الشريط الإخباري

لا تكن أي شيء… مجموعة شعرية لمحمد كنايسي تنقله إلى الروحانية والتصوف

دمشق-سانا

يسلك الشاعر التونسي المقيم في سورية محمد كنايسي مع مجموعته الأحدث “لا تكن أي شيء” طريقة جديدة عن التي اتخذها في مجموعته السابقة ديوك الغريب فكأن أجواء دمشق ابن عربي أخذته لأمداء أكثر روحانية وتصوفا لتطغى على إصداره الجديد.

نصوص المجموعة التي ناهزت الـ230 تنوعت بين المقطوعات الشعرية القصيرة والقصائد الطويلة ومتوسطة الطول وما بين الشعر العمودي والتفعيلة ولكنها تعكس في الكثير منها اللغة العالية التي يكتب بها كنايسي وميله للبساطة وللتكثيف كما في قصيدة حملت عنوان (عند بابك)..

“بحثت عني فإذ بي
مسمر عند بابك
فافتح لضيف غريب
خلقته من ترابك”.

ويتضح ميل الشاعر إلى التبسيط أكثر في نصوصه الغزلية فهو هنا يلجأ إلى الخطابية المباشرة والممزوجة بالعاطفة وبالصور الحسية حيث يقول في قصيدة بعنوان (لا أعرف)..

“لا أعرف من أنت
ولا من أين أتيت
ولا أين تقيمين
لا أعرف من يسكن
في قلبك
مجنون مثلي
أم سرب مجانين”.

ويتبدل حال القصيدة عند كنايسي في قصائد ذات الطابع العرفاني والتي تستقي مادتها من الروح مذكرا إيانا بشعراء كانوا أول من فتحوا أبواب القصيدة أمام التصوف وعوالم النفس الخفية كالسهروردي والحلاج فيقول كنايسي في مقطع بعنوان (حالي)..

“الحزن حالي لا حال ينافسه
ففعله حاكم في دولة الروح
إذا فرحت نهرت النفس من خجلي
إذا ضحكت فضحكي ضحك مذبوح”.

ويقدم كنايسي حالة تناص شعري لافتة مع نصوص الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش ليخبره بما حل بالشام التي أحب في غيابه وسنجد أمثلة عديدة لهذا التناص بدءا من عنوان القصيدة (من حسن حظك) حيث تذكرنا بقصيدة (من سوء حظي لدرويش) مرورا بقصائد على هذه الأرض ولاعب النرد وفي دمشق ورجل وخشف في الحديقة.

ويظهر الشاعر في قصيدة بعنوان (هوس) رجوعه عن بعض أفكاره السابقة ذات الطابع الوجودي التي أقضت مضجعه فيقول..

“أفسدت عيشي أيها العدم
وليس ينقذني شعر ولا نغم
قد خضت ضدك حربا لا مثيل لها
إذ كنت أعلم أني سوف أنهزم.

والشعر هو سلوى كنايسي ومصنع أحلامه وهو موئله الذي يسكن عنه مخاوفه وقلقه كما يبين لنا من خلال مقطع شعري حمل عنوان (هو الشعر) فقال..

“هو الشعر
أرفو به
وروحي البالية
وأبني به
بيت أيامي الخالية”.

يذكر أن المجموعة صادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب وتقع في 283 صفحة من القطع المتوسط أما الشاعر محمد كنايسي فهو من مواليد القيروان بتونس عام 1954 ومقيم في سورية منذ عام 1976 يعمل في الإعلام وهو عضو في اتحاد الصحفيين وصدرت له مجموعة ديوك الغريب.

سامر الشغري