الشريط الإخباري

في مقصّ التحالف

إلى أين تتجه بوصلة «التحالف» الآن؟
وهل للتسوية الخليجية ـ الخليجية دور في تنفيذ الهدف الذي تركزت عينا التحالف عليه، بالذريعة نفسها: محاربة «داعش» والقضاء عليه؟
عين التحالف المزعوم الآن على ليبيا التي دمرتها فوضى «الديمقراطية الغربية»، ولكن الهدف الأهمّ هو الجزائر التي كان من المفترض, في المخطط «الاستراتيجي» التقسيمي الأميركي, أن تكون بعد سورية، لكن سورية التي أوقفت الزحف «الديمقراطي» أخّرت المخطط بما أبدته, ومازالت, من صمود أسطوري أبطاله ثالوثها: الشعب, والجيش, والقائد.
وإلا، ما معنى أن تتجه أنظار التحالف إلى شمال إفريقيا وفق خطة أميركا التي تكشف رؤيتها في الانتشار… أما كيف؟ فهو سؤال سيجيب عنه طلب أميركا وفرنسا من الجزائر، تقديم تسهيلات عسكرية للتحالف الدولي ضد «داعش» بغية القضاء عليه في ليبيا.. ولا يتعلق الأمر بالجزائر فقط، فما هو مطلوب منها مطلوب من تونس ومصر المجاورتين لليبيا، وذلك بغية فتح الأجواء أمام غارات التحالف الذي سيدخل مشروعه مرحلةً جديدةً، من مراحل السيطرة وذلك «بوضع اليد، والقواعد»وفق السيناريو الديمقراطي نفسه أيضاً, وبالذريعة نفسها أيضاً, وهي القضاء على «داعش» الذي صنعه الغرب نفسه ودرّبه، وأطلق مرتزقته إلى المنطقة، وليس أدلّ على ذلك مما كشفته وثائقهم التي ذكرنا بعضها سابقاً من أن «داعش» في المغرب العربي ما هو إلا صنيعة «إسرائيل» والسعودية.. فكيف سيتمّ القضاء عليه بالسيناريو نفسه الموظّف, دولياً وغربياً!!.
وفي البعد نفسه, وإذا ما أخذنا في الحسبان ما طلبته فرنسا من مالي أيضاً بحجة القضاء على «داعش»، نرى أن الجزائر ستقع بين فكّي كماشة التحالف وادّعائه القضاء على «داعش» في ليبيا.. انطلاقاً من الهدف غير المعلن، تحت مظلة القضاء على الإرهاب.. ولاسيما في ضوء ما تتضمنه خطة الانتشار الأميركية في شمال إفريقيا، من حيث التدخل في عدة مناطق في بعض دول المنطقة المهدّدة بالفوضى، بذريعة إجلاء الرعايا الغربيين، والسيطرة على بعض المناطق الحيوية التي يمكنها تهديد سلامة التجارة البحرية الدولية عبر البحر الأبيض المتوسط، حسبما تقول التقارير.
إذاً، انتقال المشروع إلى السيطرة على السواحل البحرية، يدخل عمقاً جديداً في مشروع أميركا «الاستراتيجي» وحلفائها، ويؤكد بلغته الحالية، تحت زعم القضاء على «داعش» في شمال إفريقيا، والانتشار فيه حيطةً وحذراً، أن المخطط يسير على نحو أسرع مما هو متوقع، وقد بدئ في تنفيذ أجندته التي لم يخفها التحليل السياسي منذ عام 2011، إذ كانت بريطانيا وفرنسا تعدّان لاتفاق مشترك قبل أشهر من اندلاع الأحداث الليبية، في حين كانت أجهزة الاستخبارات الأجنبية وقوات من دول «ناتو» والخليج العربي في داخل الأراضي الليبية، يقومون بالدور نفسه, والهدف من زعزعة الاستقرار في دول شمال إفريقيا، هو تحقيق المطامع الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط, مشرقها ومغربها، وهم يرون أن هذا السيناريو لابد منه لتحقيق هذه الأطماع، بوجود حمائم وصقور وعصافير، لا يهمّ، المهم هو تنفيذ الهدف الذي هو السيطرة على ثروات المنطقة وعلى منابع النفط فيها خاصة.
صحيحٌ أن مشروع أميركا وحلفائها وأدواتها أخّره الصمود السوري، ولكن.. استعجال الخطوات التالية جعل التحالف، وبالبدعة نفسها: محاربة «داعش» يتجه نحو شمال إفريقيا الذي ستحاصر فيه الجزائر، من خلال القواعد العسكرية المتوقعة التي ستقام على أراضيها بحجة محاربة «داعش»، ومن خلال مالي المستعمرة الفرنسية والمنصة المقابلة المطلّة عليها.. وها هي الصحف الفرنسية قد بدأت تضع الرئيس الجزائري وعدم الرضا عنه على صفحاتها المأجورة، بغية الترويج لما قد يحدث مستقبلاً، وتهيئة الرأي العام الغربي بالقول: لماذا الجزائر الآن؟.
الجزائر التي تملك ثروات خلاقة، لن تتركها الأطماع الاستعمارية الغربية أبداً، ولاسيما أنها جسدت النَفَس العروبي القومي بمواقفها من سورية، إذ كانت من أولى الدول التي وعت ما يجري على الأراضي السورية من مخططات ستطول دول المنطقة بأكملها، وعلى رأسها سورية.
والجزائر مدعوّة الآن إلى الحيطة والحذر، وإلى عدم الركون للنيّات المبيّتة، تحت مظلة محاربة «داعش» في ليبيا، وذلك باستخدام الأراضي والأجواء المجاورة، لأن الإرهاب الممتد الذي صنّعه الغرب، يسارع الآن ليس للقضاء عليه، وإنما لوضع قدمه على فمه، يرفعها عنه متى يشاء، ويطبقها عليه متى يشاء، خدمةً لمشروعه الاستعماري القذر المرسوم للمنطقة التي عليها أن تتجنّب مقصّ التحالف وكذبته في محاربة «داعش» والعراب المغرب بطاقمه اليهودي..!! وللجميع لهم في سورية قدوةً.
بقلم د.رغداء مارديني

انظر ايضاً

الرئاسة الفلسطينية تدين استخدام الولايات المتحدة “الفيتو” لمنع حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة