميعهن يتشاركن هذه الألعاب مع صبية الجيران و يمارسن الأدوار القتالية التمثيلية ذاتها اثناء اللهو” مؤكدة أن الامر بات مقلقا إذ يجلس الأهل طوال الوقت لمراقبة أولادهم أثناء اللعب و الصراخ عليهم للتوقف لأن هذه المعارك التمثيلية تنتهي أغلب الأحيان بجروح و كدمات.
رنا رفعت

انظر ايضاً

محافظة دمشق تحدد أماكن ألعاب الأطفال في المدينة خلال فترة عيد الأضحى

دمشق-سانا حددت محافظة دمشق أماكن ألعاب الأطفال في المدينة خلال فترة عيد الأضحى المبارك