الشريط الإخباري

هل ابن سعود أمام معركة وجود؟- صحيفة البعث

بعيداً عن الإهانات والشتائم ولغة التحريض والتضليل السعودية، وإثارة الأحقاد. فالمنطقة يكفيها ولعقود وأجيال ما فيها من دم ونار، ودمار معنوي ومادي. خاصة أننا في سورية دعاة ورعاة مشروع وطني قومي عروبي أصيل مقاوم راسخ.

وبعيداً أيضاً عن الإيديولوجية، وعن الصدام القائم بين التيارات الوطنية التقدمية، وبين الرجعية العربية.

فالألم العربي والإسلامي الذي عرفه العالَمان جرّاء تحالف ابن الشيخ “الوهابي” وابن سعود مستمر، ولنحتكم إلى الواقع وبالوقائع والوثائق التي لا يُستطاع إلى دفنها بالرمال سبيلاً، وبعيداً عن الأحقاد التي يذكيها هذا التحالف المسلّط صهيوأطلسياً على العروبة، وعلى الإسلام التاريخي “المحمدي” تعزيزاً للإسلام السياسي “الفتنوي”الذي يغذّيه كل أشكال التحالف الغربي الرجعي العربي.

وبعيداً عن كتاب المناضل السعودي ناصر السعيد “تاريخ آل سعود” الذي يؤكد وغيره ومعه كثيرون أن نشأة كيان ابن سعود ونظامه في الأساس انطلقت من حسابات تصفوية قامت على المفهوم البوشوي: من ليس معنا فهو ضدنا، واستمرت على أن الأسرة أمام خطر وجود دائم وقلق، لأنها نشاز في الواقع والتاريخ العربي والإسلامي، يحاكي نظام “البيعة” فيها اليوم مفهوم خلافة داعش فقط، ومن هنا خاطب البغدادي في تشرين 2014 أتباع الوهابية “بأهل التوحيد” قائلاً: سلّوا سيوفكم…، والسيف شعار المملكة الوهابية وعلَمُها.

ومع كثرة المبتعثين من الأشقاء السعوديين إلى الغرب، وتعرّض أغلبهم بعد العودة لعمليات غسل الدماغ. مع هذا وذاك هناك مؤشرات واضحة، على أن ابن سعود لم يعد قادراً على تجاهل خطر الوجود الداهم الذي يعصف به اليوم، ولأسباب عديدة منها:

– إدراك الشعب العربي في كافة أقطاره أن الرجعية العربية انتقلت من طور تبديد عوائد الثروة الوطنية القومية على الملذات والأرصدة الشخصية، لتدخل في طور توظيف هذه العوائد والفوائض في سياسات الفتنة والقتل والتدمير ضد الأشقاء من خلال الدعم الواضح للتطرف والتكفير والإرهاب.

– هناك قناعة شعبية عربية راسخة بأن الرجعية العربية بقيادة سعودية انتقلت من مرحلة دفن الرأس بالرمال إلى مرحلة التوحّش والتدخل السافر ضد الحكومات الوطنية الناشئة عن حركة التحرر الوطني العربية، وتطوّر هذا التدخل ليعمل وفق الهدف الصهيوني الذي أعلنه وشرحه بالتفصيل آفي دختر وزير الأمن الداخلي الصهيوني في محاضرته بتل أبيب بقوله: “مع السعودية حققنا أكثر مما خططنا وتوقّعنا.. فعملنا على تقويض الدولة الوطنية العربية، وتفكيك مؤسساتها الحديثة، وتشجيع تيارات الولاءات الطائفية والمذهبية والعشائرية والإثنية الموروثة، وعززنا الحركات الانفصالية والاشتباكات التي تمزّق النسيج الاجتماعي الوطني العربي”. فهل يوجد اليوم عروبي لا يدرك أن اليد السعودية والصهيونية واحدة.

– يدرك اليوم ابن سعود والسعوديون أيضاً أن ما تمضي به سياسة بلادهم من تحويل الصراع العربي الصهيوني، إلى صراع إسلامي إسلامي، أضرّ بالعروبة والإسلام وخدم الصهيونية فقط، وهم يعرفون أن رفض العرب والمسلمين يزداد لأن يكون المرجو من خدمة الحرمين الشريفين هو نسيان القضية المركزية، وانزياح الصدام ليتركز ضد محور المقاومة العربية والإسلامية.

– يعرف أبناء الشعب العربي مدى الابتزاز الذي تعرّضت له الحكومات والمؤسسات والأفراد من ابن سعود الذي استحكم بالبترودولار لشراء الذمم والعهود والمواثيق أحياناً، واستغلالاً للموارد الفقيرة أحياناً أخرى، وصاروا في حالة قرف تاريخي من “آني انطيكو فلوسي” إلى حدود وصلت فيها الوقاحة بتقديم عروض مثلاً لنزع سلاح المقاومة مقابل الإعمار أو الدمار. وتقترن هذه المعرفة بالتأكّد من أن استهداف ابن سعود للنظام القومي العربي في ليبيا وسورية والعراق ولبنان وفلسطين واليمن… لم يكن إلا لحماية “إسرائيل”… وبالمحصّلة لدعم مشروعها في يهودية الدولة المطابق لوهابية المملكة والمنطقة.

 هذا غيض من فيض، ومن البدهيات التي تجعل ابن سعود يعيش هاجس الخسارة التاريخية لاسيما أمام الصمود السوري، ويلجأ برعونة إلى “تصفية الحسابات” فيقصف الأشقاء في اليمن بالقنابل العنقودية، ويحوّل القاعدة هناك إلى “مقاومة شعبية؟!” كما أكدت بالأمس منظمات الأمم المتحدة، ويقلقه في الوقت نفسه تأكيد الإدارة الأمريكية أن التحدّيات  التي تواجهه داخلية… وما يقلقه اليوم وسيقلقه غداً ويقضّ مضاجعه كثير بل كثير جداً، ولن ينسى أبناء الشعب العربي صرخة الزعيم عبد الناصر عن المفاضلة بين الجزمة والتيجان.

< ولن يمكن لأي قيادة سياسية مصرية أن تنسى هذا، وأن تنسى أن هذا الزعيم هو الذي أطلق على سورية “قلب العروبة النابض”. فالمصري الحقيقي، يعرف من هو ابن سعود، كما يعرف الأزهر من هي الوهابية. وإننا على قناعة بأن الشعب المصري لو تُرك له الخيار بالأمس لصفع وجه ابن جبير السعودي في القاهرة بالأحذية.

لذلك ستبقى سورية دائماً الخط الأول والأخير، والأحمر والأخضر.. للعروبة وللحق والمصير بصمودها وبتحالفاتها الثابتة، وبوعي وانتماء العروبيين في كافة الأقطار الشقيقة، والأصدقاء في العالم الذين يقولون لابن سعود سرّاً وعلانية: إن غداً لناظره قريب.

د. عبد اللطيف عمران

انظر ايضاً

عصر التحولات الكبرى الجديدة بقلم: بسام هاشم

.. للمفارقة، فقد توجت “نهاية التاريخ” بتدمير نظام القطبية الأحادية نفسه، ليدخل عالم اليوم مرحلة …