خالد جلل: ضرورة امتلاك فنان الكاريكاتير أدوات الرفض للظواهر السلبية

دمشق-سانا

أكثر من ثلاثة عقود والفنان التشكيلي السوري المغترب خالد جلل يصنع تجربته مع فن الكاريكاتير معتمدا خطا فريدا ذا ديمومة تكون فيه اللوحة نموذجاً يعتمد الصورة الهزلية ذات المبالغة الفنية الساخرة ونقد النواحي السلبية للظواهر الحياتية.

فنان الكاريكاتير بالنسبة لـ جلل يستطيع طرح الكثير من الموضوعات مازجا الواقع بالخيال والمبالغة مع الحدة بهدف إبراز صفات مميزة لشخصياته كما أنه يلجأ إلى الرمزية ليعبر بها عن ظاهرة ما بصورة مقنعة وجذابة.

وفي حوار مع سانا الثقافية أكد جلل الذي تخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق أن موهبة الكاريكاتير تستدعي وجود عين لاقطة تتأثر بالأشياء المحيطة بها وتستلهم الأفكار منها ما يلبي حاجة الرسم والموضوع فرسام الكاريكاتير يلتهم العالم بعينيه ثم يفرزه بأنامله.

انتهج جلل في الكاريكاتير أسلوب التجسيد الساخر للطباع والصفات والتصرفات البشرية ضمن أوضاع معينة وتناول فيها مبالغة هجائية لاذعة ثم عالجها بتحريف صائب وصولا إلى اختزال الموضوع لعلامات مميزة وتضخيمها عبر نظرة تهكمية غريزية تعتمد دقة الملاحظة وسرعة البديهة وسعي حثيث للتنقيب عن السخرية.

ويميل جلل للمواضيع الإنسانية والاجتماعية وعن ذلك يقول: “الرسام يحتاج إلى براعة بهلوانية في الرقص على حبال الأفكار وثقافة غير يسيرة في القدرة على تجسيدها لأن الجرأة والدبلوماسية شرطان أساسيان لتحقيق عمل كاريكاتيري احترافي مؤثر” مبينا أن رسام الكاريكاتير المحترف يتعلم كيف يستخدم مهارات محددة ويتجنب السقطات المميتة في عملية تنفيذ الرسم.

ويلعب الكاريكاتير وفق جلل دور الواعظ والمحرض معاً وفي كل ما وصفها بـ “حقول الألغام” التي تحيط به موضحا أن نجاحه “مرهون بقدر امتلاكه لأدوات الإدانة والرفض للظواهر السلبية في وقت واحد لأنه فن إصلاحي مع أنه لا يأخذ هذا المنحى صراحة إنما من خلال التحريض والحض على الإيجابيات ونقد السلبيات”.

ولدى جلل توجه أساسي يعاكس تصورات كبار رسامي الكاريكاتير العرب فهو يؤمن بالتقليل من التعليق على رسوماته الكاريكاتورية وعن ذلك يوضح أن الكاريكاتير رسم تشكيلي ساخر يعتمد الخط واللون والظل لبناء هيكله ومع ذلك فإن الكثير من الرسوم تستخدم التعليقات وأحيانا النصوص الطويلة وهذه ظاهرة ليست جديدة ولكن من المفترض أن يمتلك فنان الكاريكاتير السيطرة على الريشة والألوان وهي وحدها تستطيع الوصول لهدفها وإيصال ما تريده من معلومة للمتلقي معتبرا أن التعليق يلعب دوراً خطيراً في إضعاف الرسم الكاريكاتيري.

يمتلك جلل بصمة واضحة في مجال استخدام التقانة الحديثة والكمبيوتر في الرسم حيث يبين أنه عندما ينخرط رسام الكاريكاتير في التكنولوجيا ينبغي عليه أنه يرسمه يدوياً أولا ثم يدعمه بوسائل التكنولوجيا ليضفى مكاسب عدة منها سرعة الإنجاز ودقة التنفيذ وضمان حفظ العمل من التلف والضياع وسهولة الأرشفة.

وعن صدى المعارض بالنسبة لفنان الكاريكاتير يوضح أنه على الرغم من أن لها جمهورها إلا أنها ليست ربحية كمعارض الفن التشكيلي وتشكل عبئاً مادياً على كاهل الرسام إضافة إلى الرقابة عليها.

وعن نشر الكاريكاتير في مواقع التواصل الاجتماعي يقول جلل” إنها بلا شك وسيلة أسرع وأقوى انتشاراً عدا ذلك أنه لا رقابة فيها سوى الرقابة الذاتية للفنان والتي يحكمها ضميره المهني ومعاييره الأخلاقية لافتا إلى أنه على الرغم من إيجابياتها إلا أن هناك سلبية واحدة وخطيرة فبسبب انتشار الفوتوشوب وسهولة استخدامه للكثيرين كانت بعض رسومه تؤخذ من صفحته ويعدل عليها ثم يعاد نشرها في صفحات التواصل الاجتماعي من جديد وهذا يلحق ضررا كبيرا بأي رسام.

وختم حديثه بالتأكيد على أن الكاريكاتير سينجح في فرض استمراريته لأنه فن مواكب للعصر ومتأقلم مع الأفكار والتغيرات المجتمعية ولا تحكمه الظروف والتغيرات المهنية ولا يتطلب شروطاً صعبة لبقائه على قيد الحياة.

رشا محفوض