الشريط الإخباري

أبعــد من رسـالة

 لا يختلف أحد على أن الملتقى العمالي الذي تستضيفه دمشق يشكل حدثاً يتجاوز خصوصية الطبقة أو الشريحة أو المكونات التي يمثلها، سواء أكان من ناحية المشاركة الواسعة أم النظرة إلى التوقيت، وصولاً إلى الشعار الذي رفعه الملتقى، باعتبار أنّ الطبقة العاملة أكثر المعنيين فيها والمتضررين من الحصار الاقتصادي والعقوبات القسرية، مروراً بالفهم الحقيقي لأبعاد الرسالة التي يسطرها الملتقى.

فالتضامن مع عمال وشعب سورية عنوان يصلح للمحاججة السياسية، ولديه القرينة على الدور الذي يمكن فهمه وتفهّمه في سياق العلاقة العمالية، التي كانت تشكل أنموذجاً في التضامن والفاعلية، ورغم ما أصاب الحركة العمالية على المستوى العالمي كما الإقليمي والعربي، فقد حافظت في الحد الأدنى على دورها في محاكاة الأزمات العالمية، وتحديداً تلك التي يغلب عليها البعد السياسي.

ويضاف عليه وإليه الكثير مما يتم وصفه في عالم اليوم بالمحاولات التي تبدو خجولة من أجل استعادة هذا الدور، ومن أجل فهم الحيثيات والمخاطر التي تواجه الطبقة العمالية والتنظيم النقابي، وهو ما يمكن التعويل عليه باعتباره – في الفهم السياسي- بداية يقظة عمالية، تستطيع أن تقدم الإضافات التي تحتاجها من أجل النهوض بدورها والحفاظ على مكتسباتها الماضية واللاحقة المهددة بساطور الهيمنة الغربية ومفهوم العقوبات الجائرة.

لسنا بوارد استعراض المعضلات التي تواجهها الهيئات النقابية في ظل انحسار الدور وتراجع الفعالية، لكننا معنيون بإعادة إحياء المساحة التي كانت تشغلها الهيئات النقابية على المستوى الإقليمي والعالمي، والتي تبدو أهميتها مضاعفة في ظل قدرتها على التحرر من الأعباء السياسية ومشتقاتها، كما أننا معنيون بالمهام الموكلة إليها في ظل تغوّل الاحتكارات وتوحش رأس المال الغربي وما يمليه من إضافات نوعية في السطوة السياسية والاقتصادية.

الملتقى النقابي في دمشق يشكل فرصةً سانحةً، وقد تكون الأهم في سياق المقاربة المطلوبة من خلال ما يتاح للمشاركين من معلومات وتفاصيل كانت مغيّبة، أو أُريد لها أن تكون مغيّبة، وهو ما يضفي على رمزية المشاركة أبعاداً سياسية لا يمكن تجاهلها أو القفز من فوقها، وقد حفلت بعض الكلمات بكثير مما كان مطلوباً الاستماع إليه والنقاش حوله، وفهم ما تمّ تغييبه.

فدمشق التي فتحت ذراعيها، تفتح أيضاً ملفاتها، وتفرد أوراقها على طاولة الملتقى، وتقدم التفاصيل التي تحتاجها الهيئات النقابية العربية والدولية، وتجد في اللقاءات الفردية والجماعية والحضور المباشر في سورية الفرصة الأثمن من أجل تشكيل وعي عمالي ونقابي، يحاكي عتبة الطموح، ويشاطرها أوجه التفاؤل المشروع التي ننتظر بوادرها بخطوات عملية، ليستعيد العمل النقابي والعمالي وهجه، وتتبدّد الصورة الباهتة التي طبعت بعض سنواته العجاف، وصولاً إلى ما هو أبعد من رسالة، وأشمل من شرح، وأعمق من موقف.

بقلم: علي قاسم