الشريط الإخباري

“الدولة” الإسلامية من أجل “الدولة” اليهودية

ماذا كانت الإمبريالية العالمية ستفعل، لو أن دولتين عربيتين أعلنتا الوحدة، وأزالتا الحدود بينهما؟. هل كانت ستكتفي بالتفرج، كي لا نقول التشجيع، كما فعلت، و” داعش ” يزيل الحدود أو ” صنم الوطنية ” كما سمّاها بين العراق و سورية ، في مشهد دراماتيكي لم يخل من لمسات هوليودية …
الجواب واضح طبعاً، فالاستراتيجية الإمبريالية في المنطقة العربية كانت ومازالت استراتيجية تقسيمية ثابتة، بدءاً من تجزئة سايكس بيكو، مروراً بدق الإسفين الصهيوني في قلب الوطن العربي لمنع وحدته، وصولاً الى تجزئة المجزأ التي دخلت طور التنفيذ مع مطلع القرن الحالي وصعود المحافظين الجدد الى سدة السلطة الأمريكية. فإذا كانت اتفاقية سايكس بيكو قد اعتمدت تقسيماً جغرافياً سمح بظهور دول قطرية متعددة الطوائف والمذاهب والأعراق، وأوجدت بذلك، البيئة الملائمة لإنشاء الكيان الصهيوني، فإن التجزئة الجديدة المطلوبة تعتمد تفكيك تلك الدول وتقسيمها على أساس طائفي ومذهبي وعرقي يبرّر تحقيق يهودية الكيان الصهيوني، ويضمن بقاءه وأمنه، ولا سيما بعد أن تأكد أنه فقد ميزة التفوق العسكري المطلق، ولم يعد يستطيع التغلب على المقاومة.
فلماذا صمتت الإمبريالية العالمية، والأمريكية خاصة، على فعل “داعش”، وانبرى الإعلام الموالي لها لتضخيم الحدث، الى حد اعتباره إنجازاً تاريخياً في بعض الأحيان؟
الجواب عن هذا واضح أيضاً، وهو أن مابدا، في ظاهره، عملاً وحدوياً ولو بلبوس إسلامي، يمكن أن يثير حماسة السذج والمغسولة أدمغتهم، هو في جوهره فعل تدميري وتقسيمي بامتياز، وتمّ تنفيذاً للهدف الأمريكي الصهيوني الذي نجح الصمود العربي السوري، طوال الأعوام الماضية، في مقاومته والحيلولة دون تحقيقه، هدف إسقاط الدولة الوطنية، وتقسيمها على أساس طائفي ومذهبي وعرقي، بقوة الإرهاب.
حقيقة الأمر أن “داعش” أزال تلك الحدود، لا ليوحّد ويجمّع، بل ليقسّم ويشرذم. ” والدولة ” الإسلامية التي أعلنها هي، دون أدنى شك، من مقتضيات المصلحة الإمبريالية، و”الدولة” اليهودية خاصة. ومن هنا تتأكد الطبيعة الوجودية للمعركة الدائرة اليوم في كل من سورية والعراق، باعتبارها معركة المصير العربي برمته، دون مبالغة. معركة يجب أن تنتصر فيها العروبة على الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية المهلكة، ومن يقف وراءها في المعسكر الإمبريالي الصهيوني الرجعي، مهما تطلب ذلك من تضحيات، وكلّف من أثمان. ففي مثل هذه المعارك المصيرية، تنهض الشعوب الأصيلة من رمادها، وتولد من جديد.
بقلم : محمد كنايسي