الشريط الإخباري

أفنان محفوض: النحت يختزل التاريخ والهوية الثقافية والحضارية للشعوب

دمشق-سانا

ترى النحاتة الشابة أفنان محفوض أن فن النحت يختصر التاريخ والهوية الثقافية والحضارية للشعوب فهو ذاكرة تسجل على خامات قابلة للحياة والإبدية عبر العصور وتنقل هذا التوثيق الفني الحضاري من شعب لآخر في رسالة فنية خالدة.2

وتقول محفوض عن أعمالها النحتية في حديث لـ سانا: كل منحوتة لدي قطعة مني واشعر تجاهها شعور الام تجاه ابنتها وخاصة أن أغلب مواضيعي هي عن الأنثى التي أرى فيها كل القدرة على إيصال أصعب الرسائل مبينة أن المنحوتة لا تخرج للحياة لديها بقرار إنما نتيجة حب وشوق وصدفة مع الحاح كبير منها للخروج للعلن.

وتفضل النحاتة محفوض خامة الطين عن سواها من الخامات للعمل لأنها تجد فيها مادة تضج بالحياة وقدرة استثنائية لتفرغ عبرها كل صخبها الداخلي أثناء عجنها بيديها لافتة إلى أن الطين أحيانا يلهمها بالموضوع وبالشكل الذي يريد أن يكون عليه فهي تتحسسه بكل مسامها أي أنها لا تقرر الموضوع والأسلوب بشكل مسبق قبل البدء بالعمل بل تترك للطين ان يأخذ لنفسه الموضوع الأكثر نضجا وتأثيرا بداخلها مبينة انها في بعض الأحيان تفاجأ بالنتيجة النهائية للعمل مما يجعلها تتساءل من أين خرج هذا الموضوع دون ان تشعر بوجوده بداخلها.

وتقول: كانت لي تجربة مع خامة الحجر أثبتت لي ضرورة التعامل مع الخامة التي تشبهني دون احساس بالخوف منها أو من أدوات العمل اللازمة لها لذلك ابتعدت عن الحجر القاسي الذي لا يشبهني أبدا لأنني أرفض أن تحكمني الخامة بالحجم والشكل أو أن تحمل لي مفاجآت ليست بالحسبان كما في الحجر والخشب.

النحاتة محفوض التي ستقدم اول معرض فردي لها بعد ايام في ثقافي أب و رمانة تعتمد الاسلوب التعبيري الذي تجد فيه ذاتها الفنية بعيدا عن كلا الاسلوبين التجريد الذي لا يشبه شخصيتها والواقعي الذي يؤطرها على حد تعبيرها.3

وتعتبر محفوض أن تأخرها في تقديم أعمالها للناس في معرض فردي جاء بسبب انتظارها لاكتمال الفكرة لديها وليتملكها الشغف والإلحاح الداخلي بضرورة العرض رغم وجود أفكار كثيرة عندها في السابق واعمال جاهزة ولكنها لم تكن بالنضج الفني الكافي للعرض.

وتقول: إن مشروعي الفني هو تقديم أعمال فنية قابلة للحياة تكون شريكة في صناعة الغد الاجمل لبلدنا والعمل لايجاد فن حقيقي متحرر من كل القيود التي يحاول البعض فرضها في هذا الوقت لغايات لا تخدم التطور الفني والحضاري للتشكيل السوري.

وتؤكد النحاتة محفوض أن الأزمة التي نعيشها دفعتها للعمل مجددا بشغف أكبر وإصرار أقوى لتقدم أعمالا تحمل الهم والوجع السوري بعد أن كانت متوقفة عن النحت لعدة سنوات وتقول.. قررت أن أثبت وجودي في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر على سورية من موت ودمار وأعمل رغم الظروف الصعبة على توثيق المرحلة بأعمال تشابه قساوة المرحلة.

وتشير النحاتة محفوض إلى أن الموضوع الذي ستقدمه في معرضها فرض نفسه عليها فهو رغم قساوته على المشاهد إلا أن جماليات الأعمال تكمن في الرسالة التي تحملها لافتة إلى أن الموضوع الذي تقدمه أشبه بمعالج ينظف روحها من الاوجاع والآلام لتستطيع الاستمرار مستقبلا بمواضيع أخرى.

وترى محفوض أن النحت السوري حاليا لا يملك هوية فنية خاصة به فهو عبارة عن مجموعة تجارب فردية ذاتية مع تجارب تحاكي محترفات نحتية أخرى دون تقاطعات فنية كبيرة بين مجمل هذه التجارب إلا فيما ندر بالحالة الفكرية والثقافية.

وعن واقع السوق الفنية لدينا تقول محفوض..هذه السوق تجمدت مع إغلاق أغلب الصالات الفنية التي كانت تقوم بدور رئيسي في تسويق الاعمال السورية محليا وخارجيا مبينة أن بعض الصالات نقلت نشاطها لدول مجاورة واخذت معها نتاج بعض الأسماء الفنية ممن كان لهم الحظ بالتسويق الخارجي من قبل الازمة.

وتتابع.. إن عددا كبيرا من النحاتين اضطروا للمغادرة للخارج سعيا وراء حلمهم الفني والوجودي واليوم الاحظ عودة لبعض صالات الفن التشكيلي الخاصة والتي تقدم بمبادرات من فنانين محترفين تجارب مهمة مؤكدة أن استمرار صالات المراكز الثقافية والمؤسسات الثقافية الرسمية بالعمل دون توقف اتاح للكثير من الفنانين تقديم نتاجهم للناس وإثبات قدرتهم على الحياة والاستمرار.

وحول الفائدة من وجود عدد من النحاتين السوريين في الخارج حاليا ترى محفوض ان ما يقدمه هؤلاء هو تجارب ذاتية والفائدة تعود عليهم شخصيا وليس هناك أي فائدة يكسبها التشكيل السوري عموما من هذا الوجود سواء من ناحية التطور او التسويق.

وترى النحاتة التي تحضر لبرنامج تلفزيوني عن التشكيل ان هناك حالة من الشللية تحكم الملتقيات النحتية التي تقام سنويا حيث تتكرر ذات الاسماء من النحاتين إلى جانب دعم اللوحة على حساب المنحوتة فيما يخص الاقتناء والعرض والمشاركة في فعاليات فنية خارجية بسبب نواح تتعلق بظروف انتاج المنحوتة ونقلها ومكان عرضها مقارنة باللوحة الايسر في تلك النواحي.

و توضح النحاتة ومدرسة الرسم في وزارة التربية انه من حق أي نحات أن يختار الاسلوب الفني والخامة والموضوع الذي يعبر عنه ويحقق له طموحه الفني مبينة أن هناك عددا من التجارب النحتية الشبابية في تيار الحداثة ونجاحها او فشلها مرهون بتقبل الناس لها وتماشيها مع الذائقة البصرية لهم لافتة إلى ان النحت السوري لا يمكن له ان يتأثر باي تيار فني الا اذا فرض عليه وقيد حركته في الشكل والمضمون.

وتعبر محفوض عن تفاؤلها بمستقبل النحت السوري وتختم بالقول..ان الازمة ساهمت في حثي على تحقيق وجودي عبر العمل وتقديم افكار فنية جديدة لانه بعد الليل يأتي النهار وبعد الدمار يأتي الاعمار وهذا يمتد إلى جميع النواحي وللنحت دور مهم في هذه المرحلة فلطالما كانت عصور التطور الفني هي تلك التي تأتي بعد الحروب والدمار المادي والفكري.

محمد سمير طحان

انظر ايضاً

منحوتات طينية تحمل الوجع السوري في معرض النحاتة أفنان محفوض-فيديو

دمشق-سانا حملت أعمال النحاتة أفنان محفوض في معرضها الذي افتتح مساء اليوم في صالة ثقافي …