دمشق-سانا
استحوذت الأفلام الوثائقية على ثالث أيام تظاهرة سينما الثورة السورية، والتي رصدت بكثير من الدأب والألم صوراً من معاناة الشعب السوري، وما طاله من جرائم وتهجير طوال أربع عشرة سنة، ونالت عشرات الجوائز العالمية.
“من أجل سما” في كندي دمشق
تدور أحداث الفيلم الوثائقي “من أجل سما” الذي أُنتج عام 2019 بإخراج مشترك بين الصحفية والمخرجة السورية وعد الخطيب والبريطاني إدوارد واتس، حول فترة حصار مدينة حلب بأسلوب وجداني إنساني وبجرعة عاطفية عالية، أرادت من خلالها الخطيب صوغ رسالة طويلة إلى طفلتها سما التي أنجبتها خلال عدوان النظام البائد على مدينة حلب، شرحت لها وللعالم أجمع دوافع ثباتها وزوجها الطبيب “حمزة” في المدينة رغم القصف والحصار وانعدام أسباب الحياة.

وركز الفيلم على حجم القصف الذي طال مدينة حلب والدمار الكبير الذي خلفه هذا القصف بطريقة وحشية، وأبرز الجانب الإنساني من خلال مداوة الأطباء للجرحى والمصابين، وتأسيس مشفى ميداني وتصوير حالات الإسعاف ترد إلى هذا المشفى، وصولاً إلى تهجير أهالي حلب الشرقية بالباصات الخضراء.
وتحدث عدد من الحضور لمراسلة سانا عن رأيهم بالفيلم حيث عبّر الطالب المتخصص بدراسة السينما محمد صهيب عن تأثره الشديد بأحداث الفيلم، وخاصة أنه عاصر هذه الأحداث وعاشها بشكل شخصي، واعتبر أن العرض هو تحفة سينمائية حقيقة، لذلك يجب إعطاء أهمية لهذا النوع من الأفلام لأنه ينقل المعاناة للعالم.
أما آلاء عرفة أكدت أن الفيلم يحمل جرعة عالية من العواطف والمشاعر التي لا توصف، دفعتها للتأثر الكبير في أغلب المشاهد، موجهة الشكر لوزارة الثقافة على تسليطها الضوء على الأفلام الوثائقية للثورة السورية.

كما أكد صانع الأفلام القصيرة قتيبة منصور أن الفيلم سلط الضوء على الصعيد الطبي والإعلامي، وهما الأهم والأصعب خلال الثورة والحصار، حيث يقوم الطبيب بمعالجة الجرحى والصحافة توثق ما يجري من أحداث.
الجدير بالذكر أن فيلم “من أجل سما” حصد العديد من الجوائز العالمية، منها جائزة أفضل فيلم وثائقي في مسابقة الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون “بافتا” عام 2020.
“العودة إلى حمص” في كندي دمر
يصور هذا الفيلم الذي ـخرجه طلال ديركي، سنة 2013، جانباً من الواقع السوري خلال سنوات الثورة، برؤية فنية مستنداً فيها إلى 89 دقيقة من التصوير المكثف.

ويتابع الفيلم حياة عبد الباسط الساروت، لاعب كرة القدم الشاب الذي تحول إلى قائد ثوري في مدينة حمص ونال شرف الشهادة التي طالما تمناها، بالإضافة إلى الناشط الإعلامي أسامة الهبالي الذي اختفى بعد أن اعتقله النظام البائد لتأييده الثورة، وكان متفائلاً بأن الصورة تحرك العالم رغم هول الدمار الذي لحق بحمص والحصار والقمع.
يشار إلى فيلم “العودة إلى حمص” عُرض في أكثر من 80 مهرجاناً، وحصل على أكثر من 30 جائزة، منها جائزة مهرجان “صاندانس” الكبرى لأفضل فيلم وثائقي عالمي، وهو أول فيلم سوري يُوزع تجارياً في الولايات المتحدة عبر منصات إلكترونية.
“قضية الغرباء” في دار الأوبرا
فيلم “قضية الغرباء” للمخرج الامريكي براندت أندرسون، الذي عُرض بصالة الدراما في دار الأوبرا، يجسد مأساة اللاجئين من خلال قصص خمس عائلات في أربع قارات مختلفة، استند فيها إلى حوار بمسرحية توماس مور التي تُنسب لوليام شكسبير، وتدافع عن اللاجئين باعتبارهم الغرباء الذين تحملهم البلاد مرة وتلفظهم في مرات أخرى.

الفيلم الذي شارك في التمثيل به الفنان جهاد عبده، يبدأ بمشهد من مدينة حلب، مسلطاً الضوء على الأزمة التي يعيشها اللاجئون لتتوالى المقاطع في تركيا واليونان، حيث تتركب قطع الحكاية وتكتمل في النهاية، مظهرة مدى الترابط بين اللاجئين الباحثين عن الحياة والنجاة من الموت.
وحاز هذا الفيلم جائزة منظمة العفو الدولية في مهرجان برلين السينمائي، وجائزة أفضل فيلم دولي في مهرجان “ريندانس” بلندن، ما يعكس أهميته الفنية والإنسانية.
“رحلة سعيدة”.. حكاية محفوفة بالمخاطر
وعرض في صالة الدراما أيضا فيلم “رحلة سعيدة” الذي أخرجه الألماني السويسري مارك ويلكنيس، من بطولة الفنان جهاد عبده وأمل عمران وعدد من النجوم العالميين.
ويصور الفيلم رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر تعبر بها العائلات السورية طريق اللاجئين إلى أوروبا عبر بحر “إيجه”، وتركز القصة على صراع إنساني بين زوجين سويسريين يواجهان مشهد وصول قارب اللاجئين، حيث يظهر الفيلم تعاطفاً إنسانياً عميقاً مع معاناة اللاجئين، ولكن بالوقت ذاته لا يشفع ذلك التعاطف لهؤلاء اللاجئين عند الزوجين ليتم تسليمهم إلى خفر السواحل في ليبيا، وتبقى طفلة إحدى اللاجئات معهما على القارب.