دمشق-سانا
أقام المركز الثقافي العربي في المزة اليوم محاضرة بعنوان “الترجمة بين تاريخ الأديان والمثاقفة الأندلسية”، ألقاها الباحث والمترجم شادي حمود، بدعوة من مديرية الثقافة بدمشق.
واستعرض الباحث بدايات الترجمة في العصر النبوي، مذكراً بدور الصحابي سلمان الفارسي كأول من نقل بين العربية ولغات الأمم الأخرى، وجهود الصحابي زيد بن ثابت الذي أتقن السريانية والفارسية واليونانية وتولى مهمة ترجمة الرسائل ومراسلة الملوك.
من بيت الحكمة إلى المأمون
وتوقف حمود عند العصرين الأموي والعباسي، منوهاً بإسهامات ابن المقفع في نقل المؤلفات الفارسية والهندية، وتأسيس بيت الحكمة في بغداد كأحد أبرز المراكز العلمية التي نهضت بالمعرفة، وصولاً إلى دعم الخليفة المأمون لحركة الترجمة بإرسال البعثات العلمية واستجلاب كتب الفلسفة والمنطق.
الأندلس ومشروع ألفونسو العاشر
وسلط الضوء على الدور الريادي للأندلس التي احتضنت مدرسة طليطلة للترجمة، وأسهمت في إثراء الثقافة الأوروبية، وصولاً إلى المشروع الترجمي الكبير الذي رعاه الملك ألفونسو العاشر (1254–1275م) والذي نقل مؤلفات في الفلسفة والفلك والطب والرياضيات من العربية إلى القشتالية ومنها إلى اللاتينية، ما سمح بانتشار العلوم العربية والإسلامية في أوروبا.
الطهطاوي ومدرسة الألسن
كما تناول حمود حركة الترجمة الحديثة في القرن التاسع عشر مع عهد محمد علي باشا، الذي أسس مدرسة الألسن بإدارة رفاعة الطهطاوي لنقل المعارف الأوروبية وإغناء الثقافة العربية بالعلوم الحديثة.
شروط المترجم الناجح
وأكد المحاضر أن المترجم الناجح يجب أن يمتلك ثروة لغوية ومعرفية واسعة، ويعيد صياغة النصوص بمهارة تضمن الحفاظ على جوهرها الفكري والجمالي، لتبدو كأنها مؤلفات أصلية في لغتها الجديدة.
ترجمة الكتب السماوية… خصوصية حضارية
وختم حمود محاضرته بالإشارة إلى خصوصية ترجمة الكتب السماوية لما تحمله من أبعاد روحية ولغوية حساسة، مؤكداً أن هذا النوع من الترجمة أسهم في تعزيز الحوار بين الحضارات والأديان، ويُعَد اليوم مفتاحاً رئيسياً لترسيخ التفاهم الإنساني في عالم بات أقرب إلى قرية صغيرة بفضل الثورة الرقمية.
يذكر أن شادي حمود مترجم يعمل ضمن الهيئة العامة السورية للكتاب، وشارك في العديد من المحاضرات والأنشطة الثقافية في دمشق، ومن أعماله المترجمة كتاب علم اجتماع الهجرات، ومسرحية الأم والطفل بخير.