الشريط الإخباري

مخيم الركبان.. شاهد إثبات..!! – صحيفة الثورة

يحضر مخيم الركبان شاهد إثبات على النفاق الأميركي والنهج العدواني الذي تمارسه ممزوجاً بكم لا ينتهي من الإضافات الملحقة بتفاصيل الإجرام بحق المدنيين الذين باتوا رهائن داخل المخيم، أو معتقلين وفق التوصيف الروسي الذي يعيد إلى الأذهان معتقلات النازية.

  قد يكون التوصيف بما يحمله من دلالات تاريخية صادماً، لكنه في حقيقته يقترب مما هو أفظع في ظل صمت دولي لم يصل حدود الاستنكار أو التنديد، ولم يرتقِ أممياً على الأقل إلى مستوى المطالبة بضرورة تفكيك المخيم لانتفاء الحاجة، ولافتقاده المشروعية الإنسانية التي لطالما كانت الشعار الذي تخفّت خلفه واشنطن.

  الأخطر أن تلك التفاصيل الصادمة من داخل المخيم تكاد تغيب عن المشهد الإعلامي، في ظل تعتيم أميركي يصل حد المنع المطلق من تسليط الأضواء على المعاناة التي يكابدها المهجّرون داخل المخيم، حيث الاستخدام السياسي لوجودهم يراد أن يكون ورقة ابتزاز تؤمن للأميركي ومرتزقته مزيداً من اللعب بالوقت بانتظار متغيرات أثبتت الأحداث أنها لن تأتي.

فالواضح من سياق التجربة أن التخطيط الأميركي لاستنزاف الوضع الحالي وصل إلى نهاياته مشفوعاً بكمٍّ لا ينتهي من القرائن، على أن السكوت بات أصعب بكثير من الكلام عن واقع المخيم، وأن الصمت بما فيه الأممي لم يعد يمتلك أي مسوغات، وخصوصاً بعد أن فاض واقع المخيم عن حدود القدرة الأميركية على الاستمرار في ممارسة التعمية السياسية تحت شعارات كاذبة.

في المحصلة نحن أمام مقاربة تستدعي النظر في الجوانب المختلفة التي أوصلت المسارات إلى ما هي عليه، في ظل وابل من الأكاذيب المصنعة والمعلبة بشكل سوَّق من خلالها الأميركي ما تراكم منها، وما قد يكون في سياق البحث عن ذرائع إضافية للمبازرة الرخيصة بحياة المدنيين، والتي باتت جزءاً من حالة عدوانية تمارسها الإدارة الأميركية بالاعتماد على مرتزقتها.

 بالتجربة كان التعاطي السوري مع مسألة النازحين أو المهجرين أياً تكن التسمية في المناطق الأخرى ذا سقف مرتفع من المصداقية، ولا تستطيع الإدارة الأميركية ولا مرتزقتها ومعهما رعاة الإرهاب الآخرون أن يشككوا في نتائجها، ما يعطي دفعاً للمحاولة السورية الروسية المشتركة تجاه مخيم الركبان منسوباً مرتفعاً أيضاً من الصدقية والجدية، بحيث يمكن توفير المستلزمات الكفيلة بعودة الأهالي المهجرين إلى مناطقهم الأصلية التي تحررت من الإرهاب.

ولعل السؤال الدائر اليوم برسم الأمم المتحدة اعتماداً على ما لمسه المسؤولون الأمميون الذين زاروا سورية هو مدى الاستعداد لهذا الأمر، ومدى الجدية التي تحققت بالتجربة من خلال السعي الحثيث لنقل النقاش من المستوى الثنائي أو الإقليمي إلى المستوى الدولي، لسحب ما تبقى من ذرائع أمام الأميركيين، حيث الحديث عن حلول في ظل وجود الإرهاب بما فيه الأميركي شكلاً من أشكال الخديعة الكبرى.

  مخيم الركبان لم يعد يحتمل المزيد من المماطلة، والأهم أنه لا يقوى على تحمل المزيد من العبثية الأميركية، وآن الأوان للدور الأممي المقترح أن يرتقي إلى مساحة تؤهله للمساهمة في الخروج من المأزق وإنهاء معاناة المدنيين، مع الانتباه والتحذير أن الوقت ليس لمصلحة معادلات العدوان، وما كان يصلح اليوم للنقاش قد يكون غداً خارج أيّ نقاش أو حديث، وما هو مقبول الآن لن يظل كذلك بعد حين، فمسألة مخيم الركبان لن تبقى من دون حل، ومروحة الخيارات واسعة وكبيرة، وجميعها حاضرة على الطاولة، ومسمار جحا لن يبقى، وهو قابل للاقتلاع، كما تمّ اقتلاع ما سبقه من ذرائع وما تم من قلب للمعادلات.. خسر الأميركيون وأدواتهم ومرتزقتهم رهانهم عليها.

بقلم: علي قاسم