الشريط الإخباري

صور حية عن ثقافة السوريين ومعالم بلادهم في كتاب (سورية من دون نفاق)

دمشق-سانا

خلاف الكتب التي تناولت الواقع السوري في السنوات الأخيرة يأتي كتاب سورية من دون نفاق للأديب الروسي أركادي فينوغرادوف على صورة أدب الرحلات أو الاستشراق ليصور مشاعر وانطباعات مؤلفه عن بلادنا التي زارها مرارا كدبلوماسي وكضيف على مدى خمسين عاما.

الكتاب الذي صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب حفل بلغة سلسة ورشيقة نقلها للعربية المترجم الدكتور عدنان إبراهيم ما يجعل من قراءة 175 صفحة من القطع الكبير التي ضمها الكتاب بجلسة واحدة أمرا في غاية السهولة واليسر.

ويقر فينوغرادوف في مطلع كتابه أنه رغم الصداقة والشراكة التي جمعت سورية مع الاتحاد السوفييتي السابق ثم جمهورية روسيا الاتحادية فإن القليل من أبناء جلدته كتبوا عن هذا البلد الرائع مبينا أنه أراد مشاركة القراء انطباعاته عن سورية ولاسيما أنه عمل فيها نحو 25 عاما وأتيحت له زيارة كل مناطقها حيث خلص الى انها عبارة عن مخزن من الآثار العريقة والكنوز التاريخية.

وينتقل المؤلف ليقدم رؤيته عن سورية مازجا بين مشاهداته المباشرة وما قرأه عنها من كتب لمؤرخين وباحثين واصفا مدنها الكبرى وعادات وتقاليد سكانها ومناخها وخصوصية المعيشة فيها وملامح الطبائع المحلية وما فيها من تنوع كبير وما فيها من ثروات وصناعات ومعالم اثرية تاريخية التي يخصص لها صفحات طوال.

ويخص فينوغرادوف المطبخ السوري بوقفة متميزة واصفا إياه بأنه الأفضل في الشرق وخاصة مع وفرة أطباقه وميله لاستعمال الخضراوات الطازجة وزيت الزيتون ومنتجات الألبان والحبوب والبقوليات والتوابل.

ويسهب المؤلف في الحديث عن عادات السوريين من شغفهم بإكرام الضيف وللقيام بالزيارات وطقوس الزفاف عندهم وعلاقاتهم الأسرية القوية واستعدادهم الدائم للمساعدة ومحبتهم الصادقة للشعب الروسي لكن فينوغرادوف يتحدث عن عادات سلبية وجدها في افراد سوريين كعدم الدقة في المواعيد وقلة التزامهم بقواعد المرور غير أنه يؤكد أن الحوادث الخطيرة نادرة الحدوث.

ويتحدث المؤلف في كتابه عن الدولة القوية في سورية التي أنشأها القائد الخالد حافظ الأسد والتي جعلتها البلد الأكثر أمنا وسلاما في المنطقة برمتها ثم يتطرق للتطور المتسارع الذي شهدته البلاد مطلع الألفية الجديدة والتي لم تعجب الإدارة الأمريكية ومن يقف خلفها التي شنت حملة إعلامية هائلة ضد الحكومة السورية وشرعت باستغلال ما سمي الربيع السوري لإشاعة الفوضى ونهب ما فيها من ثروات.

وفي الكتاب عرض مفصل للحرب التي خاضتها سورية ضد التنظيمات الإرهابية وللدور الذي لعبته امريكا والغرب في تمويلها وتسليحها مشيرا في المقابل إلى طلب الدولة السورية عون جمهورية روسيا الاتحادية لمواجهة المتطرفين التكفيريين كإرهابيي داعش والنصرة والذي كان لها بالغ الاثر في عودة الأمن إلى كثير من ربوع سورية.

ويخبرنا فينوغرادوف في كتابه أنه زار سورية مرات عدة بعد الحرب بناء على دعوة بعض الاصدقاء فرصد بحزن الآثار التي خلفتها الحرب على طبيعة السوريين وحياتهم اليومية ولكنه يؤكد في الختام ان لقاءاته مع أصدقائه القدامى تركت لديه انطباعا مشجعا وغرست الثقة بأن سورية لن تتجزأ كما فعلت امريكا في العراق وليبيا وافغانستان ولن تنجح في زرع بذور الفوضى التي ترغب بها وان هذه البلاد ستحافظ على استقلالها.

يذكر ان أركادي فينوغرادوف رحالة ودبلوماسي ومؤرخ وهو عضو اتحاد كتاب روسيا ومن أعماله مغامرات ايرلندي أما مترجم الكتاب الدكتور عدنان ابراهيم فصدر له عدد من الاعمال منها قلادة من قلوب المحطمة والتسونامي السياسي.

سامر الشغري