الشريط الإخباري

النكبة وتواصل محاولات استكمالها-الوطن العمانية

اليوم الخامس عشر من مايو، وفي مثل هذا اليوم من عام 1948م أرادت قوى الاستكبار والاستعمار العالمي أن تكتب تاريخًا مغايرًا للشعب الفلسطيني، تاريخًا ملطخًا بدماء العرب والكوارث والنكبات والتهجير والفصل العنصري، تاريخًا لم ترد تلك القوى أن تدخل منعرجات نكباته فلسطين وحدها فحسب، بل المنطقة بأسرها.
واليوم يحيي الفلسطينيون الذكرى السادسة والستين على النكبة التي رزئت بها الأمتان العربية والإسلامية باغتصاب أرض فلسطين وتدنيس مقدساتها، وإبادة شعبها العربي المسلم، وإقامة قوى الاستعمار كيان الاحتلال الإسرائيلي على أنقاضها، ففي مثل هذا اليوم شهدت هاتان الأمتان النكبة الفلسطينية التي كانت إيذانًا بالبدء في أكبر عملية تطهير عرقي وتدمير وطرد لشعب أعزل وإحلال قطعان جلبت من أوروبا والولايات المتحدة مكانه والتي أسست لها مؤامرة وعد بلفور المشؤوم عام 1917م.
وفي تفاصيل النكبة ـ حسب البيانات الرسمية الفلسطينية الموثقة ـ وما تلاها من تهجير وحتى احتلال ما تبقى من أراضي فلسطين في عام 1967م ويجري استكمال احتلالها، تم تشريد نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، فضلًا عن تهجير الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم رغم بقائهم داخل نطاق الأراضي التي أخضعت لسيطرة كيان الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948م في 1.300 قرية ومدينة فلسطينية. وحسب البيانات الموثقة، سيطر المحتلون الصهاينة خلال النكبة على 774 قرية ومدينة، حيث قاموا بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، كما اقترفت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من سبعين مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن خمسة عشر ألف فلسطيني خلال فترة النكبة.
وبعد مرور ستة وستين عامًا على هذه النكبة، فإن النهج الإسرائيلي القائم على التطهير والاقتلاع والتهجير والتهويد والتدنيس يمضي وفق ما هو مخطط له، بل إن وتيرته تسارعت ـ ولا تزال ـ في ظل المفاوضات الأخيرة التي خرجت من رحم مؤامرة ما سمي “الربيع العربي” حيث كانت الإرادة الصهيو ـ أميركية تتجه نحو استغلال حالة الفوضى والإرهاب المركبة في جسم مؤامرة “الربيع العربي”، وتوظيف العلاقة العضوية بين الصهيو ـ أميركي والجماعات الإرهابية المسلحة التي بلورتها هذه المؤامرة والتي تدمر الدول المحورية الكبرى، في تحقيق الأحلام التلمودية وفق المخطط القاضي بإعادة رسم خريطة المنطقة وتنصيب كيان الاحتلال الإسرائيلي شرطيًّا عليها، وبالتالي حق التحرر والاستقلال للشعب الفلسطيني وحقه في الوحدة وإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة أمر مرفوض صهيو ـ أميركيًّا، وبات من الخطوط الحمراء والمحرمات على الفلسطينيين. بل سعيًا لتكريس جميع أشكال الظلم والانتهاكات وجرائم الحرب، يستمر المحتلون الصهاينة في تقويض أساسات الدولة الفلسطينية وسرقة ما تبقى من الأرض الفلسطينية، رافضين كل الأعراف والقوانين الدولية، وقرارات الشرعية الدولية، ملوحين بما يسمى “يهودية كيانهم المحتل” في وجه الفلسطينيين لابتزازهم ولطمس الحق الفلسطيني وإلغاء الدور الصهيو ـ غربي التآمري لإنجاز مؤامرة اغتصاب فلسطين ومحو هذا الدور وجميع الممارسات الاحتلالية الاستعمارية من الذاكرة العربية والفلسطينية.
إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، فإن الأمل لا يزال يحدو الفلسطينيين والعرب جميعًا في إنجاز ما بدأته قيادات حركتي فتح وحماس بشأن المصالحة وتفعيل عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، فهذا هو الرد المناسب على مؤامرات المحتلين الصهاينة ومراوغاتهم وعلى المواقف السلبية الممالئة لحلفائهم وداعميهم.

رأي الوطن