الشريط الإخباري

علاقات أمريكية سعودية ركائزها التهديدات وتقديم التنازلات

دمشق-سانا

التهديد بقطع الدعم العسكري تحول منذ سنوات إلى ورقة ضغط رابحة استخدمتها الولايات المتحدة مع النظام السعودي لتحقيق غاياتها وعاودت استخدامها مؤخرا بعد أن وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنذارا واضحا للسعودية من أجل التحرك نحو خفض إنتاج النفط والتوصل إلى اتفاق بهذا الشأن.

كواليس الاتفاق الذي وصف بالتاريخي حول خفض إنتاج النفط والضغوط التي مارسها ترامب على النظام السعودي واستخدم فيها ورقة التهديد برفع غطاء الدعم العسكري الأمريكي عريت اليوم بعد أن كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن الرئيس الأمريكي هدد ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان في اتصال هاتفي في الثاني من نيسان الجاري ووضعه أمام خيارين أما خفض إنتاج النفط أو خسارة الدعم العسكري الأمريكي فما كان من الأخير إلا أن خضع للأمر ووافق على خفض الإنتاج.

المصادر أوضحت أن ترامب وجه تهديده هذا عبر رسالة لولي عهد النظام السعودي قبل عشرة أيام من الإعلان عن تخفيضات إنتاج النفط وبحسب مصدر أمريكي أطلعه مسؤولون كبار في الإدارة على ما دار من حوار فإن التهديد باغت بن سلمان وفاجأه لدرجة أنه أمر مساعديه بالخروج من الغرفة لكي يتمكن من مواصلة الحوار مع ترامب سرا.

المصادر كشفت أن ترامب أوعز لـ “بن سلمان” بأنه إذا لم تبدأ منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” خفض إنتاج النفط فلن يكون بوسعه منع أعضاء مجلس الشيوخ من سن تشريع لسحب القوات الأمريكية من السعودية وكان هذا التهديد محوريا في حملة الضغوط الأمريكية التي أدت إلى اتفاق عالمي تاريخي لخفض إمدادات النفط في وقت انهار فيه الطلب بفعل جائحة كورونا.

ولم يسبق نشر شيء عن هذا التهديد بإنهاء التحالف الاستراتيجي الذي بدأ قبل 75 عاما وقد أبرزت هذه الخطوة بحسب مراقبين رغبة ترامب في حماية صناعة النفط الأمريكية من انهيار تاريخي للأسعار في وقت أوقفت فيه الحكومات النشاط الاقتصادي في مختلف أنحاء العالم لمحاربة فيروس كورونا.

وقبل أسبوع من مكالمة ترامب مع بن سلمان كان السيناتوران الجمهوريان كيفن كريمر ودان ساليفان اقترحا تشريعا لسحب القوات الأمريكية كلها وصواريخ باتريوت ونظم الدفاع المضاد للصواريخ من السعودية ما لم تخفض السعودية إنتاج النفط ولقي هذا الاقتراح بحسب وسائل إعلام تأييدا متزايدا وسط غضب في الكونغرس بسبب حرب أسعار النفط.

وقد وافقت أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم خارج الولايات المتحدة في 12 نيسان أي بعد 10 أيام من تهديد ترامب للنظام السعودي على أكبر تخفيض في الإنتاج على الإطلاق لكن وعلى الرغم من الاتفاق على خفض عشر الإنتاج العالمي واصلت أسعار النفط تراجعها إلى مستويات تاريخية متدنية وهبط الخام الأمريكي في المعاملات الآجلة دون الصفر الأسبوع الماضي عندما اضطر البائعون لدفع المال للمشترين لتجنب تسلم كميات من النفط لا توجد لديهم إمكانيات لتخزينها.

كما تراجع مزيج برنت في التعاملات الآجلة مقتربا من 15 دولارا للبرميل وهو مستوى لم تشهده الأسواق منذ انهيار سعر النفط في عام 1999 بعد أن كان سعره مطلع العام 70 دولارا.

ورغم هذا الانهيار التاريخي في أسواق النفط الأمريكية إلا أن كواليس الاتفاق حول خفض إنتاج النفط تكشف طبيعة العلاقة الحقيقية بين النظام السعودي وواشنطن التي تفرض فيها الولايات المتحدة شروطها وإملاءاتها وتكسب فيها أرباحا هائلة مقابل تقديمها حماية عسكرية استعراضية أما التنازلات في هذه العلاقة فهي على الدوام من اختصاص الجانب السعودي.

باسمة كنون