الشريط الإخباري

التشكيلي نصر ورور: الخصوصية تقي الفنان من تكرار تجارب الآخرين

دمشق-سانا

يمتلك التشكيلي نصر ورور أسلوباً فنياً خاصاً كرسه عبر التقنية والجذب البصري لخدمة الفكرة التي تأتي بعد تأمل ليبدع افكاراً مستفيداً من الإرث الفني لبيئته بعد أن يلبسها ثوباً فنياً معاصراً ما مكنه من انتزاع جائزة لورنزو العظيم الثانية من الدرجة الأولى في الرسم مؤخرا في بينالي فلورنسا بايطاليا عن عمله “سجادة سورية” بالإضافة للجائزة التقديرية من لجنة التحكيم متفوقاً على ألف عمل لفنانين من أكثر من سبعين بلدا شاركوا في الملتقى وللتعرف اكثر على تجربته الفنية وأسلوبه الخاص كان لـ سانا الثقافية الحوار التالي.

-كيف تصف علاقتك مع مراحل العمل الفني؟

عادة أكون مشغولا مع الفكرة لحظة حضورها وتحضيرها والصراع معها حتى تخرج بشكلها النهائي.. نختلف ونتفق لكن دائما يكون القرار النهائي لي أما العلاقة مع العمل الفني بعد الانتهاء من إنجازه فتلك تختلف من عمل لآخر لكن في المجمل أنفصل عن العمل وأبدأ في الانتقاء والتحضير لتجربة وعمل جديد.

-كيف بنيت أسلوبك الفني بما يحمله من خصوصية مرتبطة بالتراث إلى جانب روح العصر والحداثة؟

لا بد للعمل الفني من الخصوصية وإلا أمسى اجتراراً للذات ولتجارب الآخرين وفاشلاً بالنتيجة حتى عند الفنانين المنتمين إلى نفس الاتجاه الفني، لا بد للخصوصية أن تكون واضحة وجلية في الاسلوب لتقديم الجديد وإعطاء الدفع نحو المستقبل كما لا يمكن تفادي التقاطعات مع بعض التجارب الفنية الأخرى بقصد أو من غير قصد لكن عدم تجاوزها بشكل صحي وصحيح هو نهاية الفنان الحتمية فالإبداع مجموعة قرارات واعية وحية تعيش على المستقبل وتتغذى من الماضي أما التجارب الفنية فيسبقها قرار واعٍ إن كانت وليدة ومضة.

-هل ترى أن على الفنان الارتباط ببيئته وتراثه في زمن العولمة؟

لا يمكن التعامل مع التراث على أنه قطعة أثرية نعرضها ثم نضعها جانباً فهي منتج أخلاقي جمالي صنعه إنساننا وطوره عبر الزمن من طبيعته ومحيطه وللأسف نحن من أكثر الشعوب التي فرطت بتراثها وتاريخها وثروتها ثم تأتي العولمة وهي العدو الأول للتراث ولهوية الطبيعة ومن يقف وراءها من غير المرتبطين بالتاريخ والوطن.

-لماذا لوحتك فقيرة باللون وهل هذا توجه عام لديك أم هو لخدمة الفكرة والأسلوب الحالي؟

في المجموعة الأخيرة “الدوامة” لم أستخدم اللون إلا قليلاً جداً لعدة أسباب أهمها أنني لم أرد إرباك العلاقة بين الحركة وبين عين المتلقي بصرياً أما ذهنياً فاللون لا يعني أحداً إن كان في خضم دوامة ما وهذا ساعد العمل في امتصاص التركيز وإحداث الرهبة وكان من المفروض لهذه المجموعة أن تعرض تحت الضوء في أجواء مظلمة بمرافقة موسيقا الدوامة المؤلفة خصيصاً لها وهي من تأليف وتوزيع ابني هادي لكن الإمكانيات كانت محدودة.

اعتمدت في أعمالي الباقية الطاقة القصوى للون والخط ولم أنشغل في التحلية الجزئية مع إصراري على توظيف كل جزء في العمل مهما كان صغيرا حتى الفراغ منه فكان همي الصورة الكلية وتحقيق التأثير بشكل مباشر من دون إشغال للعين بلعب بصرية لأثبت مقدراتي اللونية من دون داعٍ.

-كيف ترى حال التشكيل السوري اليوم ووجوده في الخارج من ناحية الحضور والقيمة والأفكار والمستوى الفني؟

التشكيل العربي يخضع بشكل عام للسوق حيث روجت للوحة التزيينية والأعمال التركيبية لاستقطاب السوق والفن السوري لم يدخل لهذه المعادلة لأن روحه ما زالت تتوق لمجدها.

-برأيك.. هل يمتلك الفن التشكيلي السوري خصوصية أم هو عبارة عن تجارب فردية متنوعة؟

لا توجد هناك دراسة كاملة وجادة حول هذا الموضوع وما كتب سابقا ينقصه البحث والاستقصاء والموضوعية والتوثيق وبعد انقطاع مئات السنين عن إنتاج الصورة لا بد من التخبط لسنوات طويلة وهذا أثر نفسياً بشكل مباشر على عدم ظهور اتجاهات فنية نتيجة المحاولات الحثيثة من قبل الفنان للتفرد بالرغم من الاستفادة من بعض التجارب العالمية.

ثمة فنانون سوريون كان من الممكن أن يخلقوا مدارس أو اتجاهات فنية لتتطور لو تمددت لكن فكرة الاقتداء أو انتهاج رؤية فنان ما جوبهت من قبل المجتمع الفني والصالونات وصار لدى الفنانين والناشئين منهم خاصة وسواس بأن يتهموا بالسرقة حتى ولو كان تقاطعا عابراً وهذا ما أرعبني أيضاً فاعتكفت منذ بداياتي عن الانخراط أو التواصل مع تجارب أخرى أو زيارة أي معرض فني كي لا تتورط عيني وتنجر يدي من دون قصد لكني تخليت عن هذا السلوك بعد عرضي الأول للوحة حرائق صغيرة المستمدة من قصة قصيرة لوالدي الكاتب حسين ورور في المعرض السنوي للتشكيليين السوريين لكن وعلى الرغم من كل هذا أستطيع أن أميز عملا ما لفنان سوري من حيث الروح من بين مئات الأعمال الأخرى.

-هل أنت متفائل بمستقبل الفن التشكيلي السوري ولماذا ؟

طالما نملك الحرية لإنتاج الفن والإرادة لصناعة الفن فأنا جد متفائل.

محمد سمير طحان