مؤتمر “سورية إلى إعادة البناء” يختتم أعماله

دمشق-سانا

ناقش المشاركون في ختام أعمال المؤتمر الدولي /سورية إلى إعادة البناء / الذي أقامته جامعة دمشق الآثار الاقتصادية للإرهاب في سورية والخلاصات المستفادة من تجارب إعادة الاعمار في العراق والأبعاد الاجتماعية لإعادة البناء.

وأشارت عضو مجلس الشعب ماريا سعادة إلى وجود علاقة بين الدول التي فرضت العقوبات الاقتصادية وعمل ونشاط التنظيمات الإرهابية لافتة إلى أن هذه الحرب سببت اختلالا هيكليا عميقا في الاقتصاد وانخفاض 49بالمئة من العائدات المرتبطة بالموازنة العامة للدولة بالإضافة إلى تدمير ممنهج للمناطق والمدن والبنى التحتية.

وقدمت سعادة شرحا عن الآثار التي لحقت بالاقتصاد السوري في قطاعات النفط والزراعة مشيرة إلى انخفاض التبادلات التجارية نتيجة انخفاض في عمليات الاستيراد والتصدير بسبب العقوبات النقدية وتراجع نشاط الملاحة والنقل والمستوردات الى جانب انخفاض العائدات الجمركية وأسعار الصرف العائدية و المنح المخصصة للمشروعات الاستثمارية والتنموية.

بدوره بين الدكتور عابد فضلية الأستاذ في كلية الاقتصاد أنه على الرغم من صعوبة إثبات الإرهاب الاقتصادي من الناحية القانونية إلا انه يمارس على أرض الواقع على نطاق واسع بأوجه مختلفة حيث لم يكتف بالحصار الاقتصادي والعقوبات بل طال تأثيره قيمة العملة الوطنية والإضرار بالتجارة الخارجية للدول المستهدفة وهذا حال الأمر في سورية.

واستعرض فضلية أنواع العقوبات الاقتصادية على سورية /العقوبات الأمريكية والأوروبية وجامعة الدول العربية والتركية / وآثارها الاقتصادية على سورية ونتائجها.

وأشار فضلية إلى انخفاض حجم التجارة خلال سنوات الأزمة ليصل في منتصف عام 2014 الى نحو / 20 الى 30/ بالمئة بالمقارنة ما قبل الأزمة بالإضافة إلى إعاقة التحويلات المالية الخارجية ورفع تكلفتها وارتفاع تكاليف الشحن وبوليصات التأمين للواردات والصادرات وارتفاع تكاليف الإنتاج وأثمان السلع المستوردة أي تأجيج معدلات التضخم ما قلل من تنافسية الصادرات السورية وارتفاع أسعار القطع الأجنبي وانخفاض قيمة العملة الوطنية وبالتالي تراجع مستوى المعيشة لشرائح عريضة من السوريين ما أدى إلى إضعاف الثقة بإمكانية التعامل مع المستورد والمصدر السوري حيث انعكس سلبا على الأنشطة الاقتصادية وعجلة الإنتاج .

ورأى فضلية أن العالم ومنظماته ومؤسساته الدولية سن المئات من القوانين والتشريعات والضوابط التي تنظم العلاقات بين الدول والمؤسسات الدولية إلا أن تشريعا واحدا لم يصدر بخصوص محاربة ولجم الإرهاب الاقتصادي الدولي لان الدول الفاعلة وعرابي التشريعات الدولية هم من يدعمون ويمارسون الإرهاب وهم من يدفع /داعش /واخواته إلى سرقة النفط الوطني السوري وآلات المعامل ومخزونات المحاصيل الإستراتيجية.

بدوره استعرض مدير الترويج والتسويق في وزارة السياحة بسام بارسيك في ورقته / تأثير الأزمة على المقومات السياحية والأثرية والتاريخية/ الآثار التي تعرض لها قطاع السياحة في سورية نتيجة الأعمال الإرهابية والتخريبية من قبل التنظيمات المسلحة والتي أدت إلى انخفاض حاد في العائدات السياحية وخروج أعداد كبيرة من المنشآت السياحية عن الخدمة إضافة لتوقف المشاريع السياحية ونهب وتخريب المواقع الأثرية.

وأشار بارسيك إلى أن انخفاض مساهمة القطاع السياحي في الناتج الإجمالي المحلي قدرت ب/1548/ مليار ليرة سورية لافتا إلى أنه حسب إحصائيات عام 2010 قدرت العائدات السياحية بـ/8 /مليارات دولار والزيادة السنوية 15 بالمئة حيث كان متوقعا أن ترتفع حجم مساهمة الناتج المحلي الإجمالي من 400 مليار عام 2010 إلى 570 مليارا عام /2014/.

كما لفت بارسيك إلى أن الأثر الذي لا يمكن قياسه يتمثل في التدمير والتخريب في المواقع الأثرية والسياحية والتنقيب غير المشروع من قبل التنظيمات الارهابية المسلحة لمئات المواقع الأثرية في مختلف المناطق السورية.

وأشارت الورقة البحثية التي قدمها كل من الدكتور رسلان خضور والدكتور أحمد الصالح من كلية الاقتصاد حول/الاقتصاد السياسي لإعادة البناء/ إلى وجود ثلاث قنوات رئيسية في استراتيجية الإنفاق والإيرادات الحكومية تتمثل في عوائد الموارد الاستراتيجية والضرائب والمساعدات حيث تتمثل أهداف إعادة البناء بإعادة تأسيس الحوكمة الاقتصادية ومكافحة البطالة وتحسين مستويات المعيشة وضمان الإنصاف في التوزيع والاستقرار الاقتصادي وتحقيق نمو مستدام وبمعدلات عالية من خلال التنمية المحلية المستدامة.

ولفتت الورقة “إلى أن إعادة البناء السريعة ممكنة ولكنها أثبتت فشلها في كثير من الدول ولكنها من الممكن أن تكون ناجحة وصعبة على المدى الطويل”.

وبينت الورقة أن تحقيق النجاح يتطلب وضع أهداف واضحة والتأكيد على العلاقة بين الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وضمان التنسيق والمباشرة بتحقيق النمو الاقتصادي مبكرا وبشكل مختلف.

وحددت الورقة ثلاثة أبعاد لإمكانية بناء الدولة يتمثل البعد الأول “في وظيفة البقاء أي امتلاك الدولة للتحكم والأمن والحماية واحتكار القوة وحماية الناس والممتلكات” وتحصيل الإيرادات وذلك لضمان استمرارية وظائف الدولة في حين يتجلى البعد الثاني بتقديم” السلع العامة الأساسية الصحة والتعليم والثقافة والبنية التحتية إضافة إلى الكفاءة والشفافية والإمكانية في صنع السياسة العامة وتنظيم الاتفاقيات الحالية”.

ويتمثل البعد الثالث “بتنظيم أنظمة الحوكمة العامة والاجتماعية وتطبيق مبادئ المشاركة السياسية والتمثيل السياسي”.

وأكد الدكتور غسان ابراهيم من كلية الاقتصاد “ضرورة إعداد صياغة جديدة للبعد الاجتماعي بجناحيه إعمار البلد وإصلاح الإنسان” مشددا على ان إعادة الصياغة الاجتماعية تتطلب إدراك ووعي الفوارق الاجتماعية بين الافراد والجماعات على قاعدة الاختلاف والود والرحمة ونقد الحدث الاجتماعي وعدم الاكتفاء بتفسيره .

ورأى ابراهيم أن إعادة البناء الاجتماعي “يكون عبر ترسيخ حقوق وواجبات الفرد وتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز الديمقراطية وتحديث الموءسسات وتدعيم الحماية الاجتماعية أو تغيير الشروط والظروف الاجتماعية وبالتالي إنتاج علاقات اجتماعية بأفكار وقيم ومعايير جديدة عبر تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية اعتمادا على الكفاءة”.

بدوره استعرض الدكتور حيدر عباس من كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الخلاصات المستفادة من تجارب إعادة الاعمار في العراق مشيرا إلى أن “عملية إعادة إعمار العراق تمت تحت إشراف مباشر من الإدارة الأميركية حيث جرت عمليات نهب على يد المسوءولين الذين تمكنوا من الهروب مع أموالهم باستخدام جوازاتهم الأجنبية وهذا النهب فاق أضعافا مضاعفة ذلك النهب الذي قام به المحتل”.

وأشار عباس إلى أبرز الخلاصات المتعلقة بموضوع الإعمار في سورية موضحا “أن إعادة الإعمار عملية ينبغي الاقتصار فيها على الذات ما أمكن وعند الضروة لا ينبغي الالتجاء إلا إلى الأصدقاء”.

واعتبر عباس أن مكافحة الفساد في مرحلة إعادة الإعمار تكون ناجحة إذا تمكنت من إبقائه ضمن الحدود التقليدية مستعرضا الإجراءات التي ينبغي اتخاذها للحد من هذا الفساد.

كما تحدث الدكتور ماهر ملندي من كلية الحقوق في ورقته / مكافحة الإرهاب وإعادة البناء في القانون الدولي/ مشيرا إلى أن ميثاق حقوق الدول وواجباتها الاقتصادية الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 حدد الأسس الجوهرية التي يجب أن تستند إليها مسيرة التنمية وإعادة البناء وأهمها صيانة استقلال الدول وسيادتها وسلامتها الإقليمية وعدم التدخل في شوءونها الداخلية.

واعتبر الإعلامي والمحلل السياسي فيصل عبد الساتر أن من الأسباب الأساسية لما يجري في سورية هي محاولة إسقاط دولة محورية استعصت على الأعداء في كثير من المراحل السياسية لارضاخها وإتباعها لسياساتهم وهي “حرب في مساحة العقيدة يدمر من خلالها الارهابيون كل شيء باسم الدين” .

وأضاف “إن الدول المعادية التي عملت على إسقاط سورية كان مخططها بناء دولة على مناخهم ومزاجهم لكي تصبح مزرعة لهم” مشيرا إلى أن مسؤولية إعمار سورية ليست بالمسألة السهلة بل تتطلب تكاتف جهود الجميع” لأن حجم الدمار كبير ويجب أن تتحمله الدول المتآمرة والمعتدية عنوة” ومن حق الدولة السورية أن ترفع قضايا على هذه الدول وفي النهاية ستنتصر سورية وسيدفع هؤلاء الثمن مضاعفا.