دمشق-سانا
لم تتوقف تداعيات فيروس كورونا المستجد عند قطاعي السياحة والطيران فقد دفع القطاع الصناعي حول العالم ثمناً باهظاً وتكبد خسائر فادحة أدت إلى انكماش حاد في الإنتاج وتراجع كبير في الصادرات وسط مؤشرات اقتصادية تنذر بمرحلة صعبة لاقتصادات عدة بما فيها تلك المتقدمة.
حزم التحفيز والمساعدات الحكومية التي منحتها دول عدة في محاولة لدرء الانهيار عن اقتصاداتها وإعانة الشركات الكبرى على مواجهة تداعيات كورونا وما رافقه من إغلاق عام وخسائر ملايين الأشخاص وظائفهم لم تؤت عن نتائج ملموسة ففي الولايات المتحدة بدأت حالة الركود الاقتصادي فعليا في شباط الماضي بحسب ما نقلته شبكة “سي إن إن” عن المكتب الوطني الأمريكي للبحوث الاقتصادية وتلقت الصناعة الأمريكية ضربة قاصمة بسبب جائحة كورونا العالمية حيث تراجع الإنتاج الصناعي بحسب البيانات الرسمية بنسبة 2ر11 بالمئة خلال نيسان الماضي.
خبراء اقتصاديون دوليون طرحوا توقعاتهم حول المرحلة المقبلة بالنسبة للاقتصاد العالمي ولم تحمل توقعاتهم أنباء سارة بالنسبة لقطاع الصناعة بما فيه الأمريكي الذي يبدو أنه تضرر مثل القطاعات الأخرى وسيستمر في تكبد الخسائر حتى نهاية الربع الثاني من العام الجاري في ظل توقع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي انكماش الاقتصاد بأكثر من 42 بالمئة وتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5ر6 بالمئة هذا العام.
الوضع الاقتصادي المتدهور لم يقتصر على الولايات المتحدة التي قدم أكثر من 42 مليون أمريكي فيها طلبات للحصول على إعانات البطالة فمنطقة اليورو ليست في أفضل حالاتها أيضا حيث كشفت بيانات مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي “يوروستات” أن الإنتاج الصناعي سجل أكبر انخفاض على الإطلاق في نيسان الماضي بنسبة بلغت 1ر17 بالمئة على أساس شهري وبحسب البيانات الرسمية فإن هذا الانخفاض هو الأكبر في المنطقة التي تضم 19 دولة منذ بدء تسجيل البيانات عام 1991 وذلك نتيجة إجراءات الإغلاق العام على خلفية كورونا.
وأظهرت بيانات “يوروستات” الجديدة تسجيل الفائض التجاري لمنطقة اليورو انخفاضا حادا على أساس سنوي في نيسان الماضي بسبب الإجراءات التقييدية التي ترافق مكافحة جائحة كورونا فيما تعاني اقتصادات دول منطقة اليورو من الجائحة العالمية كل على حدة ففي ألمانيا انكمش الإنتاج الصناعي بمعدل 2ر30 بالمئة خلال نيسان الماضي على أساس سنوي فيما أعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية أمس بحسب ما نقلت رويترز أن الناتج الاقتصادي سينكمش بدرجة أكبر في الربع الثاني من هذا العام مقارنة مع الربع الأول.
دول فرنسا وإيطاليا وبريطانيا شهدت بدورها انكماشا بنسب 5ر42 و 3ر34 و4ر20 بالمئة بالترتيب في نيسان الماضي فيما تعول الدول الأوروبية على انحسار موجة كورونا لإعادة إطلاق الاقتصاد بشكل كامل وتشغيل المصانع الثقيلة.
خسائر القطاع الصناعي لم تقتصر على اقتصادات أمريكا وأوروبا فقد تأثر الإنتاج في دول شرق آسيا بشكل كبير وفقا لبيانات شهر نيسان الماضي مع تراجع الإنتاج الصناعي في اليابان إلى أدنى مستوى له في 7 أعوام وانكماش الاقتصاد بمعدل 8ر9 بالمئة بحسب بيانات وزارة الاقتصاد اليابانية فيما نجحت المصانع الصينية للمرة الأولى منذ أن ظهر الوباء في استئناف عملها ما انعكس في نمو الناتج الصناعي في نيسان الماضي بنسبة 9ر3 بالمئة.
وفي كوريا الجنوبية تراجعت صادرات منتجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أيار الماضي للشهر الثاني على التوالي جراء جائحة كورونا التي أثرت بحسب البيانات الصادرة عن وزارة العلوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الطلب على شاشات العرض والهواتف المحمولة.
وبالانتقال إلى أمريكا اللاتينية فقد شهد الاقتصاد البرازيلي الأكبر في اقتصادات القارة هبوطا في الإنتاج الصناعي بأسرع وتيرة له في نيسان الماضي بعد تسجيله تراجعا بنسبة 8ر18 بالمئة مقارنة بشهر آذار الذي سبقه وبنسبة 2ر27 بالمئة على أساس سنوي.
وفيما توقع البنك الدولي الأسبوع الماضي بأن يتسبب فيروس كورونا بانكماش الناتج الاقتصادي العالمي بنسبة 2ر5 بالمئة هذا العام سجلت أسواق الأسهم العالمية يوم الجمعة الماضي تراجعا وسط مخاوف من ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا وما سينتج عنه من أضرار اقتصادية جديدة كما أن سوق النفط والغاز الأمريكي كان من أكثر المتضررين جراء الفيروس في العالم مع فقدان أكثر من 100 ألف شخص من العاملين بهذا القطاع وظائفهم بحسب بيانات مكتب العمل الأمريكي.
ولعل الرؤية الضبابية بشأن الجائحة العالمية وما سيتمخض عن موجة ثانية متوقعة من الفيروس ستؤثر على الوضع الكلي للإنتاج الصناعي وتضع تحديات جديدة أمام الشركات سواء الكبرى أو الصغرى التي كانت الأكثر تضررا.
باسمة كنون