الشريط الإخباري

حالات انسجام مع الطبيعة وأبعاد وجدانية عميقة في معرض الفنانة شمس درويش

اللاذقية-سانا

تقدم الفنانة التشكيلية شمس درويش من خلال معرضها الفني الأول أفكارا ووجدانيات تتجاوز حدود اللوحة التشكيلية كعمل فني متكامل في محاولة منها لاكتشاف عوالم مجهولة في النفس البشرية لتجسدها ضمن خط فني خاص بها تبرز فيه شخصيتها الفنية المتميزة ولا سيما في اختيار ومزج الألوان.

وقدمت الفنانة أعمالا فنية مفعمة بالفرح والحياة والأمل وصل عددها الى ثلاثين لوحة فنية بقياسات صغيرة وكبيرة جسدت خلاصة تجربتها الفنية التي بدأتها عمليا منذ ست سنوات سبقتها مرحلة اكتشاف الموهبة الذاتية من خلال الرسم بأقلام الحبر والدخول عفويا إلى عالم الموتيف الذي يركز على الفكرة في اللوحة بشكل كبير.

وتؤكد شمس في حديثها لنشرة سانا الثقافية أن الفن بالنسبة لها ليس مجرد هواية بل تراه عنصرا رئيسيا في حياتها فهي تمتلك الامكانات اللازمة لاحترافه والغوص في مكنوناته دون ان تكون مجرد متطفلة على هذا المجال.

وتتابع قائلة بداياتي الحقيقية كانت مع التجريد دون وجود كتلة في أعمالي الفنية ولم أتابع كثيرا في هذا المجال لكنني عمقت امكاناتي في مجال اللون وثقافته على يد استاذي الفنان مازن غانم وعدت بعدها لتجربتي الأولى في الموتيف وأدخلت لها اللون وبذلك أصبح لي منهجي الخاص الذي يعبر عني.

وترى شمس ان تضارب الأبيض والأسود في الموتيف الاصلي الذي تأثرت به في بداياتها ظهر بشكل واضح في هذه التجربة عبر التضارب الحاصل بين الأرضية الغواش الكتيمة وشفافية المائي وألوان التحليل الضوئي التي نحصل عليها من موشور أكثر من كونها ألوانا طبيعية حيث تتكرس هذه الحالة في مختلف اللوحات التي تحمل بعدا فكريا.

وترى شمس انه يجب ان نتجه لتوعية الناس ومخاطبة عقولهم وهنا تكون اللوحة ذات البعد الفكري مهمة وذات أثر توعوي وعلى اعتبار أننا الآن نعيش حالة من الحزن نظرا للظروف المحيطة بنا أرادت أن تكون لوحاتها فسحة للأمل والراحة وزاخرة بعناصر الطبيعة ومكوناتها.

التكثيف الفكري تجلى في اللوحات الصغيرة التي تندرج في اطار العنصر الواحد المختلفة عن لوحات المساحة أو الكتلة والتي عبرت عنها شمس بقولها.. بعض اللوحات الصغيرة تتطلب وقتا وجهدا للإنجاز فنحن محكومون بمساحتها الصغيرة التي تكون كلفة الخطأ فيها باهظة جدا لذلك لا يمكن الاستهانة بصغر حجمها واعتبارها من النمط السهل على الفنان لإنجازها.

/اله الغاب/ هو الاسم الذي اختارته شمس لمجموعة اللوحات الخمس ذات الحجم الكبير في مشروعها وتعتبرها تجربة شخصية روحانية حاولت من خلالها مشاركة الجمهور بإحساسها تجاه الطبيعة البكر من خلال خمس حركات تسلسلت ضمن اللوحات كرست التجلي الكامل والعبادة إضافة إلى حركة العودة للمكان بينما تصور الحركتين الرابعة والخامسة خروج الفرد من مسرح الحياة كلاعب أساسي إلى موقع المتفرج لرؤية الأمور من بعيد.

واللوحات الكبيرة كما تشير شمس تمتلك ميزات عديدة تقنيا أهمها الورق المقمش القادر على حمل موادها التي تتكون منها كما انها تضم موتيفات كثيرة قدمتها بشكل تجريدي فيها نمط رمزي بسيط جدا قابل للتأويل بأشكال مختلفة من قبل المتلقين.

وتوضح أن العديد من الفنانين قدموا تجارب مشابهة لتجربتها وتمنى الاطلاع عليها للتعرف على كيفية توظيفهم لعناصر اللوحة واظهار اسلوبهم الخاص فكريا وتقنيا رغم انها ترى انها قطعت في مشروعها شوطا كبيرا ضمن تجربتها الفنية كتشكيلية غير متخصصة بدراسة الفن اكاديميا إلا أن خطوتها التالية بعد المعرض ستكون نحو التخصص في هذا المجال واجراء دراساتها الخاصة قبل الانطلاق بمشروعها القادم الذي سيكون أقوى ومدعما برؤية فنية اكاديمية.

وتنفي شمس وجود صعوبات أو معيقات واجهتها أثناء التحضير لمشروعها الفني الذي استهلك منها ما يقارب السنتين وثلاثة أشهر لتحضيره وانجازه مشيرة لوجود لوحات ذات حساسية عالية أنجزتها بصبر وتأن وبحالات وجدانية خاصة وتقول.. “كنت مصرة على الالتزام تجاه نفسي ومستقبلي لتحقيق ذاتي فنيا فالخطوة الأولى تعتبر الأهم بالنسبة لي لاتابع مشواري حتى اصل الى المكان الذي اطمح اليه بمسير واثق ومدروس”.

ويستمر معرض شمس حتى العاشر من الشهر الجاري في مقهى آبي رود الثقافي في المشروع الأول.

يشار إلى أن شمس درويش من مواليد اللاذقية عام 1982 وهي خريجة هندسة الكترونية/ جامعة تشرين.