الشريط الإخباري

فرقة تهليلة تبوح بوجدها الصوفي على مسرح الأوبرا

دمشق-سانا

تمكنت فرقة تهليلة الدمشقية من تعزيز حضورها أمس على مسرح دار الأوبرا السورية وذلك عبر توليفة واسعة من الموشحات الأندلسية والتراثية إضافةً إلى رقصات المولوية والأناشيد الصوفية التي قدمتها الفرقة معتمدةً على مقامات الوجد الصوفي من السماعي بيات حيث دأبت الفرقة على توزيع هذه الألحان بما يتناسب مع شخصية الدراويش.
وعبر تعاونها الفني اللافت مع جوقة الفرح قدمت فرقة تهليلة نفحات قدسية من موسيقا التصوف والعرفان والذكر لتحلق بأثوابها الخاصة وحضورها الغني بالموسيقا والرقصات حيث تكونت الفرقة من نخبة من موسيقيي وراقصي المولوية الذين أضاؤوا أوبرا دمشق بحفل إنشاد وتراتيل جاء هذه المرة تحت عنوان /من أجلك سورية/ أحيته تهليلة بتعاون ودعم من وزارة الثقافة حيث عملت هذه الأخيرة على تشجيع فرق الإنشاد الصوفي كانت ذروته في مهرجان الموسيقا الروحية والدينية الذي أقامته منذ سنتين في دار الأسد للثقافة والفنون.

وقدمت تهليلة عبر أداء لافت توليفة واسعة من الأناشيد والرقصات عملت فيها على تدوين نوتات الموشحات الدينية والأندلسية إضافةً إلى الأعمال الموسيقية التراثية والفنية الأصيلة على نحو .. سماعيات.. لونغات.. بشارف.. دواليب وذلك بهدف إعادة إحياء التراث الثقافي والفني الروحاني لإظهاره بالمظهر الحضاري الراقي.

وتابعت الفرقة برنامج حفلها بلوحة اقتربت من لوحة تعطيرة المولد حيث لمع نجم راقصي الفرقة في لوحة المولوية كنوع من أنواع الرقص الصوفي الذي نشأ وتربى في دمشق كدلالة على حضور الزوايا الصوفية في الحياة الدمشقية كجزء لا يتجزأ من المزاج الشعبي العام.
واقتربت تهليلة في أدائها من الفرق الصوفية العالمية التي استوعبت فرق المتصوفة من كل أصقاع الأرض ليكون الجمهور أمام ما يشبه وصلة صوفية استقت روحانيتها من مقام الحجاز وتفريعاته إذ نجحت تهليلة التي تأسست على يدي المنشد السوري العالمي الشيخ الراحل حمزة شكور في اعتمادها على جيل الشباب وأصحاب المواهب في تطوير عمل الفرقة وتكوين مزاجها العام وبصمتها في عالم الفرق الروحانية.

وكان للفرقة الدمشقية كبير الأثر لدى جمهور الأوبرا السورية من خلال تفاعله معها وانجذابه نحو رقصات الدراويش التي سجلت للعرض قيمة إضافية كصيغة متكاملة اتبعتها الفرقة لتتبنى دار الأسد للثقافة والفنون برنامج حفلات تهليلة الذي يسجل حضوراً فنياً روحانياً متزايداً بعد المشروع الأخير الذي عملت فيه مع الفنان التشكيلي بديع جحجاج وجاء بعنوان أفلا تفكرون والذي ساندت فيه الفرقة تصورا تشكيليا موسيقيا غنائيا صوفيا فريدا من نوعه.

وتضمن برنامج الحفل عدداً من الأناشيد والتراتيل منها.. يا ذا الجلال-مسيح الخير-شهيد الشام- بلاد المجد حيث تعمل مؤسسة تهليلة على تنمية الإخاء الإسلامي المسيحي والتركيز على كون الإنسان أخا لأخيه الإنسان فمنذ تأسيس الجوقة على يد الراحل حمزة شكور كانت حالة التواصل ما بين مكونات الحالة السورية الهم والاهتمام له ضمن أعماله الإنشادية لتتواصل اليوم هذه المسيرة بتركيز الاهتمام حالياً على إعادة اللحمة ما بين أبناء البلد الواحد.
كما تناغم أداء الفرقة بين الغناء الصوفي والأندلسي مع الأناشيد الدينية وتواشج مع الموسيقا الآلية ورقص المولوية حفلت به الفرقة الصوفية حيث حفلت أمسية الفرقة بوصلات من التراث الموسيقي الديني والإنشادي وما تختزنه الذاكرة الشعبية من ألحان وغناء ورقص سماح وفق برنامج غني تفاعل معه جمهور الأوبرا لما له من أثر في وجدان المتابعين.

وفاجأت فرقة تهليلة جمهورها بصوت منشديها الذين قاموا بأداء عدد من الموشحات منها

يا أجمل الأنبياء.. يا إمام الرسل..

جادك الغيث.. الصلاة على المظلل بالغمام.. أيها الساقي..

مقدمين خصوصية لافتة في تقديم هذا النمط الموسيقي إضافة إلى إبداعهم في غناء يا غصن نقا.. يمر عجبا.. يا ذا القوام.. يا بهجة الروح وغيرها ما جعل المستمعين متهيبين أمام قدرات تهليلة التي نقلت جمهورها إلى مناخات صوفية ومساحات طربية خاصة.

وشهد مسرح الأوبرا لوحات جمالية للدراويش وفق طريقة المولوية الرفاعية الشاذلية التي حققت حالة من الذوبان الصوفي بين المغني والراقصين والجمهور ولاسيما أن الغناء الصوفي يعتبر من طرق معرفة الخالق والذوبان في الوجود عبر تسليم الكائن بعرفانية خالقه عليه وسعة جلالته اللامتناهية في الزمان والمكان.‏

وجسد الحفل كبوح صوفي فاض ليكون الشعر الروحي بمثابة در نضير في أناشيد تهليلة التي عاشت الحب الصوفي بتصوره الروحاني المطلق موسيقياً ورقصاً وتقرباً من الخالق.
ولم يكن ذلك ليتحقق لولا الأداء الراقي للفرقة الموسيقية التي انسجمت فيها الآلات مع رقص الدراويش لتعزز الحالة الوجدانية لدى المغني وراقصي المولولية على حد سواء وذلك من خلال التأكيد على العلاقة بين جوقة الكمانات والآلات الإيقاعية إضافة إلى التماهي مع بقية آلات التخت الشرقي بما يؤدي إلى الارتقاء باللحن نحو تطريبية مميزة.

يذكر أن فرقة تهليلة تأسست عام 2007 وهي إحدى فرق مؤسسة تهليلة للإنتاج الصوفي والأندلسي تعنى بفن الموشح والإنشاد الديني وتهتم بنشر التراث العربي الإسلامي الأصيل وتعريف العالم بالثقافة الإسلامية المعتدلة.

وقدمت الفرقة من خلال أعمالها العديد من الأصوات الغنائية الواعدة وشاركت في العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية والدينية منها احتفالية عيد المولد النبوي الشريف كل عام..

مهرجان دمشق الأول للموسيقا الروحية والدينية.. احتفالية

رباعية أفلا.. مشروع تفكير للفنان بديع جحجاح.. كما مثلت سورية

في العديد من الاحتفاليات والمهرجانات العربية والدولية.

سامر إسماعيل