الشريط الإخباري

رمضان يعود.. والسوريون أكثر إيمانا بالله والوطن

طرطوس-سانا
يعود شهر رمضان هذا العام والسوريون الذين واجهوا الإرهاب لأكثر من ثلاث سنوات يزدادون عزيمة وإصرارا وإيمانا بالله والوطن فيجدون في الشهر الكريم وأجوائه الروحانية فرصتهم لتجربة صادقة من المحبة والتسامح يريدون أن تنتشلهم من أزمتهم التي طال أمدها ويأملون بأن تتحسن الأحوال على الصعيدين العام
والخاص وتتوافر الفرص لمساعدة المحتاجين والمتضررين من الأزمة وتقديم الدعم لهم بمختلف أشكاله في تأكيد على الروح الطيبة للشعب السوري الذي يرفض مفاهيم العنف التي أقحمها الإرهابيون وداعموهم في حياته.
وفي طرطوس المحافظة التي تعبر عن انسجام النسيج السوري وتناغمه أجمل تعبير يستعد السوريون لشهر رمضان بقلوب محبة ومؤمنة بأن الفرج قادم تدعو ربها أن يزيح الغيمة السوداء عن سماء بلادها حيث يدعو حسين حسن شيخ جامع خربة السناسل بريف بانياس أبناء سورية إلى “العودة للعقل واستغلال شهر رمضان في الطاعة وتصفية القلوب…لندعو الله أن يحل مشاكلنا ويبعدنا عن الحروب والفتن فالسوريون جميعا يعانون من الأزمة الراهنة وانعكاساتها سياسيا
واقتصاديا وأمنيا” ويشير الى أن شهر رمضان يعني مد يد العون لمن يحتاجها بحدود قدراته.
ويرى علي محمد من أهالي مدينة بانياس أن “الأزمة الراهنة ضاعفت معاناة الناس ومتاعبهم لكنها مهما اشتدت فالسوريون سيواجهونها وسيقتسمون اللقمة كما اقتسموا التضحية والألم والمعاناة في كل الأزمات التي مرت بهم” متمنيا أن يحمل شهر رمضان هذا العام الفرج الكبير للسوريين.
ودعا محمد الأغنياء لمساعدة الأسر الفقيرة و”أن يتراحم الناس فيما بينهم في ظل ما تعيشه البلاد من أوضاع خصوصاً في رمضان”.
الظروف الصعبة التي نتجت عن الأزمة وآثار الحصار والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول المتآمرة على سورية أرخت بظلالها على معيشة المواطن وأدق تفاصيل حياته والممارسات التي اعتادها فأبو علي الرجل الستيني الذي اعتاد أن يجعل من مائدة رمضان فرصة للقاء الأحباب والأصحاب يقول “إن الظروف الاقتصادية اليوم تحتم علينا التخلي عن بعض العادات مثل الدعوة إلى الإفطار خصوصاً أن ميزانية العائلة الواحدة لا تحتمل المزيد من الضغوط فضلا عن التغير الذي طرأ على عادات اجتماعية اخرى خلال شهر رمضان كالالتقاء في المطاعم والمقاهي والخيم الرمضانية”.
الأمر ذاته يؤكد عليه أبو مدين ستين عاما فيقول إن “اجتماع أفراد الأسر والعائلات السورية كان من العلامات الفارقة خصوصاً أن الحرص الدائم على تبادل الزيارات وإحياء السهرات الاجتماعية يومياً كان يعزز التعلق بالشعائر الدينية التي نراها اليوم مقتصرة على بعض الفئات بينما هي مهملة من البعض الآخر” مشيرا
الى أن التغيير طال أيضا المظاهر الاقتصادية والمعيشية فقبل الأزمة “كانت الحركة تدب في الأسواق طيلة الشهر الفضيل والاقبال يبدأ منذ منتصف شهر شعبان ويبقى لأيام عدة بعد انتهائه لكنها اليوم تراجعت جراء الوضع الاقتصادي لمعظم السوريين نتيجة الحصار واستهداف المعامل والمنشآت الاقتصادية”.
وفي السياق ذاته توضح ناهد حسن ربة منزل أن ارتفاع أسعار المواد في الأسواق سببه جشع بعض التجار ممن يتلاعبون بلقمة عيش المواطن ويتخلون عن مبادئهم تجاه شعبهم وبلدهم متمنية “أن يكون للحكومة دور فاعل في ضبط الأسواق والأسعار عسى أن تعود البهجة إلى الأسواق في الشهر الفضيل وتعود إليه حالة الانتعاش كما كانت في سنوات سابقة”.
وتضيف ناهد “على الرغم من كل الظروف سنستقبل شهر رمضان بكل محبة ونريده ان يكون فرصة للمودة والتقارب والرحمة والتواصل بين الأقارب خاصة في ظل الظروف التي تمر بها البلاد حيث يحتاج كل منا للألفة والتواصل مع الناس للتغلب على المآسي التي خلفها الإرهاب الذي حرم الكثير من السوريين من أهلهم وأقاربهم”.
أمام هذا الواقع والتحديات التي تفرضها الأزمة الراهنة فإن الشباب السوري أخذ على عاتقه تحمل مسؤولياته كقوة فاعلة في المجتمع وانكب يطلق المبادرات التي تحاول رسم البسمة على شفاه أبناء الوطن وفي هذا الإطار تستعد مجموعة “بريق أمل” من مدرسة الشهيد فهيم محمد في مدينة بانياس لتقديم المساعدات لأسر
الشهداء والجرحى والمخطوفين والأسر الأكثر تضررا من الأحداث التي تمر بها البلاد حيث تبين المدرسة ملك ابراهيم من أعضاء الفريق أنهم يتواصلون مع جهات وفعاليات المجتمع المحلي في بانياس لتأمين مساعدات وسلات غذائية وصحية وطبية شاملة لتقديمها للأسر خلال الشهر الكريم “إيمانا منهم بضرورة مد يد
العون لهذه الأسر تقديرا لتضحيات ابنائهم وذويهم في سبيل الوطن” كما تعمل المجموعة لتأمين كميات من الألبسة والأحذية الجديدة والمستعملة وإعادة تأهيلها بما يتناسب مع حاجيات هذه الأسر.
وتؤكد ملك أن ظروف الأزمة التي تعيشها البلاد بما تحمله من حزن ومآس فرضت نفسها على جميع مظاهر الاحتفال والفرح التي اعتاد السوريون عليها في هذا الشهر وهو ما دفعها مع مجموعتها لمحاولة إعادة زرع البسمة والفرح على وجوه من أفقدتهم الحرب أعزاء لهم أو من فقدوا عملهم وانقطعت أرزاقهم بفعل إجرام المجموعات الإرهابية المسلحة.
هم السوريون الذين لم ولن تنال من عزيمتهم مؤامرات أو مكائد فهم بمحبتهم وإيمانهم ينتصرون دائما ومن أجل وطنهم وشعبهم يبدعون في ابتكار سبل الحياة فيصرون على مواجهة الصعاب ويتكاتفون في وجه من يريد بهم شرا ورمضان سيكون فرصتهم ليرفعوا أيديهم ويدعوا ويصلوا بقلوبهم المحبة إلى الله أن يرفع عنهم همومهم ويعيد لهم الأمان الذي ينشدون.