واشنطن-سانا
يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلقاء المواعظ والنصائح الطبية بدعوى المساهمة في مكافحة فيروس كورونا متهرباً من الانتقادات التي واجهها بسبب استجابته البطيئة لأخطار الوباء في بلاده وآخر ما تفتقت به قريحته في هذا الشأن هو النصيحة التي أطلقها بالأمس عن إمكانية علاج المصابين بالفيروس عبر حقن أجسامهم بمواد مطهرة الأمر الذي أثار ذهولاً واسعاً واستهجاناً كبيرين لدى الخبراء والمختصين حول العالم.
وتساءل ترامب خلال مؤتمره الصحفي اليومي حول كورونا عن إمكانية تعريض أجسام المصابين للأشعة فوق البنفسجية وحقنها بالمطهرات وقال “لنفرض أننا أدخلنا الضوء إلى داخل الجسم من خلال الجلد أو بأي طريقة أخرى.. يبدو الأمر مثيراً للاهتمام” وهو ما لقي رفضاً واسعاً من الأطباء داخل وخارج المؤتمر بينما حذر بعضهم من أن أفكار ترامب قد تؤدي إلى نتائج قاتلة.
وقال الدكتور فين غوبتا اختصاصي أمراض الرئة لشبكة “أن بي سي نيوز” إن “فكرة حقن الجسم بمواد منظفة خطيرة وغير مسؤولة.. هذا ما يفعله من يريدون الانتحار في العادة”.
من جهته قال كاشف محمود وهو طبيب من تشارلستون غرب ولاية فيرجينيا في تغريدة على تويتر “كطبيب لا أستطيع أن أنصح بحقن المريض بمواد مطهرة أو تعريضه للأشعة فوق البنفسجية.. لا تأخذوا نصائح طبية من ترامب”.
وحذر اختصاصي آخر في أمراض الرئة من سان فرانسيسكو هو جون بالمز من خطورة تنفس بخار المنظفات وقال لشبكة بلومبيرغ نيوز “استنشاق الكلور قد يسبب أضراراً فادحة للرئتين.. لا فرق بين الكلور قليل التركيز أو الكحول.. هذه فكرة سخيفة”.
ووصلت الانتقادات ضد ملاحظات ترامب حول الأشعة فوق البنفسجية وحقن المرضى بالمطهرات إلى السياسيين حيث قال نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ومنافس ترامب الديمقراطي المحتمل في الانتخابات الرئاسية القادمة “إليك فكرة أخرى سيدي الرئيس.. المزيد من الفحوص الآن.. وتزويد العاملين في القطاع الصحي بتجهيزات وقاية” في إشارة إلى استجابة ترامب البطيئة لمكافحة انتشار فيروس كورونا.
من جهتها استهجنت رئيسة مجلس النواب الأمريكي الديمقراطية نانسي بيلوسي ما طرحه ترامب قائلة “يطلب رئيس الولايات المتحدة من الناس حقن أنفسهم بمادة “ليسول” بالرئتين” مضيفة “هذا يثبت إلى أي حد يرفض الجمهوريون العلم”.
وكتب الخبير الاقتصادي روبرت ريك وزير العمل في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون “تشكل مؤتمرات ترامب الصحفية خطراً على الصحة العامة.. قاطعوا هذه الدعاية.. استمعوا إلى الخبراء ورجاء لا تشربوا المواد المعقمة”.
بدوره قال والتر شوب المدير السابق للهيئة الفيدرالية المكلفة الأخلاقيات في عهد الرئيس السابق باراك أوباما “توقفوا عن بث مؤتمرات ترامب الصحفية حول فيروس كورونا.. فهي تعرض أرواحاً للخطر.. رجاء لا تشربوا المواد المعقمة ولا تحقنوا أنفسكم بها”.
في السياق نفسه حذرت السلطات الصحية البريطانية من أنه “يجب ألا يحقن أي شخص نفسه بأي شيء كان” لمحاربة فيروس كورونا.
من جهته أكد بول هنتر أستاذ الطب في جامعة إيست أنجليا البريطانية أن أفكار ترامب حول علاج كورونا من خلال حقن المرضى بالمعقمات حمقاء وتنم عن استهتار شديد موضحاً أن “المطهرات ستقتل على الأرجح أي شخص يحاول استخدامها”.
وأضاف هنتر “هذا تصريح ينم عن استهتار شديد لأنه للأسف هناك أناس في أنحاء العالم قد يصدقون مثل هذا الهراء ويحاولون تجربته بأنفسهم”.
وفي فرنسا نددت هيئات صحية وعدد من الأطباء والعلماء بكلام ترامب وقال المركز الفرنسي مارساي ايمونوبول ساخراً إن “إضرام النار بالجسم قد يكون حلاً بديلاً مفيداً كذلك” مشدداً على أن الوسائل التي اقترحها الرئيس الأميركي “ستقتل الفيروس والمرضى في آن واحد”.
وعلى خلفيات تصريحات ترامب اضطرت الشركة المصنعة للمعقمات “ليسول” التي يستخدمها عشرات ملايين الأميركيين إلى إصدار بيان قالت فيه “إن منتجاتنا المعقمة يجب ألا تستخدم بأي ظرف كان في جسد الإنسان سواء كان بالحقن أو التناول أو أي وسيلة أخرى”.