الشريط الإخباري

إرهاب مع حفظ الألقاب!!

ثمّة جدل مفترض، بشأن قرار مجلس الأمن الدولي حول تجريم الدول المموّلة للتنظيمات الإرهابية، لا بد أن يثار في أذهان المتابعين وهواة قراءة ما بين السطور، وهو ذلك الجدل المنبثق عن حالة الارتياب ببيئة وتوقيت القرار، وتالياً عن قائمة أسماء من تمّ تجريمهم بالأمس كأشخاص كانوا “أكباش فداء” لتبرئة الأنظمة المتورطة!!.

إذ تبدو هنا بعض التساؤلات الملحّة، وهي على قدرٍ وافٍ من الموضوعيّة، علينا ألّا نفرّط بحق طرحها وكذلك الحصول على إجاباتٍ عليها، أولها: لماذا الآن وليس منذ سنوات تستنفر الدول الأوروبية وأمريكا لبلورة مثل هذا القرار؟، وثانيها: لو بقي نشاط التنظيمات الإرهابية محصوراً داخل المضمار السوري هل كان المجلس سيشهد هكذا تحرّكاً، خصوصاً وأنّ القرار ناجم عن مبادرة أو مشروع بريطاني؟، وربما هذا أبرز أسباب ريبة المرتابين وتساؤلات الشكّ التي تغلّف مجمل الموضوع؟!.

أمّا ثالث التساؤلات فهو المتعلّق بالقرائن المطلوبة لثبوت التهمة على من يموّل ويدعم الإرهاب.. ومن يضمن الأخذ بها في حال قدّمها الملفوحون بنار الإرهاب، وفي مقدمهم نحن السوريين، أي ماذا لو ثبتت الإدانة على الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً أو آل سعود.. أليست التهمة ثابتة وباعترافات صريحة متبادلة بشكلٍ أو بآخر بين واشنطن والرياض، إن كان بخصوص داعش أو “الإخوة” الأكبر عمراً من النصرة إلى باقي المسميات الفانتازية التي لم تلغِ حالة التماهي المطلق بينها كلها في الدعم والتمويل وآليات التخريب والإجرام، وكذلك النهج والمرجعية والدوافع..

الواقع أنّ ثمة سوابق ومجريات هنا على الأرض وهناك في المنظمة الدولية، لا تسمح لنا كسوريين بالاسترخاء لما خرج به “المجلس الدولي”، رغم الكمّ الهائل من أمنياتنا بأن يقدّم شيئاً ما من شأنه كبح جماح أخطر ظاهرة عرفتها البشرية، تمارس نزوات القتل ومصّ الدماء بحق سورية والسوريين الشرفاء، فنحن على يقينٍ من أنَّ “المجتمع الدولي” لو استطاع حصر نشاط الإرهاب والتكفير داخل الحدود السورية لما حرّك ساكناً، أي ما جرى كان لحسابات تتعلق بمصالح خارج سورية، فقد أدى تنظيم داعش المطلوب منه في العراق، وسمح بترتيبٍ جديد لإحداثيات وخارطة الثروات بتوليفٍ مناسب لاتجاهاتها ورحلتها من المنبع إلى المصبّ، كما أنجز التنظيم التكفيري مهمته في لبنان وأعاد “الحريرية السياسية” إلى المشهد اللبناني، وبات لابد من ضربه ودفنه كأداة للجريمة، فالمجرم يتخلص من أدواته عادة بعد تنفيذ جريمته لأنها شاهد إدانة.

أما فيما يخص تعاطي “دونكيشوتات” مكافحة تمويل التنظيمات الظلامية العاملة في سورية، فلا نعتقد أنَّ أحداً من كل المتنطعين بشجب الإرهاب يعنيه ما يجري، بل ربما لولا الحياء أو خشية الوقوع في مصيدة التهمة، لاستثنوا الجماعات التكفيرية وجرائمها في سورية من المسؤولية تجاه تطبيقات قرارهم “الدولي”!!.

إذ يعلم القاصي والداني أنَّ آل سعود أكبر داعمي الإرهاب والجرائم التكفيرية التي تُرتكب هنا بحقنا كسوريين، كما أنَّ تورّط الأمريكي والبريطاني والفرنسي ثابت بالأدلّة والبراهين الأكيدة… رغم ذلك يتحدّث كل أولئك عن داعمي الإرهاب بلسان الغائب لا بضمير المتكلم أو الفاعل!.

إنَّها مقدمات لا تشي بأنَّ تغيير قواعد الميدان نحو الأفضل سيكون على يد المجتمع الدولي، لا قبل قرار مجلس الأمن ولا بعده، وهذه قناعة متبلورة لدى كل سوري، إلى جانب قناعة مطلقة راسخة منذ بداية الحرب القذرة على سورية، وهي أنَّنا – نحن السوريين- الوحيدون القادرون على تقليع الأشواك التي زرعها الإرهابيون وداعموهم، ووحدة شعبنا وقوة جيشنا هي الضمان وليس قرارات المتأبطين شراً لسورية، حتى ولو تظاهروا بقرارات لا تغني ولا تسمن من جوع.

بقلم: ناظم عيد