الصحافة الفرنسية تحذر من مخاطر انحياز السياسة الفرنسية للأنظمة الخليجية

باريس-سانا

انتقدت الصحف الفرنسية اليوم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بعد اصطفافه وراء الحلف الخليجي في الشرق الأوسط واصفة موقفه ب “المقامرة الخطرة”.

وقالت صحيفة لوبوان.. إن “وقوف هولاند بصف القوى السياسية الخليجية التي سمحت له ببيع العديد من العقود مقامرة ثمينة ولكن خطيرة” لافتة إلى أن الغزل الفرنسي الخليجي جعل مبيعات فرنسا لطائراتها المقاتلة تتسارع بشكل كبير بعد عقد من الفشل.

وأكدت الصحيفة في مقال بعنوان “فرانسوا هولاند الصديق المفضل للملكيات البترولية” أن فرنسا قبضت مليارات الدولارات مكافأة للتقارب الاستراتيجي مع دول الخليج مشيرة إلى أن هولاند سيكون أول رئيس غربي يحضر اجتماع القمة الخليجية اليوم.

وأشارت الصحيفة إلى تصريح وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان الذي أجرى منذ أيار 2012 ما لا يقل عن 33 رحلة إلى الشرق الأوسط والذي يعتبر أن بلاده “تتولى موقعا استراتيجيا ثابتا في هذه المنطقة من العالم”.

وقدمت الصحيفة عرضا تاريخيا بينت من خلاله أن قصة هولاند والغرام الخليجي بدأت منذ تسلمه الرئاسة حيث انحاز باستمرار إلى السياسات الخليجية لافتة إلى أن هذ الانحياز “يتعارض مع موقف الوسيط التقليدي لفرنسا في المنطقة”.

وبينت الصحيفة أن الانحياز الفرنسي لسياسات الخليج ولاسيما في الملف النووي الإيراني جعل الملكيات البترولية 0تكافئها على ذلك فمولت “ما يصل إلى 3 مليارات يورو لشراء أسلحة فرنسية للجيش اللبناني وكفلت عملية شراء مصر لأسلحة فرنسية في ظل المساعدات السعودية”.

وأشارت الصحيفة إلى استغلال هولاند فتور العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية واختلافهما حول عدة قضايا بارزة في المنطقة ولا سيما الأزمة في سورية التي كانت سببا آخر في التقارب بين الطرفين حيث شكلت مواقف هولاند العدائية ومطالبته الدائمة بالحل العسكري بوابة مهمة للتقارب السعودي الفرنسي.

واعتبر فرانسوا نيكولو سفير فرنسا السابق لدى إيران أن “الاستراتيجية الفرنسية لاتزال محفوفة بالمخاطر” مشيرا إلى قرار الدبلوماسية الفرنسية دعم ممالك شبه الجزيرة العربية في منطقة الشرق الأوسط المضطربة.

وأشارت الصحيفة إلى موقف الدبلوماسي الفرنسي السابق دنيس بوشار الذي انتقد دعم باريس للعدوان الخليجي على اليمن والذي “أوقع المئات من الضحايا المدنيين ولم يتمكن حتى الآن إلا من تعزيز الفوضى في البلاد ما أعطى الأفضلية لتنظيم القاعدة في اليمن”.

ولفت بوشار إلى أنه يجب على فرنسا أن تتجنب سياسة الانحياز إلى الجانب الخليجي في المنطقة وأن تعي أهمية إيران كعامل رئيسي في منطقة الشرق الأوسط.

وقال بوشار.. “من الصعب أن ننسى أن السعودية مهد الوهابية وهي أيديولوجية متعصبة جدا في الإسلام مارست لفترة طويلة لعبة الازدواجية فيما يخص الحركات الجهادية التي تروع المنطقة اليوم” لافتا إلى دورها بنشر الإسلام المتعصب عن طريق مؤسسات أو شخصيات خليجية ثرية والترويج ل”الجهاد السلفي”.

من جهتها أكدت صحيفة لوفيغارو في مقال كتبه الصحفي جورج مالبرونو اليوم أن باريس تدعم بقوة دول الخليج إزاء مخاوفها من قضايا متعددة في الشرق الأوسط طمعا بمكافأة مجزية يقطفها هولاند بعقود مجزية خلال زيارته إلى المنطقة.

واستعرضت الصحيفة رزمة الخدمات الفرنسية التي جعلت باريس تستحق المكافأة الخليجية ومن بينها أن فرنسا تقدم معلومات استخباراتية سرية وصور أقمار صناعية لدعم العدوان السعودي على اليمن فضلا عن موقفها المطابق للموقف السعودي حيال الملف النووي الإيراني والأزمة في سورية.

وأشارت الصحيفة إلى تجاهل باريس للحالة الإنسانية في هذه الملكيات التي توطد فرنسا تحالفها معها زاعمة أنها القطب الوحيد للاستقرار في العالم العربي الذي يعيش حالة من الفوضى وأن الدبلوماسية الاقتصادية الفرنسية تجلب ثمارها.

ونقلت الصحيفة عن أحد الصناعيين قوله.. إن “الملكيات بدأت تتعامل معنا وفي هذه السنة أبرمت باريس عقودا بقيمة أكثر من 13 مليار يورو من العقود العسكرية في المنطقة”.

واعتبرت الصحيفة أن هولاند بوصوله إلى الرياض يغيظ الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي سيستضيف الأسبوع المقبل قادة الخليج الذين عبروا عن غضبهم من تصريحاته الأخيرة لصحيفة نيويورك تايمز التي نصت على أن “أكبر تهديد لحلفائنا العرب لا يمكن أن يأتي من إيران وإنما من الاستياء الشعبي داخل بلدهم”.

ولفتت الصحيفة إلى ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال يوم أمس في واشنطن بأن ملوك الخليج يطالبون بمظلة الولايات المتحدة في مقابل موافقتهم على صفقة النووي الإيراني.

وأضافت الصحيفة.. “إنهم يريدون أنظمة دفاعية جديدة وضمانات أمنية”.

وكان الكاتب والصحفي الفرنسي باسكال ريشة أكد في مقال نشرته صحيفة لونوفيل اوبزر فاتور الفرنسية بعنوان هولاند الصديق الطبيعي لعرابي الجهاد أن هولاند يقدم مصالحه السياسية والاقتصادية مع النظام السعودي على ملف حقوق الإنسان حيث تعد السعودية من أسوأ أنظمة العالم في هذا المجال.