داعش وأصحاب الأرقام القياسية !!-بقلم: أحمد ضوا

يستفيق المسلمون في المنطقة والعالم كل يوم على مذبحة جديدة بحق أبناء جلدتهم يرتكبها تنظيم «داعش» الإرهابي، ومع الأسف هناك من يجد المبررات لهؤلاء المجرمين الإرهابيين، ولا يتورع الكثيرون عن الدفاع عنهم تحت مسميات أكثر ما تسيء إلى دين الإسلام ورسالته.

إنَّ أكثر ما يغيظ في تبريرات هؤلاء الإرهابيين بعد ارتكاب كل مذبحة بحق المسلمين وغيرهم، القول إنها في سبيل رفع راية الإسلام، وإرهاب الكفار والمرتدين والصليبيين، بينما كل الحقائق والمعلومات تؤكد ارتباط هؤلاء باستخبارات دول غربية.‏

كان تحركها وموقفها إزاء هذه الجرائم باهتاً، وجاء القرار الأخير عن مجلس الأمن الذي رعت صدوره بشأن «داعش وجبهة النصرة» الإرهابيين باهتاً، وغير صارم، ويخدم نزعة التدخل الغربي في شؤون المنطقة أكثر من محاربة الإرهاب.‏

الأسئلة المطروحة هي، أين دور المسلمين في استئصال هذه التنظيمات الإرهابية التي تخطّت كل الحدود في الإساءة إلى الإسلام؟ وهل يكفي أن يقول أي مسلم إنه يريد الاقتداء بالسلف الصالح لكي يقترف مثل هذه الجرائم؟ وماذا ترك هؤلاء الذين يدّعون تطبيق شريعة الإسلام لله سبحانه وتعالى في يوم القيامة؟.‏

في جولة على بلاد المسلمين من غربها إلى شرقها، تختلف الأمور والأوضاع من مكان إلى آخر، ولكنها تصب في نهاية المطاف بقصد أو دونه في خدمة أعداء العرب والإسلام بواسطة هؤلاء الإرهابيين المرتزقة.‏

فبدءاً من سواحل الأطلسي، حيث رئيس «لجنة القدس!!» مشغول بتعزيز ملكه، ومد يده لتقبيلها من عامة الناس، إلى تونس وليبيا الذاهبتين وفق كل التوقعات إلى مصير مجهول، إلى مصر والسودان المطوقتين بمؤامرات التقسيم، وقطع مياه النيل، وعمالة الإخوان المسلمين ودولارات النفط القذرة، إلى فلسطين وسورية ولبنان التي تكالبت عليها كل ذئاب العالم وصهاينته، وإلى الأردن ومشيخات الخليج المنشغلة بترتيب أحوال الممالك، والبحث عن الأرقام القياسية.‏

في أطول بناء وأكبر صحن مسبحة و«سطل الماء البارد ولقطة سيلفي»، وغير ذلك من التفاهات، إلى العراق المثقل بالجراح الإرهابية الأميركية، وإيران المحاصرة إسلامياً وغربياً، وباكستان وأفغانستان المحتلتين… إلخ، حيث الأفق الإسلامي يكاد يكون مغلقاً، والأمل بعودة العقل إلى الرؤوس بات ميئوساً منه، والاستفاقة على يوم لا توجد فيه مذبحة نادرة.‏

والأكثر سوءاً من ذلك أن الكثير من داعمي «داعش والنصرة» سياسياً ومادياً وفكرياً هم من المسلمين «أفراداً ومشيخات وتنظيمات وجمعيات»، ولا تجد مشاهد مذابح الإرهابيين طريقاً إلى أنظارهم، ولا يتورعون عن الدفاع عن أفعالهم الإجرامية في السر والعلن مع كل من يخالفهم الرأي أو القول.‏

إنَّ الإسلام والمسلمين في وضع وجودي خطير جداً، ومع ذلك قليلون منهم من يقولون كلمة الحق، وكثيرون منهم ينتظرون بعضهم في الأماكن الخطرة، والمتفرج عليهم معجب بالمشهد ومتأهب لحماية مصالحه فقط، بينما «إسرائيل» تحقق بأيدي المسلمين ما لم تحققه على مدى سبعة عقود بالحديد والنار.‏

أمة الإسلام مهددة بالفناء والمشكلة أنّ كثيرين من المسلمين فرادى وجماعات وطوائف أضاعوا بوصلة نبيهم الكريم، وينتظرون من «داعش والنصرة» أتباعهما الفرج، فكانت النتيجة أنَّ هذه التنظيمات الإرهابية أتت على ما تبقى من عوامل تعيد المسلمين إلى رشدهم.‏

ثمة من يقول: إن المسلمين هم من يتحملون وزر ما حلّ بهم، وهذا صحيح، ولكن الغرب لم يقصر على الإطلاق في بث الفرقة بينهم، ونشر الإرهاب والتطرف في صفوفهم، كل ذلك يستدعي من كل العلماء العارفين بحقيقة الإسلام ورسالته العظيمة، دق ناقوس الخطر وشحذ المسلمين الأنقياء لتفادي الوصول إلى ضياع وجودي وفكري لأمة العرب والإسلام.‏

صحيفة الثورة