انتقائية المواقف الأمريكية تجاه الإرهاب

تحاول الإدارة الأمريكية أن تبعد الشبهات عن تورطها بدعم الإرهاب وفي هذا السياق قامت بإرسال عدد من الخبراء العسكريين إلى العراق لتقديم المعلومات الاستخباراتية للعراق في مواجهة تنظيم «داعش» لكن المتابع للسياسة الأمريكية عبر الإدارات المتعاقبة يدرك أن أمريكا وراء كل هذا الإرهاب الذي يجتاح العراق والمنطقة.
وإذا كانت لا تجاهر بدعمها لـ«داعش» وغيرها من تنظيمات تكفيرية فإن حلفاءها في المنطقة كتركيا والسعودية وقطر و«إسرائيل» يجاهرون في تقديم الدعم المباشر وغير المباشر إلى هؤلاء الإرهابيين وتسهيل عبورهم وتقديم كل ما يحتاجون إليه من مال وسلاح ومعلومات استخباراتية لقتل المدنيين والعسكريين وإشاعة الفوضى التي لا تهدد العراق فقط وإنما تهدد الأمن الإقليمي والأمن والسلم الدوليين.
إن الإدارة الأمريكية التي أرسلت عدداً من خبرائها العسكريين إلى العراق تعلم علم اليقين أن ممارسة الإرهاب والتصدي له يتطلبان بالدرجة الأولى اتخاذ موقف واضح وصارم تجاه هذا الإرهاب بغض النظر عن المكان الذي يتعرض له، فمن غير المقنع أن تكون أمريكا ضد الإرهاب في مالي والعراق وتغض الطرف عنه في ليبيا وتونس ومصر وتقدم الدعم له في سورية وتحث حلفاءها على معاداة الحكومة السورية التي تخوض أقسى الحروب التي عرفتها سورية ضد هذا الإرهاب الدولي.
وتشدد العقوبات الأحادية التي تفرضها على الشعب السوري في لقمة عيشه وفي جميع تفاصيل حياته وهذا مع الأسف ما تفعله دول الاتحاد الأوروبي ما يعني أن الإدارة الأمريكية والأطراف الأخرى التي تعادي الشعب السوري وتفرض العقوبات عليه إنما تقدم دعماً مباشراً للإرهابيين الذين يهددون الأمن في سورية وفي المنطقة، وأن إرسال عدد من الخبراء تحت لافتة مساعدة الحكومة التركية في مواجهة «داعش» لا يمكن أن يقدم لها وغيرها صك البراءة من سفك دماء عشرات الآلاف من العراقيين والسوريين الذين أريقت دماؤهم منذ سنوات وتحت غطاء سياسي للإرهابيين من الإدارة الأمريكية التي تلعب بالأمن الإقليمي والدولي لنشر الفوضى الخلاقة التي تنشدها لتفكيك دول المنطقة وإعادة تركيبها من جديد بما يخدم المشروع الأمريكي- الإسرائيلي.
إن الإدارة الأمريكية لا تزال تلعب بالنار ولا تريد الالتزام بقرار مجلس الأمن /1373/ الخاص بمكافحة الإرهاب، وتعاملها الانتقائي الذي يختلف إلى حد التناقض بين مكان ومكان وزمان وزمان يشير إلى أنها تحاول ذر الرماد في العيون لتغطية جرائمها ودعمها للإرهاب.
بقلم: محي الدين المحمد