الشريط الإخباري

المهل الإيرانية والمماطلة الأوروبية

لم يكن الإعلان الإيراني عن بدء المرحلة الثالثة من تخفيض الالتزامات ضمن الاتفاق النووي الذي وقّعته إيران مع الدول الخمس مفاجئاً، بل على العكس كان نتيجة حتمية لمماطلة أوروبا وأمريكا في تنفيذ التزاماتهما المنصوص عليها في الاتفاق، فعلى الرغم من انقضاء كامل المهلة الثانية، وهي شهران، إلا أن الدول الأوروبية الموقّعة على الاتفاق لم تنجح في إنجاز آلية “انستيكس” لتسهيل التجارة مع طهران تحت ذرائع غير مقنعة، كما واصلت الولايات المتحدة سياسة التصعيد بالعقوبات عندما فرضت بالأمس حزمة جديدة، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل، هل بالفعل الدول الغربية تريد أن تحافظ على الاتفاق النووي مع طهران، أم المماطلة للاستمرار في حرمانها من مميزاته؟.

لم يتوقف المسؤولون الإيرانيون منذ بدء خفض الالتزام بالاتفاق عن التأكيد أن كل ما يقومون به هو للضغط على القوى المعطلة للالتزام بالاتفاق النووي، ودفعها إلى الالتزام بما نص عليه  كما تلتزم هي، ولكن الواضح حتى اليوم أن هناك تقاسم أدوار مستمراً بين الدول الأوروبية وأمريكا في المماطلة والتسويف.

فالأوروبيون بعد مخاض القناة المالية “انستيكس” دخلوا في بدعة جديدة لعدم المضي قدماً بتنفيذ ما هو مطلوب منهم، وهي محاولة الجمع بين الرئيسين روحاني وترامب على هامش قمة السبع بداية التي استضافتها بياريتس الفرنسية، ولاحقاً من خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبل، وتولّى ماكرون هذه المهمة، فضاعت المهلة الثانية بين لقاءات ورسائل ووعود، وأحياناً بالتهديد والوعيد إذا اتخذت طهران أي موقف جديد بخصوص الاتفاق النووي، لنصل اليوم إلى بدء المرحلة الثالثة، والفرنسي لم يتمكّن من إقناع واشنطن بالعودة إلى الاتفاق أو حتى التخفيف من العقوبات، فالأوروبيون مهما عملوا، فإنهم لن يستطيعوا أن يفرضوا على واشنطن أي شيء، فالتابع يمشي خلف السيد وليس العكس، ما يعني أن الغاية ليست الوصول إلى تفاهم، وإنما تأزيم الوضع والاستمرار في الابتزاز والمماطلة.

يمكن القول: إن تصريحات المسؤولين الأمريكيين وقرار العقوبات خلال الأيام الأخيرة تؤكد أن الإدارة الجمهورية غير معنية بتنفيذ أي التزام مهما كان، بل على العكس أبدت مواقف متشدّدة توضح أنها تريد زيادة التوتر في المنطقة، وكسب المزيد من الأموال الخليجية.

وعليه ومع بدء إيران تنفيذ المرحلة الثالثة من تخفيض التزاماتها النووية، فإننا أمام مرحلة أكثر توتراً، ولاسيما أن واشنطن، وعبر الرئيس ترامب، أكدت أنها تريد مفاوضات تحت العقوبات، ما يعني أي فكرة للتراجع عن العقوبات غير واردة في الوقت الراهن، مع تأكيد القادة الإيرانيين أنه لا مفاوضات ثنائية مع واشنطن حالياً دون رفع العقوبات كاملة والعودة إلى الاتفاق، وربما يحاول الأوروبيون لعب دور جديد في هذه القضية، فهل سيقبل ترامب بهذا الدور، ويحفظ ماء حلفائه الأوروبيين، أم سيكون للقادة الإيرانيين رأي آخر يقلب الطاولة؟.

بقلم سنان حسن

 

انظر ايضاً

اقتراع السوريين في الخارج يعرّي المشككين- بقلم سنان حسن

مرة أخرى يترك السوريون في الخارج علامة فارقة في مسار أحداث الحرب التي تشنّها الدول …