الشريط الإخباري

تقويم خاص لأهل حوران حسب التغيرات المناخية والتجارب الحياتية

درعا-سانا

تختزن ذاكرة الشيوخ والمسنين المعاصرين والمشتغلين بالأرض في حوران تقويما خاصا يختلف عن التقويم الميلادي والهجري المعمول به من خلال تقسيم الأوقات والفصول وفق التغيرات المناخية والتجارب الحياتية وما تم تناقله من موروث عن الأجيال السابقة.

وعايش أهالي حوران مشاكل الشتاء والرياح والمطر والثلج وعاشوا أيام المربعانية والخمسينية والتشاريق وعاشوا المواسم والأسابيع والشهور وكونوا معلومات ومقولات مبنية على تجارب حية تناقلها الآباء عن الأجداد وصولا إلى الأحفاد حتى أصبحت مكتوبة ويبدأ العام عند الفلاح الحوراني مع الأيام الأولى لبداية الموسم الزراعي الجديد أي مع بداية فلاحة الأراضي وتهيئتها للزراعة بعد تباشير الشتاء ونزول المطر.

ويرى الفلاح محمد الدريدي أن فصل الشتاء يبدأ بهبوب رياح شرقية يسميها الفلاح الحوراني الشراقي وهي علامة فاصلة بين الصيف والشتاء وتأتي هذه الشراقي مع أواخر شهر أيلول ويقولون في درعا “إن ايلول ذنبه مبلول” ومع هطول أول قطرة مطر يبدأ الموسم عند الفلاح الحوراني مبينا أن فلاحي حوران يعتقدون أن بدء هبوب الرياح الشرقية قبل طلوع الشمس يؤدي إلى زوالها عند الضحى في حين إذا بدأت بعد طلوع الشمس فأن تأثيرها يستمر ثلاثة أيام .

ويضيف..إن الفلاح الحوراني يتشاءم من الرياح الشرقية لأنها تجفف الوجه وتسبب ظهور طبقة جافة على سطح الجلد واليدين والرجلين ويقولون عن سنة الشراقي “سنة الشراقي بتدور ما بتلاقي” أي أنك تبحث عن الخير في هذا الموسم فلا تجده.

ويقول الفلاح عبد المجيد العوض أن المطر عندما ينزل ويترك أثره على الأرض يقال في حوران “أوسمت الدنيا” حيث يقسم الوسم إلى وسم المال ووسم الحلال والوسم البدري وهناك تحديد معين لبداية العام الزراعي عند الفلاح الحوراني وهو 14 أيلول عيد الصليب ويعتبره بداية الشتاء وفى هذا التاريخ يبدأ الطقس بالبرودة ويقول الناس “مالك صيف بعد الصليب”.

ويعتبر كثيرون أن بداية فصل الخريف وهو 22 أيلول بداية الشتاء ويقولون “إن أبرقت على الصليب ما بتغيب” أي إذا حصل برق في أيام الصليب فلا يتأخر المطر كثيرا والبرق علامة من علامات المطر ويأتي الرعد بعد البرق ويقول الفلاح “إن أبرقت وأرعدت أعلم أن مزاريبها طرطقت” والطرطقة هى صوت المزراب كما يعتبر ظهور قوس قزح علامة توحي بنزول محتمل للمطر ويقولون “إن قوست من عشية دور مغارة دفية” دافئة وعلى العكس “إن قوست عن باكر أحمل عصاتك وسافر ” وفي هذه الحال عند وجود قوس قزح في الأفق الغربي يكون هطل المطر محتملا جدا ومن الأدلة على جودة الموسم أو رداءته وجود الطيور المهاجرة إلى حوران فمثلا عندما يشاهدون الحمام يقولون أفرش ونام وهذه دلالة على عدم جودة الموسم وعندما يشاهدون الزرزور يقولون إحرث في البور وهذه دلالة على جودة الموسم وعندما يشاهدون طائر القطا يقولون نام بلا غطا وهذه دلالة على عدم وقوع البرد والعواصف والمطر وبالتالى عدم جودة الموسم.

وثمة إشارات فى حوران على قدوم الموسم وهطل الأمطار فمثلا ظهور نوع من الديدان الأسطوانية المسماة المغيط وظهور نجم سهيل في السماء مؤشران على بداية موسم الأمطار و يقولون في الأمثال الشعبية الحورانية “إن طلع سهيل أوي الخيل” أي ادخلها إلى الأسطبل.

ويقول الفلاح الحوراني ما في مطر بلا ريح ويربط بين طبيعة الرياح وأثرها على الإنسان فالهواء القوي البارد لا ينتهي إلا بالمطر ويقولون إن هب الهوا غربي يا فرحتك يا قلبي وذلك لأن الهواء الغربي يأتي من البحر وهو مشبع ببخار الماء والرطوبة وبالتالي يكون ماطرا وإن كان الهواء شرقيا فيقولون لا رعد ولا برقي /برق/ فهو جاف لأنه يأتي من البادية ويجفف الأرض والزرع وينذر بعام جدب وإن كان الهواء شماليا يقولون يا حسرتكم يا عيالي فالهواء الشمالي بارد وغير ماطر وضار بالزرع ويعتقدون أن الهواء الشمالي يطرد المطر لأنه بارد وإذا كان الهواء جنوبيا يقولون إن كان الهوا قبلي أفرح يا قلبي فالهواء الجنوبى كما الغربي يبشر بالمطر.

ويوصف الحوارنة شهري كانون الأول والثاني بأنها فحل الشتاء و في المربعانية أي الأيام الأربعون الأولى من فصل الشتاء التي تبدأ في ال 23 من شهر كانون الأول يخلد الناس للسكينة والراحة لأن هذه الايام تتميز بالبرد الشديد وسقوط البرد ونزول الثلج على المرتفعات وتظهر صورة شباط في المأثور الشعبي الحوراني على أنها صورة شهر غير محددة الهوية والملامح فيحتمل أن يكون هذا الشهر باردا وماطرا ويحتمل أيضا أن يكون مشمسا وصحوا ويقولون شباط ما في على كلامه رباط إذ لا انتظام في أحواله الجوية حيث تسطع شمسه ويصفو جوه ويشيع فيه الدفء ثم فجأة تهب الريح ويعم البرد وتظهر الغيوم وهو الشهر الذى يشم الناس فيه رائحة الصيف ويقولون شباط “إن شبط وإن لبط ريحة الصيف فيه” أي لو نزل المطر فيه مدرارا ففيه تباشير ورائحة الصيف وفي شباط تنزل الجمرات الثلاث فالجمرة الأولى قبل أو بعد يومين من اليوم السابع منه وتسمى جمرة الهواء الدافيء وتنزل الجمرة الثانية في 14 شباط وتسمى جمرة الميه /المياه/ إذ تصبح المياه دافئة و تنزل الجمرة الثالثة في اليوم ال 12 منه وتسمى جمرة الأرض إذ تصبح الأرض دافئة.

أما شهر آذار.. ففيه يحيا الشجر ويحمل في طياته الشعور الطيب بانطلاقة الحياة بعد جمودها في الشتاء وهو بداية الربيع وشهر النزهات وهو شهر العشق والغزل والحب وإحياء الأمال والتفاؤل بالحياة وهو شهر العشب والأراضي الخضراء والجمال والدفء والمتعة.

ويقولون أن أمحلت وراها ايدار/ آذار/ وإن غلت وراها ايدار كما يقولون آذار أبو الزلازل والأمطار بآذار بتبيض العنقا والبنقا وفي آذار يتساوى الليل والنهار .

أما الخمسينية فمدتها في حوران حسب علية الحسين 50 يوما تمتد من 21 كانون الثاني وحتى 12 آذار وتقسم هذه الفترة إلى أربعة أقسام كل قسم مدته اثنا عشر يوما.

ونصف اليوم وهي .. سعد ذابح وهي فترة باردة وسبب تسميته هو أن أربعة أشقاء سافروا في هذه الفترة ففاجأهم البرد في الطريق فلم ينج منهم سوى واحد اسمه سعد حيث بادر إلى ذبح جمله والاختباء في بطنه من شدة البرد والمطر وقد هلك إخوته لأنهم لم يفعلوا فعله فقيل السعادة من حظ الذي ذبح جمله وسمى سعد ذابح و يمتد من 12 كانون الثاني وحتى 3 شباط والقسم الثاني سعد السعود ويمتد من 3 إلى 16 شباط وفيه تدب الحياة في العود أي تدخل الحياة للنبات وهذه الفترة دافئة والقسم الثالث سعد بلع ويمتد من 16 شباط إلى 1 آذار وفي هذه الفترة تبلع الأرض كل مياه المطر الهاطلة ويمتد القسم الرابع سعد الخبايا من 1 آذار وحتى 21 آذار ويقولون في سعد الخبايا تطلع الحيايا الأفاعى وفي سعد الخبايا بتتفتل الصبايا على اعتبار أن شهر آذار هو شهر العشق والغزل .

وشهر نيسان عند أهل حوران هو شهر الخمسان أي شهر الخميس ففي كل يوم خميس من هذا الشهر يجرى احتفال مشهود والسبب في أن نيسان هو الشهر المفضل للاحتفالات لأنه شهر الربيع والجمال وينبض بالدفء والحرارة ويعتبر شهر نيسان الحد الفاصل بين الشتاء والصيف ويقولون في المأثور الشعبي الحوراني مطرة نيسان بتحيي الإنسان وبتسوي العدة والفدان وفى شهر نيسان تنتهي أعمال المحراث والفدان ومع دخول الدفء والشمس ينضج العنب والتين ويقولون في آيار أحمل منجلك وغار وفي تموز يغلي الماء بالكوز وفي آب اقطف ولا تهاب وفي الصيف مواسم الغلال والمحاصيل الشتوية ففيه تحيا الأمال بزواج الشباب وبناء البيوت وسداد الديون إذا كانت الغلال جيدة وفيه خيبة للآمال إذا كان العام قحطا وجدبا ويبدأ الشهر القمري العربي حسب الروزنامة القمرية بظهور الهلال وتقسم السنة بالروزنامة القمرية إلى سبعة أقسام ومدة كل قسم خمسون يوما القسم الأول حسب أحد العاملين بتوثيق التراث الحوراني عبد الرحمن الفهد قسم حصاد العدس والكرسنة والثاني حصاد القمح والشعير والقسم الثالث مدته 45 يوما والرابع موعد قطاف الزيتون وعصر الزيت والخامس للحراثة والبذار والقسم السادس فترة الشتاء الحقيقي والسابع وهو فترة الصيام وبواسطة النجوم كان الفلاح الحوراني يحدد الوقت والجهات وأهم هذه النجوم “نجمة الصبح ..وبنات نعش الثريا ..الدب الأكبر.. الدب الأصغر .. نجم القطب القمر الهلال البدر”.

انظر ايضاً

في شهر رمضان.. (المقطعة) سيدة الأكلات الشعبية بدرعا

درعا-سانا تتعدد أنواع المأكولات التراثية على المائدة الحورانية في الشهر المبارك ولا سيما مأكولات البياض، …