الشريط الإخباري

دوما بعد الإرهاب.. زيارات عائلية والخروج إلى كسب الرزق وآمال بغد أفضل

دوما-سانا

ينكب أبو محمد الكحلوس بجسده النحيل على اصلاح عجلة عربة أمام محل “كومجي” على أحد أرصفة ساحة قبان بدران في دوما بعد يوم واحد من خلو المدينة من ارهابيي تنظيم “جيش الإسلام” حيث شرع العديد من أصحاب المحلات التجارية والمهن بمزاولة أعمالهم في أجواء من الطمأنينة أشاعها دخول عشرات العناصر والضباط من وحدات الشرطة وقوات حفظ الامن والنظام في وزارة الداخلية.

ويقول أبو محمد الذي وصل إلى نهاية العقد الرابع من عمره.. إن مهنة “الكومجي” طارئة على حياته العملية فرضها الشلل الذي خدر اعصاب المدينة منذ ان غرز الارهاب انيابه في جيدها قبل سبع سنوات لتعيش دوما التي لم تكن تعرف النوم نوعا من الموت السريري أفقد اهل اهم تجمع عمراني وصناعي وتجاري وزراعي بالغوطة الشرقية اعمالا أجادوها بكفاءة ومهارة.

ما يتمناه أبو محمد العمل بمهنته الأساسية التي كانت تدر عليه ما يؤمن لأسرته “زوجته وأولاده الأربعة” عيشا كريما ويقول: “اشتغلت كومجي حتى الله يفرجها علينا.. اتمنى ارجع متل ما كنت نجار باطون.. كنا عايشين أحلى عيشة”.

أبنية سكنية طابقية تنتصب بانتظام على أطراف ساحة قبان بدران دون أن تظهر مبدئيا وجود قاطنين فيها غير أن عبارة “مسكون” المكتوبة على باب أحد المنازل دفعتنا للاقتراب والسؤال لترد “أم سعيد الحنفي” على سؤالنا عن الفترة الماضية بعبارة “شو بدي احكي لأحكي” ترفقها بضحكة طاوية بها فصلا من الخوف على نفسها وزوجها وأطفالها الثلاثة لتضيف: “أقصى ما كنت أتمناه شراء لباس جديد لأطفالي وإطعامهم حد الشبع”.

وتشير أم سعيد إلى أنها باعت ما لدى الاسرة من اثاث بعد ان فقد زوجها وظيفته في مستوصف الانصار بمديرية الصحة ومكتب سيارات لوالد زوجها وتقول وهي تنظر إلى شقيقتيها وأطفالهما حيث تمكنوا من زيارتها بعد فترة من عدم التواصل في اليوم الأول بعد إخلاء المدينة من الإرهابيين: “عن حق ارتحنا.. الحمد لله”.

أم سعيد أصرت على إحضار الشاي ليكتمل مشهد عائلي لم تعشه الاسرة منذ سنوات فتقول.. “رجعتونا إلى دوما أيام زمان”.

وعلى مسافة بناءين حلت أم فارس على أختها ضيفة للاطمئنان عليها قادمة وحدها من شارع حلب بعد ثلاثة أشهر لم تخرج فيها من منزلها بسبب الإرهابيين “كنت أخاف من كل شيء.. أما اليوم فالطريق أمان” هكذا علقت لدى السؤال عن الوضع اليوم.

وسط ساحة قبان بدران تجمع العديد من الشبان الصغار في سن المدرسة وآخرون تجاوزوها دون أن يكملوا الطريق اليها بسبب تعطيل الإرهابيين العملية التعليمية وتخريب المدارس.

الشاب عدنان النمل 17 عاما بعد ان تعطل عمل أبيه بالنجارة وخسر مدرسته أخذ يعمل بما يطلب منه كما يقول: “قطف الفول والباذنجان والبندورة وتعشيب ونكش التربة ونجار وبائع حطب وسمان وعتال” لكنه يأمل أن لا تكون الفرصة فاتت بأن يعود الى المدرسة ويحقق حلمه في الصغر “مهندسا معماريا”.

عمل أبو فادي البعلة عتالا واشتغل بالفلاحة وبأي عمل يقوده الى لقمة العيش واليوم يتذكر عمله سابقا سائقا لسيارة شاحنة لنقل البضائع إلى المحافظات آخرها إلى مدينة الميادين في دير الزور ويقول بحسرة: “كان في امن وآمان.. نام عالطريق ما حدا كان يقارشنا ولا نرى الا شرطي المرور كان يخالفنا”.

في شارع الجلاء وسط المدينة يقف الشاب عبد الرحمن الشقر خلف ماكينة لتصليح الاحذية المهنة التي ورثها عن أسرته في محل صغير من الطين رغم ما لحق به من أذى ليضمن لقمة عيش الاسرة ويقول عبد الرحمن بنبرة تفاؤل وحماس دون أن يزيح بصره عن آلة الدرز “سكجنا المحل.. الوضع احسن .. الناس شعرت بالفرج.. صار في روحة وجيي.. لاشعوريا الانسان لما يشوف شرطة وقوات بلده بيرتاح” مبررا تحكم “جيش الإسلام” الإرهابي بالمدينة خلال السنوات الماضية “ما كان طالع بإيدنا نعمل شي من البيت للمحل”.

في الشارع ذاته فتحت عدة محلات منها لبيع الاحذية والمنظفات يقول عزو نجيب بائع في محل منظفات.. “التجار والبائعون بدؤوا على الفور بفتح محلاتهم من الساعة الثامنة صباحا حتى الخامسة مع تراجع بالأسعار بشكل كبير عما كانت عليه في أيام تنظيم جيش الإسلام”.

في الوقت الذي كان عناصر وضباط مديرية منطقة دوما ما زال لديهم الكثير من الوقت ليستكملوا تنظيف المبنى وتعزيله مما لحق به من تخريب قصدته أم عمر الريس قادمة من شارع المدرسة الهاشمية على عربة يجرها حمار اصطحبها ابنها واول ما رأت أحد الضباط بادرته قائلة بوجه ممتلئ وضاحك: “نحنا بنحب الجيش.. ابني الصغير خدم بنص حلب” وقبل أن أبادرها بالسؤال قالت: “كنا عايشين عيشة ملوك بأرضنا نزرع وناكل.. خربونا الإرهابيين يبعتلون مية حمى” ثم التفتت إلى الضابط ثانية وقالت: “محتاجة أدوية وباب للشقة” ليبادرها “لعيونك نحنا جينا منشان نساعدكن.. شو يلزمك نحنا جاهزين.. المؤسسات كلها أبوابها مفتوحة أمامكم”.

شهيدي عجيب

انظر ايضاً

القطاعات الخدمية والتعليمية والصحية في دوما تنهض بتعاون المجتمع المحلي