دمشق-سانا
احتضن غاليري زوايا في قلب دمشق، معرض النحت الجماعي “بازلت 1″، الذي افتُتح مساء اليوم بمشاركة 22 نحاتاً ونحاتة من أجيال وتجارب فنية مختلفة، تحكي حكاية أرض ووجع وحياة عبر هذه المادة القاسية، بمواضيع وأساليب وأحجام متعددة، ما شكّل حواراً بصرياً بين الأعمال.

قدم النحات مصطفى علي في المعرض عمله الذي يرتكز على فن البورتريه التعبيري، مستخدماً خامة البازلت والجرانيت، حيث وصف في تصريح لمراسل سانا هذه المواد بأنها “صلبة” لكنها تحمل إمكانات واسعة للتعبير الفني، كونها تتيح له تجسيد الخلود والاستمرارية، معبراً عن تعلقه بقدرة هذه الخامة على نقل مشاعره وأفكاره عبر الزمن.
احترام المادة وتوازن الثنائيات

النحات غازي عانا شارك بعمل قديم، معبّراً عن حبه لخامة البازلت التي تمتاز بصلابتها وتعقيد شغلها، وهي موجودة في مناطق متعددة في سوريا، مثل الساحل وحمص والجنوب، وترمز للهُوية والارتباط بالجغرافيا، فضلاً عن امتلاكها برأيه أهمية بين خامات النحت الأخرى، ما يمنحها صفة الحجر النبيل، وأشار إلى اعتماده في اشتغاله بها على التوازن بين الكتل بأسلوبه التجريدي.
الروح والانبثاق من الأرض

النحاتة سيماف حسين رأت في معرض “بازلت 1” فرصة للتعبير عن تجارب جيل من الفنانين المتنوعين في خلفياتهم، ولعرض قصصهم من خلال خامة واحدة تجمعهم، وقدمت في عملها “حجر الطاحون” رؤيتها للحروب والأحداث على مستوى المنطقة بأسرها التي طحنت أحلام الناس وحياتهم، ولكن من جهة ثانية فإن ارتباط حجر الرحى بالحياة والخبز يجعل منه رمزاً يحمل بين طياته الألم والأمل معاً.

النحاتة هلا الجاري تحاول في عملها تصوير روح الإنسان الداخلية المتأثرة بالعوامل الخارجية والضغوط المحيطة، مستخدمة البازلت لتجسيد حركة النهوض والانبثاق من القساوة، ووصفت أعمالها بأنها مزج بين القوة والخفة، وذاكرة جغرافية صادقة من محافظتها السويداء في الجنوب السوري، مؤكدة على ارتباطها بوطنها وجغرافيا ترابها.
معرض “بازلت 1” ليس مجرد عرض فني، بل هو حوار بصري بين مادة صلبة وروح قابلة للانبعاث، يعكس تنوع رؤى النحاتين السوريين وتجاربهم الحية، وهو تأكيد على دور هذا الحجر الناري السوري العريق في إثراء المشهد الفني المحلي وربط الجغرافيا بالفن المعاصر.



