أدى السيد الرئيس بشار الأسد اليوم القسم الدستوري رئيساً للجمهورية العربية السورية أمام رئيس وأعضاء مجلس الشعب وبحضور شخصيات سياسية وحزبية ودينية وإعلامية وعلمية وثقافية ورياضية وفنية واجتماعية وعائلات شهداء وجرحى ومتميزين ومتفوقين .

وألقى الرئيس الأسد كلمة بعد أدائه القسم الدستوري أكد فيها أن الشعب  السوري برهن بوعيه وانتمائه الوطني خلال الحرب أن الشعوب الحية التي تعرف طريقها إلى الحرية لا تتعب في سبيل حريتها .

 

وشدد الرئيس الأسد على أن الشعب الذي خاض حرباً ضروساً واستعاد معظم أراضيه بكل تأكيد قادر على بناء اقتصاده في أصعب الظروف وبالإرادة والتصميم نفسهما، مؤكداً أن قضية تحرير ما تبقى من أرضنا من الإرهابيين ومن رعاتهم الأتراك والأمريكيين تبقى نصب أعيننا.

وفيما يلي النص الكاملة لكلمة الرئيس الأسد..

السيدات والسادة أعضاء مجلس الشعب الأكارم، السادة الحضور أيها الشعب العزيز أيها الشعب الصامد أحييكم تحية الوطن الراسخ في زمن السقوط، الشامخ في زمن التهافت والخنوع، تحية الشعب الذي حمى وطنه بدمه وحمله أمانة في القلب والروح فكان على قدر مسؤوليته التاريخية حين صان الأمانة وحفظ العهد وجسد الانتماء في أسمى معانيه والوحدة الوطنية بأبهى صورها،  وأثبت للعالم من جديد أن قدر سورية أن تمنح التاريخ ملاحم يقرأ صفحاتها كل من يريد أن يتزود بدروس الشرف والعزة والكرامة والحرية الحقيقية

وأضاف الرئيس الأسد: وأثبتم مرة أخرى وحدة معركة الدستور والوطن فثبتم الدستور أولوية غير خاضعة للنقاش أو للمساومات لأنه عنوان الوطن ولأنه قرار الشعب وبالرغم من قسوة الظروف إلا أن الإصرار على التفاعل الشعبي الكبير مع تلك المناسبة على امتداد الأسابيع التي سبقت التصويت كان سيد الموقف

وتابع الرئيس الأسد: كل ذلك لم يكن جديداً على شعبنا، فهي ليست المرة الأولى التي يظهر فيها رقيه الوطني في مراحل مفصلية لكن تكرار الأفعال لا يعني تكرار النتائج لأن النتائج تتبدل حسب الظروف..فالسوريون داخل وطنهم يزدادون تحدياً وصلابةً، أما الذين هجروا وخُطط لهم أن يكونوا ورقةً ضد وطنهم فقد تحولوا إلى رصيد له في الخارج يقدمون أنفسهم له في أوقات الحاجة

وأضاف الرئيس الأسد : الوعي الشعبي هو حصننا، به نميز ما بين المصطلحات الحقيقية والوهمية بين العمالة والمعارضة بين الثورة والإرهاب بين الخيانة والوطنية

وتابع الرئيس الأسد: لا يمكن أن نقف اليوم ونحن نتحدث عن مرحلة قادمة ومرحلة مقبلة ونحن لم نحلل مراحل سابقة، لا يمكن أن نطلب من مسؤول أن يتحدث عن المستقبل من خلال رؤياه ومن خلال فهمه لهذا المستقبل وهو لم يفهم المراحل السابقة، طبعاً الحديث في هذا الموضوع يستغرق أسابيع وشهوراً، وربما أكثر التحليل لأنها قضية مجتمع، هذا المجتمع نفسه خرج قمة الأبطال وخرج قمة الخيانة ولو بنسبة بسيطة، هذا الموضوع بحاجة إلى تحليل لذلك لن أتوسع طبعاً، لكن لابد من أن ننطلق للمرحلة المقبلة بخلاصة نأخذها معنا لهذا المستقبل تكون كالزبدة نطمئن من خلالها لهذا المستقبل، لذلك لابد من الحديث عن هذا الجزء من هذا المجتمع الذي غابت عنه المسلمات  فضعفت رؤياه وفقد توازنه.

وقال الرئيس الأسد: فاستقرار المجتمع هو أولى المسلمات، وكل ما يمس أمنه وأمان أفراده ومصالحه مرفوض بشكل مطلق بغض النظر عن أي سبب أو أي تبرير

وأضاف الرئيس الأسد: العقائد هي روح المجتمع، من دونها نفقد إنسانيتنا، هي بوصلة وهي أخلاق، احترامها واجب على الجميع والمساس بها محرم على الجميع أيضاً، الانتماء، انتماء الإنسان للقرية، للمدينة، للدين، للوطن، للقومية،كل هذه العناصر هي أساس إحساس الإنسان بانتمائه للمجتمع وهذا الانتماء هو أساس إحساس الإنسان بالتوازن النفسي، أي أنه إنسان طبيعي، ومن يفقد الانتماء لا خير فيه لبلده، ولا أمان له تجاه مجتمعه.

وقال الرئيس الأسد: : الأرض هي الكيان والوجود لذلك قيل الأرض كالعرض لا يفرط بها ولا يساوم عليها، كل ما سبق من هذه المسلمات وهناك طبعاً مسلمات أخرى كلها هي التي تشكل الوطن المسلمة الأكبر أي الوطن، لذلك من غير المقبول ومن غير المنطقي أن نسمع دائماً أن الوطن خط أحمر، الوطن لا يمس، الوطن مسلمة

إن لم نعرف سبب المشكلة، وإن لم نعرف سبب الصمود بالوقت نفسه فهذا يعني أننا لم نتعلم الدرس، وإذا لم نتعلم الدرس لا نستطيع أن ننطلق باتجاه المستقبل ونحن مطمئنون

وأضاف الرئيس الأسد: لذلك انطلاقاً من كل ما سبق ذكره من الحقائق آنفاً، كل ما ذكر في هذه الكلمة، ومن التوجه الذي أظهره الشعب واضحاً وجلياً ، أكرر مرة أخرى دعوتي لكل من غرر به، لكل من راهن على سقوط الوطن، لكل من راهن على انهيار الدولة أن يعود إلى حضن الوطن لأن الرهانات سقطت وبقي الوطن.

وقال الرئيس الأسد: السيدات والسادة خلال عشر سنوات ونيف من الحرب كانت هواجسنا متعددة فطغت في البداية الأمنية منها والخوف على وحدة الوطن أما اليوم فجلها هو حول تحرير ما تبقى من الأرض ومواجهة التداعيات الاقتصادية والمعيشية للحرب،

وأضاف الرئيس الأسد: فمعركة الحفاظ على سعر الصرف أثبتت أن القدرات موجودة ولكنها بحاجة لمن يراها ويعرف كيف يستخدمها ويوفر الشروط الصحيحة لكي يحقق النتائج،

، أما في مجال الاستثمار فيكفي أن نطلع على الأرقام التي تعكس على أرض الواقع، عدد المنشآت الاستثمارية التي هي قيد الإنشاء الآن، اليوم، أو التي استمرت بالعمل تحت القصف والحصار أو التي قامت بتوسيع أعمالها خلال الحرب والتي تعكس إرادة القائمين عليها وتصميمهم ووطنيتهم،

وقال الرئيس الأسد: فإذا الحرب والحصار لم يغلقوا الأبواب بشكل كلي، يكفي أن نعرف كيف نمر من هذه الأبواب؟ هناك عوائق، والعائق الأكبر حالياً هو الأموال السورية المجمدة في المصارف اللبنانية والتي تقدر بعشرات المليارات ، هذا العنصر يشكل عائقاً كبيراً وحله مرتبط بتغير الظروف في لبنان، يليه بالتأثير الحصار الذي لم يتمكن من منعنا من تأمين الحاجات الأساسية لكنه سبب اختناقات ولا من حرماننا من وسائل ومواد إنتاج لكنه خلق صعوبات وعلينا أن نطور أساليبنا لتخفيف آثاره تدريجياً، وهذا ما قمنا به ونجحنا إلى حد ما وسنستمر بالعمل عليه 

وأضاف الرئيس الأسد: يلي تلك المعوقات بالأهمية الإجراءات الإدارية التي نعمل على تطويرها بشكل حثيث بالتماشي مع تطوير القوانين بهدف تخفيف العوائق ومكافحة الفساد،

وتابع الرئيس الأسد: في بداية هذا العام صدر قانونان مهمان الأول لتشجيع الاستثمار بشكل عام والثاني لدعم المشاريع الصغيرة، وصدرت عدة قوانين عددها حوالي أربعة تقدم إعفاءات للمستثمرين من الرسوم والضرائب بالنسبة لمواد الإنتاج، المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج بهدف تخفيف التكاليف عن المستثمرين في مرحلة الحرب التي تعتبر ظرفاً من الظروف القاهرة بالنسبة للاستثمار،

وقال الرئيس الأسد: المرحلة القادمة في إطار الاستثمارات هي للتركيز على الاستثمارات في الطاقة البديلة، فحل مشكلة الكهرباء هو أولوية لنا جميعاً و لأن جزءاً كبيراً من الاستثمارات “خلال جولاتي الأخيرة” لا يعمل على الوقود وإنما يعمل على الكهرباء فلا نستطيع أن نتوسع بالاستثمارات دون أن نؤمن الكهرباء

وأضاف الرئيس الأسد: المرحلة القادمة هي للشفافية، فأتمتة الخدمات وتقديمها إلكترونياً بالإضافة إلى إطلاق خدمة الدفع الإلكتروني هو جوهر تطوير الإجراءات من جانب، ولكنه أساس الشفافية من جانب آخر، فهو يمنع الفساد والهدر ويحقق العدالة وتكافؤ الفرص وبالوقت نفسه يجعل المعاملات شفافة للدولة والمواطن ويساهم بشكل كبير جداً في الحفاظ على المال العام

وقال الرئيس الأسد: المرحلة القادمة هي لتحديث القوانين لتواكب الزمن حيث يتم إلغاء الاستثناءات منها إلا فيما يستدعي ذلك، لكن ضمن ضوابط ومعايير واضحة تلغي التمييز وتحقق العدالة،

وأضاف الرئيس الأسد: المرحلة القادمة هي للاستمرار والتوسع في مكافحة الفساد التي لم تتوقف يوماً لكنها تصاعدت على خلفية توافر المزيد من المعطيات المساعدة على كشف الفاسدين،

وأضاف الرئيس الأسد: الحصار هو الفرصة الأكبر للتطوير بالاعتماد على الإمكانيات الذاتية وعلينا ألا نكتفي بتخفيف الخسائر بل علينا تحقيق الأرباح وهذا ممكن ونحن قادرون فلا توجد مشكلة دون حل، لكن علينا أن نبحث عنه،

وقال الرئيس الأسد: هدف الحروب الحديثة الإنسان قبل الأرض، فمن يهزم الإنسان يربح الحرب، فـ “إسرائيل” لم تربح الحرب عندما احتلت فلسطين عام 1948 بل اقتربت من ذلك عندما اعتقد البعض من الفلسطينيين ومعهم البعض من العرب أيضاً أن التنازلات المذلة هي التي تعيد الحقوق، وعندما اعتقد البعض الآخر أن المقاومة هي شطارة لا مبدأ، وقيادة من فندق بدلاً من مقر متقدم، وقتال من تلفاز بدلاً من خندق، وغدر شقيق بدلاً من مباغتة عدو.

وأضاف الرئيس الأسد: ينتصر العدو عندما تقتنع الغالبية أن المقاومة كذبة كبيرة وأن قوتها وهم وردعها خيال ووجودها عبء وأن ازدهار الوطن هو في انبطاحه وأن استقلاله هو في استقلاله عن نفسه وشعبه وتاريخه ومحيطه، هنا ينتصر العدو عندما تنقلب المفاهيم رأساً على عقب، وهنا يكمن جزء من المشكلة أيضاً في سورية والتي كانت أحد أسباب الحرب وهو انقلاب المفاهيم،

وتابع الرئيس الأسد: السيدات والسادة، في إطار كل ما سبق تبقى قضية تحرير ما تبقى من أرضنا نصب أعيننا، تحريرها من الإرهابيين ومن رعاتهم الأتراك والأمريكيين، والسير في عملية التحرير على مراحل خلال السنوات الماضية كان يهدف لإعطاء المجال للراغبين بالعودة إلى حضن الوطن من جانب، ولإعطاء الفرصة للتحركات السياسية للأصدقاء من جانب آخر، هذه التحركات تهدف إلى إقناع رعاة الإرهاب بالتخلي عن نهجهم وإقناع الإرهابيين بالانسحاب من المناطق التي يحتلونها حقناً للدماء ومنعاً للدمار، وقد حققت هذه السياسة نتائج مرضية في عدد من المناطق وأخفقت في أخرى، وكان الحل الوحيد دخول قواتنا المسلحة إليها والقضاء على الإرهاب وتحرير السكان المدنيين وفرض سلطة القانون، وسنستمر في اتباع هذه السياسة لتحرير باقي أرضنا، ونحن نعلم أن التركي غادر وأن الأمريكي مخادع لكننا لا نفوت فرصة إلا ونستخدمها حرصاً على الأرواح وتفنيداً لأكاذيب الأعداء وأيضاً ثقة بدور الأصدقاء كإيران وروسيا الذين كان لهم في وقوفهم إلى جانبنا فضل وأثر كبيران على مسار الحرب وتحرير الأراضي بالإضافة إلى دور روسيا والصين في تغيير وجهة المسار الدولي انطلاقاً من دفاعهما عن القانون والشرعية الدوليين.

وقال الرئيس الأسد: وإن كنا لا ننسى في هذا السياق أن نوجه التحية والتقدير لكل سوري وطني شريف في المناطق الشمالية الشرقية وقف في وجه المحتل الأمريكي وحاول طرده وهو أعزل وواجه عملاءه من المرتزقة وقدم الشهداء، فإننا لن ننسى أن البعض من جوارهم من حاملي جواز السفر السوري والذين ادعوا استعدادهم لمواجهة العدوان التركي قد انسحبوا من أمامه صاغرين أذلاء، فطعنوا وطنهم مرتين، الأولى عندما تخاذلوا بالوقوف إلى جانب الجيش الوطني في السنوات الأولى للحرب عن سابق قصد وتصميم، والثانية عندما فروا أمام العدوان التركي، وفي كلتا المرتين كانوا الأساس والأداة في تمهيد الطريق أمام الغزاة، وكانوا جزءاً من مسرحية ألفها وأخرجها “السيد الأمريكي” 

وأضاف الرئيس الأسد: نؤكد في هذا السياق على واجب الدولة الدستوري والشرعي والأخلاقي في دعم أي مقاومة تقوم في أي مكان على امتداد ساحة الوطن ضد المحتلين وبأي شكل من أشكال المقاومة سلمية كانت أو مسلحة، وهذا الواجب هو التزام مطلق لا يخضع لأي اعتبارات حتى تتم استعادة الأرض ويطرد آخر إرهابي وآخر محتل.

وقال الرئيس الأسد: إن المحبة والثقة التي ألمسها من قبل كل فرد فيكم تعزز لدي الشعور بالمسؤولية وثقتكم هي التي تجنبني الانحراف عن النهج القويم وتقيني من الخروج عن المسار السليم، وأننا إذ نكمل اليوم معاً مسيرة التحرير والبناء  في طريق الوطن المجيد فإني أتوجه إليكم جميعاً أخوتي وأخواتي أبناء سورية بالتحية والإجلال لما جسدتموه من صدق الانتماء لسورية ومن مضاء العزيمة على متابعة التحدي في سبيل منعتها ورفعتها، وإني إذ أنظر إلى المستقبل الواعد فإني اتطلع إليكم وأرنو إلى عيونكم المتقدة تصميماً وأملاً، أستمد منها قبساً من ضياء ينير دربي وأستلهم من عميق إيمانكم ما يعينني في مهامي من أجل نهوض وطني شامل، نهوض يستعيد سورية المتجددة ويعيد إعمارها وإنماءها وألقها من جديد.

وختم الرئيس الأسد كلمته قائلاً: فلنعد العدة للمستقبل، ولنكافح الإحباط بالأمل، والتقاعس بالعمل، ولنتأهب للمزيد من البناء والتحرير ليبقى الشعب باسماً والوطن بهياً وليبقى الأمل كبيراً والعمل كثيراً والإنتاج غزيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاهد أيضاً

پیام تسلیت المقداد به همتای عمانی خود در پی قربانی شدن شماری از شهروندان در حادثه تیراندازی در مسقط

دمشق-سانا دکتر فیصل المقداد، وزیر امور خارجه و مهاجران با ارسال پیامی به بدر بن …