الشريط الإخباري

لا يلجم إرهاب الدولة الصهيوني سوى المقاومة-بقلم: خميس التوبي

في الوقت الذي يسعِّر فيه كيان الاحتلال الصهيوني من نيران إرهابه بالوكالة خارج فلسطين المحتلة محرِّكًا بيادقه وخدَمَه لأجل ذلك، يستمر في تسعيره بالأصالة داخلها ضد شعب فلسطين الأعزل، في تأكيد واضح على أنه كيان مركب من الإرهاب والعنف والوحشية، مستمدًّا منها بقاءه وقوته، وفي دلالة واضحة أيضًا على جبنه في المواجهات المباشرة ما لم يكن معه وكلاء وعملاء، أو يقومون هم بالنيابة عنه.
وفق هذا التقدير، نجد أن كيان الاحتلال الصهيوني نجح نجاحًا كبيرًا عبر حلفائه وعملائه في صناعة جيوش إرهابية جرارة في المنطقة، معطين إياها أسماء لا تمت إلى الإسلام ولا إلى أخلاق شعوب المنطقة وقيمها ومبادئها بصلة، في تشويه متعمد ومقصود للصفحة الناصعة البياض لرسالة الإسلام ولأتباع هذه الديانة السمحة، ولأجل رسم جغرافيا جديدة للمنطقة يُنْصب عليها كرسي القيادة والتحكم ليجلس عليه كيان الاحتلال الصهيوني.
وما يجري في فلسطين المحتلة وتحديدًا في الضفة الغربية وقطاع غزة من إرهاب دولة ضد سكانهما ليس بمعزل عن ما يجري في العراق وسورية وليبيا وتونس ومصر ولبنان واليمن، وإنما هو في إطار مشروع رسم الجغرافيا الجديدة التي يجب أن تذوب فيها جميع الحدود والفواصل المكانية لإعادة رسمها.
وفيما تتولى الآلة الإعلامية الصهيونية وتابعاتها عمليات التشويه للإسلام وأتباعه والدعاية المغلوطة عنه ببث مقاطع لعصابات إرهابية تقوم بقطع الرؤوس وبقر البطون، والإبادة الجماعية لعشرات مقيدي اليدين ومعصوبي العينين الأبرياء وسط صيحات وشعارات إسلامية بهدف حرف الأنظار عن صنوها من الجرائم الإرهابية التي يرتكبها مجرمو الحرب الصهاينة بحق الفلسطينيين، يتساءل المواطن الغربي المخدوع: هل هذا هو الإسلام؟ أليس هذا دينًا يدعو إلى العنف ويشجع الإرهاب؟
وأمام مشروع ما يسمى “إسرائيل” الكبرى اليهودية الممتدة من النيل إلى الفرات، يجد كيان الاحتلال الصهيوني مجموعة من العوائق يرى فيها تهديدًا مباشرًا لأحلامه التلمودية، محاولا تحطيمها والتي من بينها:
أولًا: اتفاق المصالحة أو ما عرف بـ”اتفاق الشاطئ” الذي وقعته كل من حركة فتح وحركة حماس وأنهتا بموجبه الانقسام القائم بينهما والذي (أي الانقسام) كان بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبًا لكيان الاحتلال الصهيوني وذلك باستغلاله هذا الوضع في التهام أراضي الضفة الغربية وتدنيس المسجد الأقصى وفرض وقائع كبيرة وكثيرة جدًّا لم يتمكن من فرضها قبل الانقسام. ولذلك فالمحتلون الصهاينة يرون أن المصالحة الفلسطينية تعني عودة وحدة الصف والموقف والكلمة وقوة موقف السلطة الفلسطينية، ما يعيق التحركات الاحتلالية الاستيطانية ويعرقل تحقق الأحلام التلمودية، وبالتالي لا بد من إفشال هذا الاتفاق بأي وسيلة كانت ولو اقتضت شن عدوان إرهابي، فجاءت مسرحية اختفاء الثلاثة من قطعان المستوطنين ومن ثم إعلان العثور على جثثهم في مدينة الخليل لتبرير اتخاذ التدابير اللازمة لتمزيق شمل الفلسطينيين بحيث يسهل الاستفراد بهم سلطة وفصائل وحركات مقاومة. والعدوان الجوي الإرهابي المسمى “الجرف الصامد” هو إحدى وسائل إعادة الفلسطينيين إلى المربع الأول بعد أن فشل التلويح بالتهديد والوعيد للسلطة الفلسطينية ولشخص رئيسها محمود عباس.
ثانيًا: سلاح المقاومة الفلسطينية بات يشكل تهديدًا خطيرًا للمشروع التصفوي التلمودي الصهيوني، حيث أخذ المقاومون الفلسطينيون تطوير إمكاناتهم وقدراتهم الصاروخية البسيطة ومضاعفة مدياتها رغم سياسة الحصار الظالم وسياسة التجويع ومحاولة التركيع. ولهذا فإن البحث عن الذرائع والمبررات لشن عدوان على قطاع غزة يدخل في إطار ضرب البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية، بما يسمح للعدو الإسرائيلي بفرض شروطه وإملاءاته وإرغام الفلسطينيين على القبول بها.

ولا ريب أن كيان الاحتلال الصهيوني ينظر إلى الجغرافية المغتصبة أرضًا وحدودًا له تواجه خطرين الأول من جنوب لبنان حيث المقاومة اللبنانية، والثاني من شمال فلسطين المحتلة حيث المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
لكن السؤال الذي يطل برأسه هنا: ما الذي يرمي إليه كيان الاحتلال الصهيوني من تحركه السريع واللافت الآن نحو تغيير جذري للواقع الفلسطيني وتصفية القضية الفلسطينية؟
ليس مستبعدًا، أن كيان الاحتلال الصهيوني يعمل على التفرغ للمهمة الأكبر التي لا يزال يواجه الفشل فيها وهي ضرب المقاومة الإسلامية في لبنان ومحاصرتها وعزلها وقطع الأوكسجين عنها، وذلك من خلال التمهيد لما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” للوصول إلى الشريط الممتد من الأردن ـ الجولان ـ لبنان وتحديدًا البقاع اللبناني، مدعومًا في ذلك من قبل الأكراد العراقيين المؤملين بإقامة دويلتهم مكافأة لهم، والحكومة التركية التي قال بعض قياداتها في مزاد للمتاجرة بالقضية الفلسطينية إنه مستعد لتسيير البوارج الحربية التركية لفك الحصار عن قطاع غزة؛ أي أن المتآمرين على تفتيت المنطقة وتقسيمها عبر ذراعهم “الداعشية” من ضمن مشروعهم تثبيت هذه الذراع الإرهابية في لبنان والجولان وشرق وشمال سورية “دير الزور وإدلب والرقة” وغرب العراق “الأنبار ونينوى وسامراء وديالى”، لتتولى ضرب واستنزاف المقاومة اللبنانية.
إلا أن هذا كله يبقى نجاحه وفشله مرتبطًا بقدرة محور المقاومة على حصد النقاط وإفشال مخططات المتآمرين، ولعل رفع ايران سقف المطالب في المفاوضات النووية مع الغرب فيه إشارة مهمة إلى أن عبثًا هناك يقابله حزم هنا. كما أن المقاومين الشرفاء لن يصمتوا عن هذا العبث والتدمير الممنهج، ولن يتركوا يد الإرهاب الصهيونية تتحكم في مصائر شعوب المنطقة.
الوطن العمانية

انظر ايضاً

كاتب عماني: منظومة دولية تدير الإرهاب وتنقل الموت والدمار من مكان لآخر في سورية

مسقط-سانا أكد الكاتب العماني خميس التوبي أن التطورات المتلاحقة في سورية والعراق خاصة والمنطقة عامة …