أكدت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية وليد المعلم والوفد المرافق له إلى روسيا أن المراهنات على تغيّر الموقف الروسي تجاه الأزمة في سورية هي مراهنات خاسرة وخاطئة…
حيث عوّل محور التآمر على سورية والمنطقة على ما تقوم به الإدارة الأميركية من ضغوط اقتصادية وأمنية على روسيا، وعلى المؤامرة التي تم تنفيذها في أوكرانيا كي تعلن روسيا موافقتها على استمرار الاستباحة السياسية والعسكرية والأمنية والسكوت على تحالف الإدارة الأمريكية مع الإرهاب أو مع الدول الداعمة له بشكل علني، لكن ذلك لم ولن يحصل وهذا ما أكده معظم المسؤولين الروس في الخارجية وفي الدوما وحتى في الكرملن، وتصريحات الرئيس الروسي بوتين ولقاؤه مع السيد وليد المعلم كل ذلك يؤكد أن الموقف الروسي هو موقف مبدئي، فالموقف الروسي انطلق أساساً من احترام ميثاق الأمم المتحدة ومن احترامه لخيارات الشعب السوري في انتخاب قياداته بما في ذلك تأكيد الرئيس الروسي على الأغلبية العظمى من الأصوات التي كانت لمصلحة الرئيس الأسد في انتخابات حرة ونزيهة وتعددية، وكانت صورة الإقبال على الانتخابات خارج سورية توضّح مدى ثقة الشعب السوري بقيادة الرئيس الأسد ناهيك عن الإقبال الكبير الذي شهدته صناديق الاقتراع داخل القطر رغم الظروف الأمنية الصعبة ورغم استهداف الإرهابيين لبعض المراكز الانتخابية..
إن الموقف الروسي لم يُبنَ على المزاج بقدر ما تم اتخاذه وفق أسس تحترم ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي ولهذا نجد المساعي الروسية تتجه نحو إجراء حوار سوري ـ سوري يجمع كل القوى السياسية التي تعمل فعلاً على إنهاء الأزمة سياسياً وعلى لملمة الجراح وإعادة بناء ما تهدم وكذلك مشاركة جميع القوى في مواقع اتخاذ القرار وبما يتناسب مع ما تمثله سياسياً وشعبياً.
ولهذا كله نقول إن المبادرة الروسية تتقاطع في كثير من النقاط مع ما ورد في بيان «جنيف1» ولاسيما ما ورد فيه حول مكافحة الإرهاب والحفاظ على وحدة سورية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ذلك لأن الشعب السوري هو الوحيد المخول بتقرير مستقبله السياسي كما أن الروس في السابق وحالياً وفي القادمات من الأيام يرفضون القراءة الأمريكية المجتزأة لذلك البيان، لأن تلك القراءة المجتزأة والخاطئة والتشويه الذي طرأ على تفسير البيان هو ما يستند إليه المشروع الأمريكي ـ الإسرائيلي لإطالة الأزمة ولإراقة المزيد من الدماء في سورية وفي دول المنطقة أيضاً.
بقلم: محي الدين المحمد