الشريط الإخباري

مَنْ هو عدوّنا؟

يمكن تبويب قضية «تحديد من هو العدو؟» كأهم قضية «سياسية وثقافية وإعلامية» يواجهها المجتمع السوري، ويجب الاعتراف بأنّه في أدبياتنا ومفاهيمنا «السياسية والإعلامية والثقافية وشتى المنابر المؤسساتية وحتى الشعبية..» يوجد إشكال تاريخي يخص مفهوم العدو ويتوجب الخوض فيه وغسل المفاهيم المنقوصة وترميمها.
المجتمع السوري وخلال سنوات مديدة تربى على مفهوم شبه واحد للعدو ينحصر بأن «إسرائيل هي العدو» وبنيت المناهج الدراسية والفعاليات الثقافية والإعلامية على هذا الأساس بل تعززت هوية سورية ونهجها وتقولب العقل السوري بناء على تشبعه بـ«مفهوم» خاص بالصراع العربي-الإسرائيلي، ودائماً توجد ثقافة سورية اجتماعية غزيرة العرض والطرح والتحليل تخص فهم الصهيونية ومخاطرها ومؤامراتها، مع عدم تشبع بإمكانات أدواتها، حتى تفاجأنا بإمكانات مذهلة للأدوات في مجال أذية سورية.
إذاً، أسئلة صريحة فرضت نفسها: ألم نتفاجأ بالعدو الذي «نبت» في الداخل قبل الحدود؟!. ألم تتفوق الوهابية وحركات الإسلام السياسي على إمكانات الصهيونية في التسلل إلى عقر دارنا فانبعث العدو من ظهرانينا، بينما نحن منشغلون بالصمود ضمن متاريسنا في وجه خطوط جبهة محددة مع «العدو الإسرائيلي» فقط؟!. ألم تتمكن الوهابية من الأذية في مفاهيم تخص المجتمع السوري في حين فشلت الصهيونية في كل إمكاناتها في أن تسوق «تكبيراً» على حزّ رقبة مواطن انشغل بعداوته للصهيونية وفوجئ بسكين الوهابية وسكين الصداقة العربية على رقبته؟!.
تركيا وريثة 400 سنة من احتلالها لسورية باسم «إسلام سياسي» وسلبت من سورية أجمل بقعة أرض وأهم خزان سياحي في المنطقة العربية وجوارها.. ما هو تصنيفها الذي يجب أن تحدده المنظومة الاجتماعية والثقافية والإعلامية السورية؟.
الولايات المتحدة التي تختصر الإمبريالية العالمية في أفعالها وتورطت بالدم السوري حتى النخاع، وحضّرت ووضّبت كل مخططات تقسيم سورية ومؤامرات سلب سيادتها، ما هو تصنيفها سورياً؟!.
ليس المطلوب أكثر من معاينة مصطلحاتنا الإعلامية والثقافية والسياسية تجاه «أطراف الاعتداء» ووضع «مفهوم العدو وفي أي المطارح يمكن استخدامه» على طاولة البحث، والتخلص من أكبر الأخطاء السورية العريقة التي تجعل من الضرورة السياسية بكل دبلوماسيتها تطغى على الضرورات الإعلامية والثقافية وغيرها، فتربية المجتمع تتطلب مفاهيم تعتمد الحقائق المرتبطة بطبيعة العلاقة مع العروبة والعرب والجوار والعالم، وليست خاضعة لمعيار الدبلوماسية فقط إذ يجب بناء مجتمع متعمّق في الحقائق وليس مجرد مجتمع متعمّق بالدبلوماسية!.
بقلم: ظافر أحمد