الشريط الإخباري

معارضة واشنطن “المعتدلة” بقبضة القاعدة والإعلام الأمريكي وليس بمواجهة “داعش”

دمشق-سانا

فتح اعلان تنظيم جبهة النصرة الإرهابي التابع لتنظيم القاعدة عن أسر مجموعة من “المسلحين” الذين دربتهم واشنطن في تركيا وتطلق عليهم اسم “معارضة معتدلة” الباب أمام الكثير من الاسئلة حول الهدف الحقيقي وراء اصرار الولايات المتحدة على تقسيم الإرهاب إلى نوع مقبول وآخر غير مقبول وما اذا كانت واشنطن تراهن بالفعل على عشرات المسلحين لتغيير الوقائع الميدانية.

التجربة التي روجت لها الإدارة الامريكية بشكل مبالغ فيه في الإعلام وأعطتها اهمية كبرى تبدو غير مشجعة لمن يتبنون السياسات الامريكية اذ ان هوءلاء الارهابيين الذين خضعوا لتدريب مكثف وتم تزويدهم باسلحة نوعية ما كادوا يصلون الى أرض المعارك حتى سلموا انفسهم واسلحتهم لإرهابيي “جبهة النصرة” بدعوى الوقوع في الاسر ما يثير الشكوك حول المهمة الموكلة اليهم وان كانوا بالفعل مقاتلين ام انهم مجرد وسيط ينقل الخبرات والاسلحة الامريكية الى “جبهة النصرة”.

هذا التحليل يستند الى التجارب السابقة ورصد طريقة تعامل واشنطن بالتحديد مع ما تسميه “معارضة معتدلة” إذ أن جبهة النصرة سيطرت في نهاية شباط الماضي على مستودعات الاسلحة التابعة لميليشيا “الجيش الحر” في ريف حلب ومن بينها الاسلحة الامريكية والفرنسية وتم استخدام هذه الاسلحة فيما بعد ضد الجيش السوري دون ان تعترض واشنطن.

ورغم أن الحديث الأمريكي عن تدريب الإرهابيين بعد منحهم صفة “المعتدلين” بدأ منذ أكثر من سنتين واستهلك عشرات التصريحات والمواقف الإعلامية يوءكد عدد المتدربين أن البرنامج برمته لا يعدو كونه ورقة من أوراق الضغط على سورية أو كحجة لتبرير التدخل فيها بالتعاون مع نظام أردوغان والالتفاف على أي توازنات دولية أو مواثيق أممية تعتبر مثل هذا التدخل عدوانا سافرا وترفضه.

وأعلنت الولايات المتحدة عن إقامة برامج تدريب للإرهابيين في تركيا والأردن وكانت الحجة مساعدتهم على قتال تنظيم “داعش” الإرهابي وأرسلت وفق زعمها خبراء ومستشارين قاموا بتدريب مجموعة من هوءلاء في تركيا بمشاركة خبراء أتراك كمرحلة أولى بلغ عددهم نحو 45 إرهابيا وقامت بإرسالهم إلى مدينة اعزاز شمال سورية أي إلى منطقة تخلو من أي تواجد لتنظيم “داعش” الإرهابي.

وقام تنظيم “جبهة النصرة” بالهجوم على هوءلاء الإرهابيين في 30 تموز واسر متزعمهم و 17 عنصرا منهم وفي اليوم الثاني بادرت الجبهة إلى الهجوم على مقراتهم في مدينة اعزاز وقتلت 5 منهم واصابت 17 آخرين بجروح وخطفت 8 بينما فر 7 آخرين إلى منطقة عفرين القريبة وبالطبع استولت على اسلحتهم ومعدات الاتصال المتطورة التي زودتهم بها واشنطن.

ويتساءل متابعون للاحداث في سورية لماذا لم يتدخل سلاح الجو الامريكي لانقاذ هوءلاء الارهابيين رغم امتلاكه الامكانيات التي تساعده في ذلك مستغربين موقف وزارتي الدفاع والخارجية الامريكيتين اللتين اعلنتا ان الولايات المتحدة “ستقدم الدعم الجوي لمسلحي المعارضة المعتدلة وسيتم استهداف أي جهة تتعرض لهم” ما يجعل السوءال مشروعا لماذا لا تستهدف الطائرات الامريكية مواقع “جبهة النصرة” في ادلب وارياف حماة وحلب ودرعا وهي معروفة للجميع.

توضيح الموقف الامريكي لم يتاخر كثيرا اذ عمدت صحيفة وول ستريت جورنال الى إعلان ما لم يقله المسوءولون الأمريكيون مباشرة بأن الغارات ستشمل أي جهة تتعرض لعملاء واشنطن بما في ذلك “الجيش السوري” وهو الهدف الفعلي لمجمل العملية بمعنى ايجاد مبرر لاستهداف هذا الجيش.

ووصلت الشكوك بموقف واشنطن وجديتها في مكافحة الارهاب الى اعلى المستويات الدولية اذ اعتبرت الرئاسة الروسية عبر المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف “أن سعى الولايات المتحدة الى توفير شتى أشكال الدعم لهوءلاء سيوءدي الى مزيد من عدم الاستقرار في سورية وخلق وضع سيستغله إرهابيو تنظيم داعش”.

بينما أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الامريكي خلال لقائه في الدوحة مساء أمس أن هذه الخطوات الأمريكية “تعقد الوضع في سورية ولا تساعد على تحقيق السلام ومحاربة الإرهاب” مشددا على ان مواجهة الارهاب تتطلب” التنسيق الكامل مع الحكومة السورية وإشراك الجيش السوري وكل القوى الوطنية التي تقاتل الإرهاب منذ سنوات في الجهود الدولية”.

ورغم إدراج الولايات المتحدة الامريكية تنظيم “جبهة النصرة” على لوائح الإرهاب باعتبارها فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام فإنها لم تقم بقصف مواقعها ومقراتها بشكل مباشر باستثناء غارات محددة استهدفت أشخاصا على معرفة بهم منذ حربها مع القاعدة في أفغانستان.

ويرى محللون أن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم من خلال هذه الخطوة المتمثلة بتدريب مجموعات صغيرة من الارهابيين واعطائهم صفة “معارضة معتدلة” بنقل الخبرات العسكرية والأسلحة الحديثة بطريقة غير مباشرة إلى إرهابيي القاعدة في سورية لأن هذه المجموعات الصغيرة ستكون هدفا سهلا لـ”جبهة النصرة” من أجل ضمهم إلى صفوفها طوعا أو بالقوة كما حصل مع “حركة حزم” التي تلقت كميات ضخمة من الأسلحة الأمريكية انتهت جميعها بأيدي تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي.