الشريط الإخباري

قيم إنسانية واجتماعية غيرت مسار ذوي الشهداء نحو حياة آمنة ومستقرة

محافظات-سانا

رغم ظروف الفقد والمعاناة التي عايشها العديد من الأسر السورية خلال سنوات الحرب الإرهابية على بلدهم إلا أن هذه الظروف نسجت مئات قصص البطولة والارادة والتكافل الاجتماعي التي انتصرت فيها القيم الإنسانية والأسرية وسط فيض من العطاء والتعاضد نتج عنه قصص وعبر يحتذى بها وبوصلة اجتماعية للمرحلة القادمة.

بعد استشهاد زوجها عبدو يعقوب الأحمر وجدت الأم الشابة وردة الشبوع من بلدة ربلة بريف حمص نفسها وجها لوجه مع الحياة بلا معيل أو سند تتكئ عليه وعلى كاهلها ثلاثة أبناء هي ملاذهم الوحيد في مواجهة القادم من الأيام.

لم تستسلم وردة للظروف القاسية كما ذكرت في حديثها لنشرة سانا الشبابية ولاسيما أنها وجدت في مجتمعها المحلي حاضنة دافئة حيث تمكنت من البدء بمشروع صغير في منزلها لبيع الألبسة القطنية يعينها على تكاليف الحياة.

وقالت: خلال عامين تحسن دخلي بشكل كبير واستطعت ادخار مبلغ مالي مكنني من توسيع عملي عبر بناء محل إلى جانب المنزل وهو ما حسن من وضع الأسرة بشكل عام دون أن ابتعد يوما واحدا عن أبنائي الذين جاهدت لتربيتهم وتنشئتهم أفضل ما يمكن ليتمكن اليوم ولدي عبود ويعقوب من شق طريقهما في الحياة واحتراف كل منهما مهنة يحبها إلى جانب تفوق ابنتي في المدرسة.

في قاموس وردة.. الحياة بحاجة للكثير من القوة والصبر للتغلب على صعوباتها الجمة والإبقاء على حالة التماسك والتعاضد ضمن الأسرة الواحدة.

على نحو مشابه استطاعت هيام الدعبل زوجة الشهيد رووف فضل الله الدعبل من محافظة السويداء تحدي الظروف القاهرة على مدى سبع سنوات بفضل إصرارها وعزيمتها موءكدة انها عاشت ظروفا صعبة بعد استشهاد زوجها عام 2013 وتحملت مسؤولية ولديها اللذين كانا في الصف الثالث الثانوي الفرع العلمي ويحضران للامتحانات النصفية إضافة لسكنهم في منزل مستأجر وما يفرضه ذلك من أعباء مادية إضافية.

وقالت الدعبل: بعد استشهاد زوجي بأشهر بدأت المؤسسات الحكومية بالمحافظة مد يد العون لي وحصلت على عمل بمجلس مدينة السويداء وبعد سنوات أصبحت رئيسا لمكتبي شؤون الشهداء والإعلام فيه.

ولفتت إلى أنها تابعت الاهتمام بدراسة أولادها كأولوية عليا إلى أن تخرجت ابنتها يارا من كلية الفنون الجميلة باختصاص “إعلان” وتعمل حاليا بالتصاميم الإعلانية طامحة بالحصول على منحة دراسية خارجية لمتابعة تحصيلها العلمي فيما لايزال ابنها عمرو في السنة الثالثة بكلية الهندسة الميكانيكية حيث تأخر تخرجه نظرا لتحمله مسوءولية المنزل والعمل معها.

كذلك سعت الدعبل الى تنمية هوايات ولديها وتحفيزهما على ممارستها حيث يجيد ابنها عمرو العزف على الأورغ وقد أحيا العام الماضي العديد من الحفلات كما تواصل يارا الرسم تماشيا مع عملها بالتصميم الإعلاني موءكدة ان تجارب الحياة ومعاناتها تعلم الإنسان أن يكون قويا وألا يستسلم وهذا ما عملت عليه مع أبنائها.

ووفق ابناء الشهيد عمرو ويارا فإن فقد الاب خسارة كبيرة لكن شهادته جاءت استجابة لنداء الوطن الذي يستحق كل التضحيات ولذلك فقد سعيا خلال هذه السنوات لاكمال الرسالة التي بدأها والدهما الشهيد عبر الدراسة والعمل ليجسدا ما حمله خلال حياته من آمال وأمنيات واسعة وليبقى ذكره عطرا زكيا.

لم تكن صدمة فقدان الأب والجرح الذي تركه في قلب عائلة الشهيد مازن محمد قاسم في محافظة اللاذقية الا حافزا للعبور نحو ضفة الامل والنجاح وفق زوجته بناء نظير رقية والتي اوضحت انها لم تستوعب بداية هول الصدمة فزوجها استشهد تاركا لها مسوءولية ثلاث بنات وصبي.. واضافت “ما ايقظني من صدمة الفقدان هو تراجع اطفالي في المدرسة وهذا ما جعلني أتذكر احلام زوجي برؤية الاطفال متفوقين وناجحين في المجتمع فقررت أن أتابع مسيرته وأحقق أحلامه وكأنه لايزال موجودا بيننا وعدت الى متابعة دروسهم وكل تفاصيل تحصيلهم العلمي”.

ولفتت إلى أنها لاقت صعوبة بالغة في السنوات الثلاث الاولى حيث لم يكن لديها مصدر كاف للدخل إلا أنها حصلت بعد ذلك على وظيفة في الجامعة فتمكنت من رفد أولادها بما يلزمهم لمواصلة الدراسة وتعويض أي نقص لديهم لتحصل اخيرا ابنتها الكبرى على شهادة معهد تخدير وتحقق ايضا نجاحا في ميدان الرياضة فتصبح كذلك مدربة كرة قدم في نادي فيروزة للناشئات بحمص أما الابنة الثانية فتخرجت من كلية التمريض في حين يواصل الابنان الآخران دراستهما في مرحلتي التعليم الاساسي والثانوي.

أما الفردوس نعمان من بانياس فكان لفقدان زوجها بعد انقطاع الاتصال به في مطار الطبقة العسكري في العام 2014 أثر سلبي بالغ على طفليها 4 سنوات و7 سنوات وصار هاجسها الأكبر أن تعود بولديها إلى بر الأمان النفسي.

وقالت: حصلت في هذا الجانب على عون كبير من عدة جمعيات أهلية متخصصة واخضعت ولدي لبرنامج دعم نفسي اجتماعي من خلال انشطتها المجانية التي تضمنت فعاليات ترفيهية وتعليمية واخرى لتنمية مهارات الحياة حيث قوبلا بمحبة صادقة وسعي مخلص لمساعدتهما.

كذلك وجدت الفردوس في الأعمال اليدوية التي تحبها فرصة لتطوير مهاراتها حيث اتقنت العديد منها وباتت تنتج الكثير من الأعمال والقطع الفنية التي وجدت طريقا لتسويقها والاستفادة من مردودها المادي كدخل اضافي للأسرة مؤكدة أن الدعم الاجتماعي والتكافل الإنساني الذي قوبلت به من محيطها كان داعما لها ولأسرتها في وقت الشدة.

انظر ايضاً

سلطنة عمان: الفيتو الأمريكي يتنافى مع الإجماع الدولي بمنح الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير

مسقط-سانا أدانت سلطنة عمان اليوم تصويت الولايات المتحدة الأمريكية ضد مشروع قرار منح فلسطين العضوية …