الشريط الإخباري

فيلم أمريكي طويل

بالأمس كان دور فرنسا لتشارك في “كعكة” الحرب المزعومة على الإرهاب، وتحجز لنفسها حصة من الـ “مئة مليار دولار”، التي وضعت كتكلفة أولية لهذه الحرب، وقد ترتفع خلال التنفيذ إلى أكثر من ذلك، وما على بنوك الخليج سوى الدفع، دون أن يجرؤ أحد على القول: إن هذه المئة، والمئات التي سبقتها والتي ستليها، كان يمكن لها أن تحرر القدس من الاحتلال الإسرائيلي، وتحرر المراتب المتدنية على سلم تقارير التنمية البشرية العالمية من احتلال العرب الدائم لها.

وبالأمس أيضاً كان دور هولاند ليحاول، على خطى أوباما، رفع نسبة شعبيته، المتدنية لمستوى قياسي، عبر دمائنا، وكان أيضاً دوره في خرق القرار الدولي 2170، سواء في خطابه المكرر، أو في لائحة الدول المدعوة، وهي في معظمها، من الدول التي تعتمد الإرهاب، سواء المادي أم المعنوي، سياسة رسمية لتحقيق مصالحها.

بهذا المعنى، لا توجد فائدة جدية من أي محاولة للغوص في تحليل ما حدث في باريس، ولا حتى معرفة الخطوات المقبلة له، فما كتب في البيت الأبيض سابقاً لا يستطيع “الإليزيه”، المحكوم بمن أضاعوا إرث ديغول الاستقلالي، أن يغيّر فيه حرفاً واحداً، ولا حتى بداعي الترجمة من الإنكليزية إلى الفرنسية.

وبهذا المعنى أيضاً فإنه من الواجب إبقاء العيون مركزة على البيت الأبيض، حيث قرر “السيد” استخدام الوحش، مرة جديدة، لاستئناف ما اعتاده، وحيث يمكن القول، بكل ثقة، إن لا هدف لهذا الحلف الأمريكي الصرف، بالرغم من محاولة جهاز الدعاية الإعلامي الوهابي الهائل إسباغ الصفة الدولية عليه، سوى استنزاف قوى المنطقة، وإرباك وعزل القوى العالمية الصاعدة.

إذاً مؤتمر باريس ليس سوى النسخة الفرنسية الرديئة من “فيلم أمريكي طويل”، يسعى أوباما، من خلاله، لتوظيف دمائنا في التحضيرات الداخلية المتسارعة لحزبه للانتخابات النصفية القادمة للكونغرس، وطريق النجاح فيها الحصول على قناعة المجمع الصناعي- العسكري الحاكم فعلياً في واشنطن، بأن “الرئيس” ليس ضعيفاً، وبإمكانه السير قدماً في سياسة الفوضى الخلاقة، حتى تبقى واشنطن هي المنقذ، وهي “المُحَصّلُ” لأموال النفط السائبة والسائلة تحت عروش لا تهتم سوى ببقائها، ولو على خراب البصرة وخرائب الرياض وبقايا القدس الشريف.

والأدلة على أن ما يحدث هو “فيلم أمريكي طويل” كثيرة جداً، منها أن طائرات واشنطن لم تهاجم حتى الآن قوافل النفط المسروق والمتجهة نحو تركيا، ولم تفعل شيئاً جدياً مع أنقرة التي ترفض – لأنها مستفيدة كحكومة – قطع التمويل عبر النفط، بحسب القرار 2170، ومنها، أنها لم تجبر السعودية فعلياً على “أن تتوقف عن تصدير التطرف”، وهي تستمر أيضاً في التغاضي عن دعم “قطر” العلني لجبهة النصرة، ومنها أيضاً، أنها، وبالرغم من نص البيان الختامي لاجتماع جدة، في إحدى فقراته على ضرورة “دعم الدول التي تواجه التهديد الأكبر من داعش” تستمر في دعم كل ما يؤدي لزيادة زعزعة استقرار سورية، إحدى الدولتين اللتين يحتل “داعش” جزءاً من جغرافيتهما، وبالتالي، أليس من الواضح أن “فيلم أوباما” يسعى لزيادة الفوضى فوضى، وأن حربه “خطوة أولى قبل إعادة صياغة المنطقة والعالم”، وليس تكريس “أربيل” كعاصمة مستقلة في الحراك الغربي الرسمي، وفي الإعلام العربي التابع أيضاً، سوى صورة راهنة عن ذلك.

في المحصلة هذا فيلم أمريكي طويل، وكعادة هذا النوع من الأفلام، سنشهد الكثير من “الإبهارات والبهارات والأكشن”، لكن المعضلة أنه ستسيل دماؤنا فعلياً هذه المرة، وقد تسيل حدودنا مرة جديدة بعد سايكس- بيكو، وأننا، كعرب، سنسارع إلى دفع تكلفة الإنتاج قبل بداية العرض، وسيخرج بعضنا في نهايته مسروراً ومصفقاً للبطل الذي لا يقتل سوانا!.

بقلم: أحمد حسن

 

انظر ايضاً

افتتاح بازار الفصح للمشغولات اليدوية والحرفية في كنيسة السيدة بمشتى الحلو

طرطوس-سانا بهدف دعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمواهب الشابة، افتتحت مؤسسة ملتقى مشتى الحلو الثقافي العائلي …