في مواجهة الحرائق… قصص وتجارب تظهر صوراً مشرفة وقيماً متأصلة لدى السوريين

اللاذقية-سانا

أظهرت الحرائق التي طالت محافظات عدة مؤخرا صوراً مشرفة وقيماً متأصلة لدى السوريين كاد البعض يظن أنها اختفت مع انشغال الناس بأحوالهم وتأمين لقمة العيش لعائلاتهم التي حلت في مقدمة الأولويات لدى الكثيرين منهم.

قصص وتجارب مؤثرة رصدتها كاميرا سانا أثناء تغطية جهود التصدي للحرائق التي اندلعت في منطقة القرداحة بريف اللاذقية وأتت على مساحات واسعة من الغابات الحراجية والأراضي الزراعية وصولاً إلى منازل الأهالي في عدد من القرى مثلما جرى في قرية بسوت واستنفار الفعاليات الأهلية والشعبية لمساندة طواقم الإطفاء ورجال الجيش العربي السوري في إخماد النيران وحماية ممتلكاتهم.

“كنا نتابع مسار الحرائق التي كانت تنتشر بسرعة كبيرة من قرية عين الخيار إلى قرية مسيت وامتدت منها باتجاه جوفين وشديتي مع بعض التوجس جراء اشتداد سرعة الرياح الشرقية وإدراكنا خطورة الوضع إذا ما غيرت الرياح اتجاهها وهو ما حصل بالفعل وبدأت النيران تتجه نحو قريتنا” هكذا وصف فواز زريق من قرية الخربة بمنطقة الشيخ ما شاهده وقت اندلاع النيران واضاف بصوت هادئ مفعم بالإرادة والثقة التصميم “انطلقنا شباباً ورجالا متسلحين بالشجاعة والإرادة بعضنا اصطحب معه معولاً أو مجرفة وآخرون قطعوا أغصان الزيتون علها تعينهم في مواجهة النيران بينما تعاون البعض الآخر في مد خراطيم المياه وتبريد ما يمكن تبريده قبل وصول النار”.

وتابع زريق.. نداءات الاستغاثة من أهالي قرية بسوت التي حاصرتها النيران وصوت سيارات الإطفاء كانت تصل مسامعنا وتراكض الأهالي منهم من يحمل أسطوانات الغاز خارج المنازل التي تقترب منها النار للحيلولة دون انفجارها وبالتالي الحد من الخسائر في حال اشتعالها أما النساء فكن يحملن أطفالهن هربا وخوفا على حياتهم في مشهد مؤثر أوضح لنا حجم الكارثة وهو ما دفع قسماً منا للتوجه إلى القرية المنكوبة ومساندة رجال الإطفاء والدفاع المدني لإجلاء من بقي فيها والتعاون مع متطوعين آخرين من القرى المحيطة ونقلهم إلى قرية البطينة والقرداحة وتأمين مكان للإقامة وتلبية احتياجاتهم مشيراً إلى أنه لا يمكن أن ينسى مرارة ما رأته عيناه من طلب للمساعدة حتى إن هناك عددا من الإعلاميين تركوا معداتهم وشاركوا في محاولات وقف تقدم النيران ونقل النساء والأطفال بسياراتهم بعيداً عن الخطر.

وجسد الشاب جعفر إسماعيل من منطقة القرداحة في اندفاعه لركوب سيارته الفان لدى سماعه أنباء الحرائق في قرية بسوت والمساعدة في إجلاء الأهالي مثالا حقيقيا لكل سوري اصيل محب للخير والعمل الإنساني حيث قال.. لم يسعني الانتظار ويصعب علي التفكير ان يحدث أمر كهذا لعائلتي واحبتي ففي النهاية نحن السوريين شعب واحد ومن الطبيعي أن أكون أنا ومنزلي تحت تصرفهم.

أبو محمد ابن قرية بسوت الذي ترتسم على جبينه تجاعيد تحمل معالم شقاء سنين طويلة يؤكد أن ما حصل محنة تقف خلفها وفق قوله أياد آثمة وان ذلك لن يثنيه وأولاده عن معاودة زراعة أرضه بالأشجار لتعود إلى ألقها وجمالها.

بدوره أعرب مهند جعفر قائد فوج الإطفاء باللاذقية عن تقديره وامتنانه للجهود الاستثنائية التي بذلتها فرق الإطفاء من معظم المحافظات خلال الأيام الماضية في مكافحة الحرائق والتعاون والتنسيق بين رجال الدفاع المدني ورجال الجيش العربي السوري ودائرة الحراج بمديرية الزراعة والمجتمع الأهلي للتصدي للنيران.

نبيل علي – رشا رسلان