الشريط الإخباري

مهرجان طائر الفينيق المسرحي السادس في طرطوس.. الوفاء للشهداء نصا وأداء

طرطوس-سانا

استعادت ساحة المهرجانات على الكورنيش البحري لمدينة طرطوس حيويتها باستضافة إحدى أهم الفعاليات الفنية السنوية على مدى ستة أيام متمثلة بمهرجان طائر الفينيق المسرحي السادس ليكون جمهور طرطوس والوافدون إليها على موعد جديد مع مسرح الهواء الطلق بكل ما يحمله من تفاعل زادته العروض تأثيرا وتماوجا بين الابتسامة والدمعة.

وتمكن أعضاء فرقة طائر الفينيق من العمل المكثف على تسع مسرحيات وسكتشات جديدة هي “صامـ..ـطون وخشب من دم ومع وقف التنفيذ وتصبحون على وطن وخارج التغطية وع الحاجز وبين ريتا وعيونه بندقية ويا مريم البكر” إضافة إلى إعادة خمسة عروض قدمتها الفرقة في دورة المهرجان السابقة ولاقت صدى واسعا وهي “أنا رجل وزنا فكري وأحلام سيكام وثورات ديلفري وإعلام جاد وملتزم”.

واستطاعت الفرقة عبر أعضاءها التسعة الذين تنوعت مواهبهم بين التأليف والإخراج والتمثيل والإعداد المسرحي للنصوص الأدبية أن تقدم في مسرحياتها مضمونا جديدا بأداء يعتمد على الكوميديا السوداء مع التركيز على القيم الإنسانية كالرجولة الحقة والتعاطف والتضحية بالأحلام لإنقاذ الآخرين فضلا عن مشكلات اجتماعية لا يكاد يخلو منها نص كالعنف ضد المرأة وباسم الدين واستغباء الإنسان المقهور إعلاميا وحكوميا ودينيا ويشير رئيس فرقة طائر الفينيق المسرحية ومدير المهرجان الفنان فؤاد معنا إلى أن أهمية الحدث تأتي أولا من استمراره رغم الظروف الصعبة فالمهرجان الذي انطلق قبل عامين من الأزمة يواصل عروضه للعام السادس في موعده السنوي دون أن يخذل جمهور طرطوس الذي ازدادت حاجته لمن يعبر عن همومه وآلامه المتزايدة مع سنوات الأزمة والتي لا تختلف عن هموم كل السوريين المثقلة بالموت والغياب والنزوح والأمل الباقي رغم كل ذلك.

ويوضح أن مسرح طائر الفينيق اصر هذه السنة كما في كل مرة على قول الكلمة الجريئة واعتماد النقد الساخر البناء الذي يعلو به صوت المواطن السوري معريا به تجار الأزمة داخل سورية وخارجها ومحافظا على ثقته ووفائه لجنود أثبتوا حرصهم على البلد ودفعوا من دمهم ثمنا لحريتها وطهارتها وانتصارها فكان عنوان المهرجان هذا العام “سوا للوفاء للشهداء”.

وتلفت عضو اللجنة المنظمة ومسؤولة العلاقات العامة في الفرقة الممثلة سناء محمود الى الصعوبات التي تواجه المهرجان وهي مادية بأغلبها كمشكلة جميع الفرق الأهلية غير مدفوعة الأجر حيث يحظى المهرجان برعاية تشجيعية من محافظة طرطوس ودعم بعض الفعاليات الاقتصادية الذي ما زال خجولا لا يرقى إلى المستوى المطلوب في حين تتجنب فعاليات اقتصادية أخرى تقديم أي مساعدة لفعاليات لا تؤمن لها الربح والظهور والشهرة مبينة أن المهرجان يحتاج دعما رسميا قبل كل شيء ولاسيما من وزارتي السياحة والثقافة التي كانت تحرص على طباعة بروشورات المهرجان ثم توقفت عن ذلك بسبب الأزمة.

وتوضح أن الفرقة تتحدى الصعوبات المادية وتواصل الإنتاج لنفسها ملتزمة من خلال النصوص بالوطن وبالآداب العامة الأمر الذي حافظ على مكانة الفرقة والمهرجان في نفوس جمهور طرطوس الذي لم يعد يقتصر على أبناء المحافظة بل انضم إليه الوافدون من المحافظات الأخرى واجدين في المسرحيات محاكاة لآلامهم وهمومهم.

وتنوه محمود إلى انضمام عناصر شابة جديدة إلى الفرقة كون التجديد شرطا للتطور والابتكار فضلا عن حاجة الفرقة إلى مواهب تعوضها عن غياب عدد من أعضائها بسبب أداء الخدمة العسكرية واستشهاد ركن من أركان الفرقة وهو الفنان فيصل حمدي الذي منح ذووه درع المهرجان لهذا العام مشيرة إلى أن الأمل بالنجاح مستمد دوما من جمهور طرطوس الذي يبدو تفاعله واضحا مع العروض ويطالب الفرقة بالمزيد من جرأة الطرح حيث ساهمت الأزمة في إدراك الجمهور لأهمية الكلمة الحرة المسؤولة.

وبين أكثر أعضاء الفرقة تميزا تبرز الممثلة الشابة إليانا سعد التي وضعت هذا العام بصمة مهمة في التأليف والإخراج من خلال مسرحية “صامـ..ـطون” إضافة إلى مستوى متميز في التمثيل والتعبير عن أفكارها التي ساهمت الأزمة في إغنائها كما تؤكد موضحة أنها تؤمن بضرورة قيام كل سوري بالدفاع عن بلده من موقعه ولما كان للمسرح أثرا مباشرا ولحظيا في المتلقي فكان لا بد من استثمار خصوصية هذا الفن في تقديم عروض تنشر ثقافة الحياة وتحارب ثقافة الموت والإرهاب.

وتضيف إليانا إن عروض هذا العام سلطت الضوء على مشكلات الفساد قبل الأزمة وخلالها وما ولده ذلك من دعم للإرهاب ومزيد من الضغط على المواطن مشيرة إلى أن المسرحيات أضاءت أيضا على الحلول وحاولت الترويج للفكر السليم الذي يحافظ على قيمة الإنسان ولكونها جزءا لا يتجزأ من قيمة الوطن.

ومن خارج طرطوس وضعت فرقة “فضا” للفنون المسرحية من دمشق بصمة مميزة بعرض مسرحية “حلم ليلة حرب” في حين اعتذرت فرقة “أرابيسك” من حماة عن تقديم مسرحيتها “الكلام القديم” بعد أن تعرض منزل مخرجها يوسف شموط في محردة لهجوم إرهابي الذي لم يصب بأذى.

ويشير رئيس فرقة “فضا” للفنون المسرحية من دمشق الفنان غزوان قهوجي إلى أن أهم ما يلفت النظر إلى مهرجان طائر الفينيق هو نجاحه في تحقيق سمات مسرح الهواء الطلق والذي يتطلب نوعية عروض خاصة تتميز بتفاعلية أكبر مع الجمهور دون التكلف بمواصفات فنية عالية المستوى ما يجعل العرض المسرحي المنطلق أساسا من هموم الناس أكثر تأثيرا ومحاكاة للواقع وقربا من عقل وقلب الجمهور.

ويرى قهوجي أن الفرق المسرحية التي لا تزال تعمل في بعض المحافظات يتميز بأنها مشاهدة اكثر من عروض الفرق التي تعمل ضمن نطاق العاصمة دمشق والتي تضيع في زحمة فعاليات العاصمة دون أن تجد الصدى الذي تستحقه جماهيريا لافتا إلى أن هذه السلبية يمكن وضعها في خانة عدم وصول الاهتمام الرسمي بالمسرح السوري إلى الدرجة اللائقة به حيث لا تزال العروض السورية تلقى اهتماما اكبر في الخارج وتكريما لأصحابها في حين أن هذه العروض يجب أن تأخذ فرصتها المستحقة داخل البلد أولا من خلال تشجيع إقامة مهرجانات الفرق المسرحية الأهلية كمسرح طائر الفينيق لأنها الأقدر على الوصول إلى الناس وتحتاج دعما رسميا قبل كل شي.

ويوضح قهوجي أن فرقة “فضا” أطلقت مشروعا بعنوان “كي لا تطفأ اضواء مسرح القباني” بهدف اعطاء مساحة أكبر لمسرحيات الفرق الأهلية كي تستمر عروضها على مدار العام دون التقيد بموسم محدد.

انظر ايضاً

زاخاروفا: روسيا سترد بالمثل في حال أقدم الغرب على مصادرة الأصول الروسية

موسكو-سانا أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن روسيا ستحتكم لمبدأ المعاملة