الشريط الإخباري

قصة وفاء بالعهد… بتول ابنة الشهيد باسل العلي: وطننا الذي احتضننا ينتظرنا جميعاً لنعيد بناءه-فيديو

دمشق-سانا

في نيسان عام 2011 وقف السوريون مع بداية الحرب على وطنهم أمام عنفوان طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها 7 سنوات تعاهد روح والدها بأنها ستصبح طبيبة تداوي الناس كي لا يموت أحد منهم، تكبر بتول ابنة الشهيد باسل العلي وتتفوق في دراستها وتنال شهادة الثانوية بعلامات عالية لتحقق أول خطوات الوفاء بالعهد.

وعن لحظة قطع الوعد والعهد قالت بتول في لقاء مع وكالة سانا في بداية الحرب على سورية كانت مفاجأة للجميع، في لحظة أصبحنا نفقد أعز الناس علينا، آباء لكثير من البنات والشباب مثلي، وأبناء كثير من الآباء والأمهات، وكل ما تعرضت له سورية كان غريباً وفرض واقعاً قاسياً علينا رغم صغر عمرنا.

القوة التي تسلحت بها تلك الطفلة الصغيرة جاءت من قسوة تلك اللحظة عندما فقدت أغلى الناس على قلبها وهل هناك أغلى من الأب… وتقول عن تلك اللحظة “ولدت تلك القوة بداخلي لأن والدي هو من علمني كيف أكون قوية وأواجه الصعاب بحياتي وأتحمل أي موقف قد أتعرض له وتلك اللحظة التي قطعت عهداً لروحه الطاهرة أمام الإعلام وأمام من أتى ليبارك لنا باستشهاده كانت ترافقني فيها روحه الطاهرة وبركة رب العالمين ومنهما استمددت تلك القوة”.

فهل كانت ابنة الـ 7 سنوات تدرك معنى ما تقوله… وعن ذلك تقول “بداية وعي الانسان تأتي من قصة قاسية وصدمة يتعرض لها.. في تلك اللحظة تتفتح مداركه وتطلعاته وإرادته.. كنت أشاهد ما يتعرض له الجيش العربي السوري وهو يدافع عنا وأخزنه بذاكرتي وأقول بيني وبين نفسي حرام أن يستشهدوا فلولاهم ما بقينا على قيد الحياة وأتى فقدي لوالدي ليتفجر لدي الوعي مبكراً ورافقني طوال العشر سنوات حيث قطعت عهداً على نفسي أن أقابل تضحياتهم بالدراسة وأصبح طبيبة”.

مراحل دراسية وحياة كاملة عاشتها بتول بجد واجتهاد ومثابرة وكان الحضن الدافئ لها أسرتها الكبيرة من بيت جدها الذين قدموا كما تقول كل الرعاية لها ولأخوتها رقية وباسل الذي كان جنيناً عند استشهاد والده كما حرصوا على توفير كل عوامل الأمان العائلي لتجتهد بدراستها وتفي بالعهد لتقول “لولا مساعدة بيت جدي لما استطعت الوصول إلى هذه اللحظة اليوم”.

وعن لحظات الضعف التي عاشتها تقول بتول “نحن بشر” لكن من الضعف تولد القوة التي تستمدها من إصرارها على تجاوز الصعوبات والتحديات.

ورافق بتول مع رحلة دراستها تعلم مهارات محببة على قلبها فأجادت العزف على آلتي الكمان والعود إضافة إلى الغناء والرياضة حيث تمارس رياضة السباحة.. حيث تقول “من خلال تعلمي تلك الهوايات وجدت أن الانسان لا تتكون شخصيته فقط بالثقافة العلمية الأكاديمية وإنما أيضاً بالثقافة بشكل عام من خلال الفن بأشكاله والرياضة فنشاهد سوريين يحصدون الجوائز العالمية في مجالات متنوعة علمية وفنية ورياضية” مشيرة إلى أنها تسعى حالياً لتعلم مهارة الكتابة الأدبية.

وعن لحظة نجاحها بتفوق بشهادة الثانوية العلمية قالت “كانت فرحة 12 عاماً من الدراسة والجد والتعب بأن تصل إلى تحقيق الحلم لحظة لا توصف والأهم بالنسبة لي الوفاء بالعهد الذي قطعته لروح أغلى انسان.. لوالدي الشهيد”.

وعند سؤالها هل ستدخل مجال الطب أم أنها قد تختار فرعاً علمياً آخر قالت “مجال الطب أحبه كثيراً وبالإضافة إلى الجانب الانساني الذي يتميز به الطبيب لدي رغبة كبيرة أن يكون لي بصمة في مداواة الجنود السوريين من جرحى ومرضى وعلاج كل من ساهم في حماية سورية حبيبتي الأغلى”.

وتابعت “يكفينا خسارة ما فقدناه نحن جيل أبناء وبنات الشهداء والشباب السوري بشكل عام يجب أن تكون يدنا هي التي تساهم في بناء سورية لتنتهي الحرب وتعود الابتسامة التي غابت طويلاً لترسم مجدداً على وجوه أطفال سورية ممن ولدوا في زمن الحرب فبأيدينا جميعا نبني وطننا الجميل”.

وعن نظرتها كشابة سورية ولجوء الشباب اليوم إلى الاغتراب نظراً لظروف الحرب القاسية والحصار الجائر الذي يتعرض له وطنهم قالت بتول “أجدها خسارة كبيرة وجميعنا كجيل شاب نطمح لأن تكون حياتنا أفضل ونتلقى أهم العلوم ونطور مهاراتنا التي تواكب العصر الحديث لكن حياتنا تكون أجمل عندما نكون بين أهلنا وأصدقائنا ومن نحبهم فهل هناك أغلى من أمنا سورية” موجهة رسالة لهم قائلة “أكملوا دراستكم وطوروا أنفسكم فوطننا الذي احتضننا ينتظرنا جميعاً لنعيد بناءه”.

أما رسالتها لأبناء وبنات الشهداء فتقول “أوصيهم بكلمة واحدة وهي الصبر على الشدة التي يتعرضون لها والإصرار والإرادة والعزيمة هي التي توصلهم إلى ما يحلمون به”.

“سيبقى طموحي أن أرفع اسم والدي قبل اسمي وربما تكون قصتي قصة نجاح يتعلم منها أبناء وبنات الشهداء الكثير ليروا الأمل في الأيام القادمة ويخلقوا من الضعف قوة” جملة أخيره ختمت بها بتول عهدها ووعدها الذي ترسم ملامحه بقوة إرادتها وتصميمها.

رشا محفوض

انظر ايضاً

بدء امتحانات الدورة الثانية لشهادة الثانوية والمسجلون فيها أكثر من 161 ألفاً