الشريط الإخباري

“الليرة”.. والمعركة

في الحرب الشاملة، الدائرة في سورية وعليها، لا فرق، إلا في الدرجة والمظهر، بين تسيير الاحتلالين التركي والأمريكي دوريات مشتركة شرق الفرات واستباحتهما للأراضي السورية، وبين الهجمة المسعورة لاستباحة الليرة السورية وإضعافها، فالأمران السابقان “يشكّلان انتهاكاً سافراً للقانون الدولي” و”عدواناً موصوفاً على دولة ذات سيادة” تقوم بهما قوى خارجية معتدية بداية، لكنها لا تستطيع تحقيق غايتها نهاية، إلا بالاعتماد على قوى داخلية ارتضت – لأسباب مختلفة – أن تكون “حصان طروادة”، ولكن للعدو، على حساب الأهل والأخوة في الوطن، فركاب هذا “الحصان” يمتلكون، كما أثبتت التجربة، مفهوماً مختلفاً عن “الأهل” و”الأخوة” و”الوطن”.

بهذا المعنى لا تكون التفرقة بين الجبهتين، العسكرية والاقتصادية، إلا في التكتيك لا في الاستراتيجيا، أي أن المواجهة فيهما مطلوبة بالتوازي والتساوي، لكن قد تتقدّم أحياناً في واحدة عن الأخرى بحسب المرحلة وأخطارها الآنية، وإذا كانت الدولة السورية تشدّد دائماً على “عزمها على إسقاط كافة المشاريع التي تستهدف وحدة وسلامة أراضي الجمهورية السورية”، وهي لا تتوانى عن ذلك عسكرياً ودبلوماسياً، وفق المناخات الإقليمية والدولية المتاحة، فإن الاهتمام بالوضع المعيشي لمواطني الجمهورية، وملف “الليرة”، بتداعياته السريعة والمريعة، أُسّ “المعاش” وأساسه، يبدو الأهم والأكثر جدارة بالاهتمام في هذه المرحلة، لأنه، بكل المعايير والمقاييس، الركيزة الأساس، من جهة أولى، لصمود المواطن في المعركة مع الخارج ، وهو، من جهة ثانية، “كعب أخيل” الذي تتجه نحوه سهام “هذا الخارج” في هذه المرحلة بحسب تصريحات لنائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى أطلقها من “إسطنبول” منذ يومين فقط.

خلاصة القول: الهجمة على “الليرة” عمل حربي آخر من أعمال فريق “الإركاع والاستتباع” بشقيه الخارجي والداخلي، والمواطن الذي واجه، بدمائه وروحه، حملة السلاح منهم، يريد من الحكومة القيام بدورها في مواجهة حملة سلاح التجويع والإفقار، وهذا المواطن لا تعنيه الأسباب والتبريرات التي تخرج بعد اجتماعات “تلفزيونية” مطوّلة، أو تنبثق عن مطوّلات اقتصادية نظرية، عصيّة على الفهم فكيف بالتطبيق، بل يريد نتائج فورية يلمسها في “جيبه” ومعيشته، وحساباً عسيراً، وعقاباً سريعاً، لناهبي الثروات، والمضاربين والمهربين والمتلاعبين بقوت يومه وسبب صموده، وغير ذلك لا يُصرف ولا يُفيد في المعركة اليومية التي يخوضها في مواجهة حيتان سوق “اقتصاد السوء” الذي يعيشه.

بقلم: أحمد حسن